يُعتبر السعي بين الصفا والمروة أحد الشعائر الأساسية التي يؤديها المسلمون أثناء مناسك الحج والعمرة، وهو ركن من أركان هذه العبادات لا تكتمل بدونه. ولكن مع الزحام الشديد أحيانًا، أو بسبب الجهل أو الإعياء، قد يتساءل بعض الحجاج والمعتمرين عن حكم ترك السعي، وما يترتب عليه من آثار شرعية.
في هذا المقال، نستعرض الحكم الشرعي لترك السعي سواء عمدًا أو نسيانًا، ونتناول آراء الفقهاء ومتى يُقبل العذر، وما يجب فعله في حال نسيان أداء هذا النسك المهم.
السعي هو التنقل سبع مرات بين جبلي الصفا والمروة داخل الحرم المكي، يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة. وقد شرعه الله تعالى اقتداءً بهاجر زوجة نبي الله إبراهيم عليه السلام، عندما كانت تبحث عن الماء لابنها إسماعيل.
أجمعت المذاهب الأربعة (الحنفية، المالكية، الشافعية، والحنابلة) على أن السعي ركن من أركان الحج والعمرة. وبالتالي، لا يصح الحج أو العمرة بدونه.
فمن تركه عمدًا بطل نسكه، ومن تركه نسيانًا وجب عليه الرجوع للسعي فورًا إذا تذكر وكان ما يزال في مكة. وإن لم يستطع فعليه إتمام السعي لاحقًا، وإذا لم يفعل لغير عذر، فإن نسكه غير صحيح.
بعض الفقهاء المعاصرين رجّحوا أن من ترك السعي نسيانًا، وكان قد غادر مكة بالفعل، فله أن يعود ليؤديه متى استطاع. وإذا تعذر عليه العودة، فعليه أن يذبح فدية، لكن هذا الرأي لا يُغني عن السعي بل هو احتياط لمن تعذر عليه الرجوع.
إذا كان الحاج أو المعتمر في حالة لا تسمح له بالحركة، كالإغماء أو التعب الشديد، فيجوز له تأجيل السعي حتى تتحسن حالته الصحية. وإذا استحال عليه أداؤه تمامًا، يجوز له توكيل من يسعى عنه، بشرط ألا يكون ذلك إهمالًا منه، بل لعذر قهري.
إذا أتم الشخص مناسكه وغادر مكة ثم علم لاحقًا أن السعي ركن، فعليه العودة متى استطاع، ولو بعد مدة طويلة، لإتمام السعي. فإن لم يتمكن، فهنا يختلف العلماء في وجوب الفدية أو إعادة النسك كاملًا.
الركن: لا يصح النسك إلا به، ولا يُجبر بدم. كالسعي، والطواف، والوقوف بعرفة.
الواجب: يصح النسك بدون أدائه، لكن يجب فيه فدية. كالمبيت بمنى أو رمي الجمرات.
وعليه، فالسعي من الأركان، أي أنه لا غنى عنه، ولا يجوز تركه حتى مع الفدية.
الترتيب الصحيح في المناسك أن يأتي السعي بعد الطواف، وهو ما فعله النبي ﷺ. ولكن إن سعى قبل الطواف بسبب الجهل أو الاضطرار، ففيه خلاف بين العلماء، والأكثرية تُرجح بطلانه ويُعاد الطواف والسعي بالترتيب الصحيح.
في العمرة، يُعتبر السعي جزءًا لا يتجزأ منها، ولا تكتمل العمرة بدونه. فهو يُؤدى بعد الطواف مباشرة، ويُشترط أن يكون في نفس الزيارة. بينما في الحج، يمكن أن يفصل بين الطواف والسعي مدة زمنية بشرط أن تكون هناك ضرورة.
السعي الواجب: في الحج والعمرة، بعد الطواف.
السعي المستحب: لا يوجد شيء اسمه "سعي مستحب" خارج الحج والعمرة، لكن يُستحب الإسراع في السعي بين العلامتين الخضراوين للرجال، وهو من سنن السعي.
الاطلاع على مناسك الحج والعمرة مسبقًا من مصادر موثوقة.
الاستعانة بمطوف أو مرشد ديني خلال أداء المناسك.
توثيق كل خطوة أثناء المناسك للتأكد من إتمامها بشكل صحيح.
السؤال الفوري عند أي شك أثناء الطواف أو السعي.
الحرص على تنفيذ المناسك بالترتيب والعدد الصحيح.
السعي بين الصفا والمروة ليس مجرد شعيرة شكلية، بل هو ركن أساسي من أركان الحج والعمرة لا يجوز إغفاله أو التهاون فيه. تركه يُفسد النسك، ولا يجبر بفدية أو دم، إلا في حالات نادرة جدًا كالعجز التام أو الجهل البين مع التعذر على العودة.
وبالتالي، فإن على المسلم المتوجه لأداء المناسك أن يُلم بجميع أركانها، ويستعين بأهل الخبرة والدراية لضمان أداء المناسك بشكل صحيح يرضي الله، ويُجنب المسلم الوقوع في الأخطاء التي قد تُبطل النسك أو تنقص من أجره.
هل تود المتابعة بعنوان مقالة جديدة؟
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt