بدأت الحكومة المصرية، اليوم الاثنين 2 يونيو 2025، في التشغيل التجريبي لـ14 محطة من محطات مشروع الأتوبيس الترددي السريع (BRT) على الطريق الدائري، والذي يُعد واحدًا من أهم مشروعات النقل الجماعي الحديثة، ويهدف إلى تحسين السيولة المرورية وربط مختلف مناطق القاهرة الكبرى ببعضها البعض.
يأتي هذا المشروع ضمن خطة طموحة لتطوير البنية التحتية لمنظومة النقل العام، وتخفيف الزحام المتزايد على الطريق الدائري الذي يخدم ملايين المواطنين يوميًا. كما يمثل المشروع جزءًا من رؤية مصر 2030 لتقديم حلول نقل مستدامة وآمنة.
انطلق التشغيل التجريبي صباح اليوم من المحطة المركزية في محور المشير طنطاوي، مرورًا بعدد من المحطات الرئيسية التي تم الانتهاء منها بالكامل من حيث الإنشاءات، وتركيب أنظمة التحكم والإشارات الإلكترونية. وجاءت المحطات التي بدأت العمل كالتالي:
محطة أكاديمية الشرطة
محطة التجمع الأول
محطة القطامية
محطة المعادي
محطة دار السلام
محطة المنيب
محطة الوراق
محطة المرج
محطة القاهرة الجديدة
محطة مسطرد
محطة محور الفريق العصار
محطة بهتيم
محطة عزبة النخل
محطة المطار
وشهدت المحطات في أول يوم عمل توافد عدد كبير من المواطنين، وخاصة في فترات الذروة الصباحية.
مشروع الأتوبيس الترددي يتميز بعدة مميزات تقنية وتشغيلية تجعله من أنظمة النقل الذكي:
حارات مخصصة بطول الطريق الدائري تمنع التداخل مع حركة المرور.
محطات مجهزة ببوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة ونظم أمان متقدمة.
تذاكر إلكترونية مدفوعة مسبقًا أو عبر كروت شحن قابلة لإعادة الشحن.
جداول زمنية منتظمة بترددات تصل إلى 5 دقائق بين كل حافلة.
خدمة صديقة للبيئة باستخدام حافلات كهربائية أو منخفضة الانبعاثات.
خدمة الإنترنت المجاني داخل الحافلات لتوفير راحة إضافية للركاب.
من المتوقع أن يستوعب المشروع عند اكتماله حوالي 200 ألف راكب يوميًا في المرحلة الأولى، على أن تزيد القدرة التشغيلية تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة.
ويعمل الأتوبيس الترددي من الساعة 6 صباحًا حتى 11 مساءً، بترددات ثابتة في أوقات الذروة وغير الذروة، وتعمل الهيئة على مراقبة أعداد الركاب لتعديل الجداول حسب الحاجة.
أكدت وزارة النقل أن تشغيل 14 محطة ما هو إلا المرحلة الأولى ضمن مشروع أضخم يستهدف إنشاء أكثر من 25 محطة على امتداد الطريق الدائري، بطول 106 كيلومترات.
وقال مسؤول بهيئة النقل العام: "نحن نضع المواطن في قلب اهتمامنا، ونراهن على أن الأتوبيس الترددي سيحدث نقلة نوعية في تقليل الازدحام، وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة."
كما أشار وزير النقل إلى أن المشروع يتكامل مع مشروعات المترو والقطار الكهربائي، لتوفير شبكة نقل متكاملة تخدم جميع الفئات.
من أبرز أهداف تشغيل الأتوبيس الترددي هو تخفيف الزحام المروري، خاصة في النقاط السوداء التي تشهد تكدسات يومية مثل المنيب، السلام، المرج، ومحور المشير.
وتُشير الدراسات التي تم إعدادها خلال المراحل التحضيرية إلى أن المشروع سيقلل من كثافة السيارات على الدائري بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30% خلال عامه الأول، خاصة مع دعم الحكومة لاستخدام النقل الجماعي.
في أول يوم تشغيل، عبّر عدد من المواطنين عن ارتياحهم للمستوى الجيد للتنظيم والنظافة داخل الحافلات، وأشادوا بوجود مقاعد مريحة ونظام تذاكر واضح.
قال أحد الركاب من سكان المعادي: "أنا أول مرة أركب حاجة على الدائري بالشكل ده، كانت دايمًا الرحلة صعبة وزحمة، لكن النهارده وصلت في وقت أقل جدًا وبمرتاح."
كما أضاف موظف يعمل في منطقة التجمع: "مشروع ممتاز جدًا، خصوصًا للناس اللي مش معاها عربية وبتعاني من المواصلات."
يأتي مشروع الأتوبيس الترددي ضمن خطة أشمل تتضمن:
تطوير الخطوط الحالية لمترو الأنفاق.
التوسع في خطوط القطار الكهربائي الخفيف.
التوسع في وسائل النقل الصديقة للبيئة.
ميكنة منظومة النقل العام وربطها بتطبيقات موبايل لتسهيل حجز التذاكر وتتبع الرحلات.
ويُعد هذا التكامل أحد أهداف الحكومة لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وخفض التلوث، وتحقيق مستهدفات استراتيجية التنمية المستدامة.
رغم الحفاوة التي استُقبل بها المشروع، إلا أن بعض التحديات ما زالت قائمة:
سلوك بعض السائقين ممن يتعدون على الحارة المخصصة للأتوبيس.
التعامل مع الأعطال المفاجئة التي قد تؤثر على جدول التردد.
زيادة عدد الركاب مع الوقت، مما يتطلب توسعة التشغيل.
وتعمل وزارة النقل بالتعاون مع هيئة الطرق والكباري على وضع آليات صارمة لمراقبة التعديات وتفعيل عقوبات فورية للمخالفين، مع نشر وحدات صيانة متنقلة على مدار اليوم.
من المنتظر أن يتم الانتهاء من تجهيز 11 محطة إضافية قبل نهاية أغسطس 2025، ليصل عدد المحطات المشغلة إلى 25 محطة، تغطي كافة المحاور الهامة بالطريق الدائري.
وتشمل هذه المرحلة: محطة 6 أكتوبر، محطة شبرا الخيمة، محطة التجمع الخامس، ومحطة السلام الجديدة.
تسعى الحكومة أيضًا لإدخال المزيد من وسائل النقل الذكية خلال السنوات المقبلة، منها:
التاكسي النهري على النيل.
المونوريل بين العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة 6 أكتوبر.
الترام الكهربائي داخل المدن الجديدة.
ويُتوقع أن يشكّل الأتوبيس الترددي نموذجًا يُحتذى به في كل المشاريع القادمة، خاصة مع التجربة الإيجابية التي لمسها المواطنون اليوم.
تشغيل 14 محطة للأتوبيس الترددي على الطريق الدائري يمثل بداية حقيقية لثورة نقل حضرية حديثة في مصر. المشروع لم يعد مجرد فكرة على الورق، بل أصبح واقعًا ملموسًا يخدم آلاف المواطنين يوميًا. ومع توسع التجربة وتجاوز التحديات، من المنتظر أن يتحوّل هذا المشروع إلى حجر زاوية في خريطة النقل العام المصري، ويمثل حلًا ذكيًا ومستدامًا لتقليل الزحام وتحسين جودة الحياة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt