في زمن أصبحت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، يعاني الملايين من إرهاق العين نتيجة الاستخدام المفرط لأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة. سواء كنت تعمل من المنزل أو تقضي ساعات في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاهدة الفيديوهات، فهناك آثار سلبية مباشرة على صحة عينيك قد لا تنتبه لها إلا بعد فوات الأوان.
يشير الأطباء إلى أن "إجهاد العين الرقمي" أصبح من أبرز المشكلات الصحية في القرن الحادي والعشرين، نتيجة لتغير نمط الحياة واعتمادنا الكبير على التكنولوجيا. ويؤكدون أن الوقاية والعلاج المبكر يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة الرؤية ويمنع المضاعفات طويلة الأمد.
إرهاق العين، المعروف أيضًا باسم "إجهاد العين الرقمي"، هو حالة مؤقتة تصيب العين بعد فترات طويلة من التركيز على الشاشات. وتشمل الأعراض الشائعة:
الشعور بحرقة أو وخز في العين.
زغللة أو تشوش في الرؤية.
جفاف العين أو فرط الدموع.
صداع مستمر أو ضغط في الجبهة.
ألم في الرقبة والكتفين نتيجة الوضعية الخاطئة أثناء استخدام الأجهزة.
هذه الأعراض تظهر عادة بعد ساعات من العمل المتواصل على الشاشات، وتزيد شدتها مع الإضاءة غير المناسبة أو ضعف الرؤية أو الإعدادات السيئة للشاشة.
هناك مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى تفاقم إرهاق العين عند استخدام الأجهزة الإلكترونية، ومن أبرزها:
عدم إعطاء العين وقتًا للراحة.
تثبيت النظر لفترات طويلة دون رمش أو تغيير الاتجاه.
الإضاءة القوية أو الخافتة جدًا في الغرفة.
الانعكاسات على شاشة الجهاز أو توهج الضوء.
الجلوس في وضعية غير صحيحة أثناء الاستخدام.
كما أن بعض الأشخاص يستخدمون الأجهزة الذكية في الظلام أو على مسافة قريبة جدًا، مما يضاعف الضغط على عضلات العين ويؤدي إلى تعبها بسرعة أكبر.
رغم أن إرهاق العين لا يعتبر مرضًا خطيرًا، إلا أن تجاهله قد يؤدي إلى مشكلات مزمنة في الرؤية، مثل ضعف النظر أو الحساسية للضوء. لحسن الحظ، هناك العديد من الطرق التي تساعد في التخفيف من الإرهاق وتحسين صحة العين، أبرزها:
ينصح الأطباء باتباع قاعدة بسيطة للغاية لتقليل إجهاد العين:
كل 20 دقيقة، خذ استراحة لمدة 20 ثانية، وانظر إلى شيء يبعد عنك 20 قدمًا (حوالي 6 أمتار).
هذا التمرين البسيط يمنح عضلات العين فرصة للاسترخاء ويعيد ضبط تركيز النظر.
في بعض الأحيان، يؤدي استخدام الكمبيوتر لفترات طويلة إلى انخفاض معدل الرمش، مما يسبب جفاف العين. استخدام الدموع الاصطناعية أو القطرات المرطبة بدون وصفة طبية يمكن أن يساعد في ترطيب العين وتقليل الشعور بالحرقان أو التهيج.
تأكد من أن شاشة الكمبيوتر أو الموبايل مضبوطة على:
سطوع متوسط يتناسب مع إضاءة الغرفة.
حجم خط مريح للقراءة.
درجة حرارة لون دافئة (تجنب الألوان الزرقاء الساطعة).
كما يُفضل استخدام خاصية "الضوء الليلي" أو "Night Shift" في الأجهزة الذكية بعد غروب الشمس لتقليل إجهاد العين.
هناك أنواع خاصة من النظارات تُعرف بـ"نظارات الحماية من الضوء الأزرق"، وهي تساعد على تقليل تأثيرات الإضاءة الزرقاء المنبعثة من الشاشات على العين.
ينصح بها خصوصًا لمن يعملون لساعات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية، كما أنها تساعد في تحسين جودة النوم لأنها تقلل من تأثير الضوء الأزرق على هرمون الميلاتونين.
بعض التمارين البسيطة يمكن أن تعزز مرونة عضلات العين وتقلل من التعب:
تحريك العين بشكل دائري ببطء عدة مرات.
التركيز على إصبعك عند مسافة قريبة، ثم النظر لشيء بعيد بالتناوب.
إغماض العين لبضع ثوانٍ ثم فتحها مع الضغط الخفيف عليها براحة اليد.
هذه التمارين تُحسن الدورة الدموية داخل العين وتساعد في استعادة النشاط البصري.
تأكد من أن مكتبك مُعد بشكل صحي لتقليل الضغط على العين، عبر:
وضع الشاشة على بُعد لا يقل عن 50 سم من العين.
أن يكون مركز الشاشة في مستوى النظر أو تحته قليلًا.
استخدام إضاءة جانبية مناسبة وليست مباشرة على العين أو الشاشة.
تقليل التوهج عبر ستائر أو فلاتر للشاشة.
كل هذه التعديلات تقلل من العوامل المسببة لإرهاق العين وتعزز الراحة أثناء العمل.
الغذاء يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز صحة العين ومقاومة الإجهاد. من أبرز الأطعمة المفيدة:
الجزر: غني بفيتامين A المهم للرؤية.
السبانخ والبروكلي: يحتويان على اللوتين والزياكسانثين، وهما مضادان للأكسدة يدعمان شبكية العين.
الأسماك الدهنية: مثل السلمون والتونة، غنية بأوميجا-3 التي تحمي العين من الجفاف.
البيض: مصدر جيد للزنك الذي يحسن الرؤية الليلية.
كما يُنصح بشرب كميات كافية من الماء يوميًا للحفاظ على ترطيب الجسم والعين معًا.
إذا كنت تشعر بأن أعراض إرهاق العين لا تختفي حتى بعد الراحة أو تعديل السلوك، فقد يكون من الضروري زيارة طبيب العيون. خصوصًا إذا ظهرت أعراض مثل:
زغللة مزمنة في الرؤية.
حساسية زائدة للضوء.
آلام شديدة أو مستمرة في العين أو الرأس.
تدهور في الرؤية بمرور الوقت.
الفحص المبكر قد يكشف عن مشكلات في النظر تحتاج إلى تصحيح بالنظارات، أو عن حالات أكثر تعقيدًا تتطلب تدخلًا طبيًا.
استخدام الأجهزة الذكية أصبح أمرًا لا مفر منه في عصرنا، لكن حماية العين من الإجهاد ليست مستحيلة. عبر الالتزام ببعض العادات البسيطة والمنتظمة، مثل تنظيم فترات الراحة، وضبط الإضاءة، واستخدام القطرات المرطبة، يمكننا تقليل آثار الشاشات والحفاظ على صحة البصر لفترات أطول.
ولا تنس أن صحة عينيك ليست رفاهية، بل ضرورة لراحتك وجودة حياتك اليومية. ابدأ من اليوم في تطبيق النصائح، وستشعر بالفرق خلال أيام قليلة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt