في واقعة هزّت الشارع الطنطاوي وأثارت الرأي العام، عثرت الأجهزة الأمنية في الغربية على جثة طبيب شهير داخل شقته بمنطقة الإستاد بمدينة طنطا، وهو مكبّل اليدين والقدمين داخل غرفة نومه، في مشهد يحمل كل ملامح جريمة قتل متعمدة وغامضة.
الجريمة أثارت الذهول، ليس فقط بسبب بشاعتها، ولكن لأنها وقعت في واحدة من أهدأ المناطق السكنية وأكثرها أمانًا، ولأن الضحية من الأسماء المعروفة في مجال الطب، ويتمتع بسمعة طيبة بين مرضاه وزملائه.
وفقًا للمعلومات الأولية التي توصلت إليها الأجهزة الأمنية، فقد ورد بلاغ إلى قسم شرطة طنطا من أحد أقارب الطبيب، يفيد بانقطاع الاتصال به لأكثر من 24 ساعة، وهو أمر غير معتاد بالنسبة له.
حين انتقلت قوة أمنية إلى محل إقامته في شارع النحاس، تم فتح الشقة بعد الحصول على إذن من النيابة، وكانت المفاجأة:
الطبيب ملقى على الأرض داخل غرفة النوم
يداه وقدماه مكبلتان بحبل غليظ
آثار كدمات واضحة على الوجه والصدر
لا وجود لأي علامات كسر أو عنف بالأبواب والنوافذ
كل هذه التفاصيل أثارت الشكوك بأن الجريمة لم تكن بدافع السرقة فقط، بل ربما كانت مدبّرة بعناية وبمساعدة طرف قريب من الضحية.
الضحية هو الدكتور (س.ع)، استشاري أمراض القلب، ويبلغ من العمر 56 عامًا.
معروف بحضوره الدائم في المؤتمرات الطبية.
يمتلك عيادة خاصة بجوار المستشفى التعليمي.
لم يسبق له الدخول في أي نزاعات مهنية أو شخصية.
حسب أقوال الجيران، كان يعيش بمفرده منذ وفاة زوجته قبل عامين، وليس لديه أبناء، ويقضي أغلب وقته في العيادة أو في المنزل. ويؤكد السكان أنه شخصية خلوقة وهادئة.
قال أحد الجيران في التحقيقات:
«آخر مرة شُوهد فيها الدكتور كانت مساء يوم الأحد حوالي الساعة الثامنة، كان نازل يجيب دواء من الصيدلية، وبعدها ما حدّش شافه تاني».
وأكد آخر أن الأنوار كانت مضاءة طوال الليل في الشقة، وهو أمر غير معتاد، ما أثار الشكوك، خاصة مع توقف هاتفه المحمول عن الرد.
تحقيقات المباحث بدأت فورًا في مراجعة كاميرات المراقبة الخاصة بالعمارة والمحال المجاورة، وتم بالفعل رصد دخول شخص غريب إلى العقار في ساعة متأخرة من الليل، يحمل حقيبة كبيرة ويضع كمامة ونظارة.
الغريب أن نفس الشخص خرج بعد نحو ساعة ونصف، دون الحقيبة، مما يرجح أنه استبدل ملابسه داخل الشقة وغادر دون أن يثير الانتباه.
حتى الآن لم يتم تحديد هوية المشتبه به، لكن الأجهزة الأمنية كثّفت جهودها لتحليل بصمات اليد والحمض النووي من موقع الجريمة، وتم التحفظ على كل أدوات الطبيب وأغراضه.
وفقًا لتحليل أولي لمسار التحقيق، فإن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة تدور حول الجريمة:
أصدرت مديرية أمن الغربية بيانًا مقتضبًا قالت فيه:
«جارٍ فحص كل الملابسات المحيطة بالواقعة، وتم تشكيل فريق بحث موسع من ضباط البحث الجنائي لكشف ملابسات الجريمة الغامضة، ونحن نناشد المواطنين التعاون الكامل والإبلاغ عن أي معلومات تتعلق بالحادث».
وأكد البيان أن التحقيقات مستمرة، ولا يتم استبعاد أي فرضية حتى الآن.
ما إن انتشرت أنباء الحادث حتى ضجّت منصات السوشيال ميديا بصور الطبيب ورسائل الحزن والدعاء له، مع تداول قصص عن مواقفه الإنسانية مع المرضى.
وأطلق البعض هاشتاج #حق_دكتور_طنطا، للمطالبة بالإسراع في كشف الجاني، وعدم ترك القضية تُنسى مع مرور الوقت.
تقرير الطب الشرعي المبدئي كشف أن الوفاة تمت نتيجة الخنق باستخدام وسادة أو قطعة قماش، ما يعزز فرضية أن القاتل كان حريصًا على عدم ترك آثار واضحة.
كما وُجدت آثار مقاومة خفيفة على أظافر الضحية، مما يشير إلى محاولة منه لفك القيد، لكن المفاجأة أن القيد كان من النوع الاحترافي المستخدم فى التدريبات الرياضية.
من المتوقع أن تُعلن وزارة الداخلية خلال ساعات عن نتائج تحليل الحمض النووي، كما يتم التحقيق مع عدد من المحيطين بالضحية، بينهم:
سكرتيرة العيادة
أحد زملائه الأطباء
بواب العمارة الذي يعمل بها منذ سنوات
وسيتم مطابقة أي بصمات تم العثور عليها داخل الشقة مع قاعدة بيانات وزارة الداخلية.
الجريمة التي راح ضحيتها الطبيب الشهير في طنطا ليست مجرد جريمة قتل عادية، بل صدمة مجتمعية لمدينة اعتادت السكينة. وجود الضحية في قلب أحد الأحياء الراقية، وطريقة مقتله الغامضة، جعلت القضية تأخذ طابعًا استثنائيًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt