أثارت دراسة طبية حديثة حالة من الجدل والاهتمام بعد أن كشفت عن وجود علاقة بين الإصابة المزمنة بـ"جرثومة المعدة" وازدياد احتمالية الإصابة ببعض أنواع السرطان، وعلى رأسها سرطان المعدة. ورغم أن الجرثومة شائعة لدى نسبة كبيرة من الناس، إلا أن الإهمال في علاجها قد يتحوّل من عرض مزعج إلى خطر يهدد الحياة.
في هذا التقرير نستعرض تفاصيل العلاقة بين جرثومة المعدة والسرطان، وأهم طرق الوقاية والعلاج لحماية الجهاز الهضمي من المضاعفات الخطيرة.
جرثومة المعدة، أو ما يُعرف علميًا باسم "هيليكوباكتر بيلوري"، هي نوع من البكتيريا التي تعيش في بطانة المعدة، وتنتقل غالبًا من شخص إلى آخر عبر الفم أو الطعام والمياه الملوثة. في حالات كثيرة، لا تسبب الجرثومة أعراضًا واضحة، لكنها قد تتطور لتُحدث التهابات وتقرحات مزمنة في جدار المعدة.
أوضحت الدراسة أن الإصابة المزمنة بجرثومة المعدة تؤدي إلى التهابات مستمرة في الغشاء المبطن للمعدة، ما قد يسبب تغيّرات خلوية غير طبيعية مع مرور الوقت. هذه التغيّرات، إذا لم تُعالج، قد تتطوّر تدريجيًا إلى:
قرحة مزمنة
ضمور في خلايا المعدة
تغيّرات ما قبل سرطانية
أخيرًا: سرطان المعدة أو الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة
الخطورة تكمن في أن هذه التطورات تحدث ببطء، وغالبًا بدون أعراض حادة، مما يصعّب اكتشافها في مراحل مبكرة.
رغم أن البعض لا يشعر بأي أعراض، إلا أن هناك إشارات قد تدل على وجود الجرثومة، منها:
ألم أو حرقة في المعدة، خاصة بعد الأكل
انتفاخ متكرر
فقدان شهية
غثيان أو شعور بعدم الارتياح
فقدان وزن غير مبرر
رائحة فم كريهة مستمرة
في الحالات المتقدمة: وجود دم في القيء أو البراز
يمكن اكتشاف الجرثومة بعدة طرق تشمل:
اختبار النفس (Urea Breath Test): للكشف عن وجود البكتيريا عبر تحليل ثاني أكسيد الكربون.
تحليل الدم أو البراز: للكشف عن أجسام مضادة أو آثار البكتيريا.
المنظار: في الحالات التي تتطلب رؤية مباشرة لجدار المعدة وأخذ خزعة.
للوقاية من هذه البكتيريا، يُنصح باتباع الخطوات التالية:
غسل اليدين جيدًا قبل تناول الطعام وبعد استخدام الحمام
تجنّب تناول الأطعمة أو المشروبات الملوثة
عدم مشاركة الأدوات الشخصية أو الطعام مع الآخرين
الاهتمام بنظافة الخضروات والفاكهة
تجنّب الإفراط في تناول المسكنات التي تضعف جدار المعدة
يعتمد علاج الجرثومة على خطة دوائية تُعرف باسم "العلاج الثلاثي"، والتي تشمل:
مضادان حيويان: للقضاء على البكتيريا
مثبط لمضخة البروتون: لتقليل إفراز أحماض المعدة والمساعدة في التئام التقرحات
أحيانًا يُضاف علاج رابع في الحالات المعقدة أو المقاومة
تستمر مدة العلاج عادة من 10 إلى 14 يومًا، ويجب الالتزام به كاملًا حتى لو تحسنت الأعراض.
نعم، يمكن الشفاء من جرثومة المعدة بشكل نهائي إذا تم التشخيص والعلاج مبكرًا، مع الالتزام بالتعليمات الطبية ومتابعة ما بعد العلاج للتأكد من القضاء التام على البكتيريا.
لكن في حال الإهمال أو تكرار الإصابة، قد تتطور الحالة إلى مضاعفات مزمنة يصعب علاجها بسهولة، مثل القرحة أو الأورام المعدية.
يُنصح بالتوجه للطبيب فورًا إذا ظهرت أي من الأعراض التالية:
آلام مستمرة في المعدة
قيء متكرر أو وجود دم
فقدان وزن سريع وغير مبرر
تغير في لون أو شكل البراز
تاريخ عائلي بالإصابة بسرطان المعدة
كلما كان التشخيص مبكرًا، زادت فرص الوقاية من المضاعفات الخطيرة.
رغم أن جرثومة المعدة تُعتبر شائعة نسبيًا، إلا أن إهمال علاجها قد يؤدي إلى نتائج صحية خطيرة، تصل إلى حد الإصابة بالسرطان. الفحص المبكر والوقاية اليومية والعلاج الكامل هم الأساس في حماية الجهاز الهضمي. لا تنتظر ظهور الأعراض الشديدة، فالصحة تبدأ بخطوة وعي بسيطة قد تقيك من مستقبل معقّد.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt