يُنظر عادة إلى الفاكهة على أنها الخيار الغذائي الأمثل، لما تحتويه من فيتامينات ومعادن وألياف ضرورية لصحة الجسم، وهي بالفعل جزء لا غنى عنه من أي نظام غذائي متوازن. غير أن الكثير من الناس يجهلون حقيقة أن بعض أنواع الفاكهة تحتوي على كميات كبيرة من السكريات الطبيعية، والتي إذا لم يتم تناولها بحذر قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، خاصة لدى مرضى السكري، أو من يسعون لإنقاص الوزن أو الحفاظ عليه.
السكر الموجود في الفواكه ليس مضافًا صناعيًا، بل هو طبيعي في تركيب الفاكهة نفسها، ويعرف علميًا باسم "الفركتوز". إلا أن تأثيره على الجسم لا يختلف كثيرًا من حيث المفعول النهائي، خصوصًا إذا تم تناول الفاكهة بكميات كبيرة. فالإفراط في استهلاك الفواكه الغنية بالسكر قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، وزيادة الوزن، وربما مشاكل في الكبد في حالات معينة.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أكثر أنواع الفاكهة التي تحتوي على نسب مرتفعة من السكر، ونوضح كيف يمكن الاستفادة من قيمتها الغذائية دون الوقوع في فخ الإفراط، مع تقديم نصائح غذائية تساعد على تناول الفواكه بطريقة صحية ومتزنة.
السكر الموجود في الفاكهة يُعتبر من السكريات الطبيعية غير المصنعة، وهو يختلف من الناحية التركيبية عن السكر الأبيض المُكرر. ومع ذلك، فإن الجسم يعالج هذا السكر بنفس الطريقة إلى حد كبير، خصوصًا إذا كانت الكمية المتناولة زائدة عن الحد.
الميزة الوحيدة التي تملكها الفاكهة على الحلويات الصناعية هي احتواؤها على الألياف، والتي تبطئ من امتصاص السكر وتمنع الارتفاع السريع في مستويات الجلوكوز. ومع ذلك، إذا تم تناول كميات كبيرة من الفاكهة الغنية بالسكر، فإن هذه الألياف لا تكون كافية لحماية الجسم من آثار السكر.
هذا يجعل من الضروري الانتباه ليس فقط إلى نوع الفاكهة، بل أيضًا إلى حجم الحصة اليومية.
فيما يلي أكثر أنواع الفاكهة التي تحتوي على نسب مرتفعة من السكر مقارنة بغيرها:
يُعد التمر من أكثر الفواكه تركيزًا في السكريات. تحتوي الحبة الواحدة من التمر (حوالي 7 جرامات) على ما يقرب من 5 جرامات من السكر. لذلك، فإن تناول عدة تمرات يمكن أن يرفع السكر بشكل ملحوظ، رغم فوائده الكبيرة.
العنب، خاصة الأحمر، يحتوي على كميات عالية من السكر. كل كوب من العنب يحتوي على حوالي 23 جرامًا من السكر. ومع أن العنب غني بمضادات الأكسدة، إلا أن الإكثار منه قد لا يناسب مرضى السكري أو من يتبعون نظامًا غذائيًا منخفض الكربوهيدرات.
ثمرة المانجو الواحدة قد تحتوي على أكثر من 45 جرامًا من السكر، ما يجعلها من أعلى الفواكه سكرًا. لذلك، ينصح بتناول شريحة أو اثنتين فقط، خاصة في حال اتباع حمية غذائية معينة.
سواء كان طازجًا أو مجففًا، يحتوي التين على نسب عالية من السكر. حبة التين الواحدة الطازجة تحتوي على ما يقارب 8 جرامات من السكر، بينما تحتوي الحبة المجففة على نحو 16 جرامًا.
الموز فاكهة مغذية وشائعة، إلا أنه يحتوي على حوالي 14 جرامًا من السكر لكل موزة متوسطة الحجم. ويزيد مستوى السكر كلما كانت الثمرة ناضجة أكثر.
يحتوي كوب واحد من قطع الأناناس على أكثر من 16 جرامًا من السكر. ومع أنه غني بفيتامين C والأنزيمات المفيدة للهضم، يجب الانتباه إلى الكمية عند تناوله.
يعد الكرز من الفواكه الصغيرة التي تحتوي على سكر مركز. كوب من الكرز قد يحتوي على 18 جرامًا من السكر. وهو من الفواكه التي يتم تناولها بكميات كبيرة بسبب حجمها الصغير، ما يزيد من كمية السكر المتناولة دون أن يشعر الشخص.
رغم الفوائد المعروفة للحمضيات، فإن ثمرة البرتقال المتوسطة تحتوي على حوالي 12 جرامًا من السكر. اليوسفي أيضًا يحتوي على سكر طبيعي يقارب هذه النسبة.
يعتقد الكثير من الناس أن تناول الفاكهة غير محدود، لأنها طبيعية وصحية. لكن الحقيقة أن الاعتدال هو الأساس، خاصة لمن يعانون من:
السكري أو مقدماته
السمنة أو زيادة الوزن
أمراض الكبد الدهني
متلازمة الأيض
ارتفاع ضغط الدم أو الدهون الثلاثية
الفاكهة في هذه الحالات يجب أن تُستهلك بكميات محسوبة وتحت إشراف مختص غذائي إن أمكن.
احرص على تناول الفاكهة الكاملة بدلاً من العصير، لأن العصائر (حتى الطبيعية منها) تحتوي على كميات كبيرة من السكر وتفتقر للألياف.
قسّم استهلاكك للفاكهة على مدار اليوم، بدلاً من تناول كمية كبيرة مرة واحدة.
اختر الفواكه منخفضة السكر نسبيًا، مثل التوت، الفراولة، الكيوي، الجوافة، والكمثرى.
تناول الفاكهة مع مصدر للبروتين أو الدهون الصحية (مثل المكسرات) للمساعدة في تقليل امتصاص السكر.
راقب تأثير الفاكهة على مستوى السكر في الدم إذا كنت مريض سكر، واستخدم أجهزة القياس المنزلية للتأكد.
نعم، الفاكهة المجففة تحتوي على تركيز أعلى بكثير من السكر بسبب إزالة الماء منها، مما يجعلها أكثر كثافة في السكريات والسعرات الحرارية. حفنة صغيرة من الزبيب أو التين المجفف قد تحتوي على كمية سكر تعادل ضعف أو ثلاث أضعاف الكمية الموجودة في نفس الوزن من الفاكهة الطازجة.
في أنظمة إنقاص الوزن أو الكيتو دايت أو مرضى السكري، يُنصح بالتركيز على الفواكه التي تحتوي على:
أقل من 10 جرامات من السكر لكل 100 جرام
مؤشر جلايسيمي منخفض (لا ترفع السكر بسرعة)
غنية بالألياف والماء مثل الجريب فروت، البطيخ، والخوخ
مع ضرورة مراجعة أخصائي تغذية لتحديد الكميات المناسبة وفقًا للحالة الصحية والوزن.
الاعتقاد بأن الفاكهة صحية على الإطلاق قد يؤدي إلى استهلاك مفرط وغير محسوب للسكر الطبيعي، ما ينعكس سلبًا على صحة الجسم، خاصة في ظل نمط الحياة الحديث الذي يتسم بقلة الحركة وكثرة السعرات.
الوعي الغذائي هو أساس التغذية الصحية، ويبدأ من فهم أن "الطبيعي" لا يعني دائمًا "آمنًا بدون قيود". وبالتالي، فإن اختيار نوع الفاكهة المناسب، والالتزام بالكميات الموصى بها، يجعل منها عنصرًا مفيدًا وآمنًا في أي نظام غذائي.
الاعتدال، التنوع، والوعي بالقيم الغذائية هي المفاتيح الأساسية للاستفادة من الفواكه دون الوقوع في فخ السكر الطبيعي.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt