في خطوة جديدة لتعزيز منظومة النقل الذكي، أصدرت وزارة النقل المصرية صباح اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025، بيانًا رسميًا ناشدت فيه جميع مستخدمي الطريق الدائري الالتزام التام بعدم استخدام الحارة المخصصة لمشروع الأتوبيس الترددي السريع (BRT)، مؤكدة أن هذه الحارة مخصصة فقط لحركة الأتوبيسات الذكية ضمن خطة تطوير شامل للنقل الحضري في القاهرة الكبرى.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة من بدء التشغيل التجريبي لـ 14 محطة من المشروع، والذي يعتبر الأول من نوعه في مصر من حيث التقنية والتنظيم، ويُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في قطاع النقل العام، ويُقلل من معدلات الزحام المروري على واحد من أكثر الطرق استخدامًا في البلاد.
أكدت وزارة النقل في بيانها أن بعض سائقي المركبات الخاصة والملاكي والأجرة قاموا بالتعدي على الحارات المخصصة للأتوبيس الترددي، سواء بدافع التوفير في الوقت أو بسبب الزحام في الحارات الأخرى، وهو ما يُعد انتهاكًا صريحًا لقواعد المرور ويهدد سلامة الركاب والمشروع ككل.
وأوضحت الوزارة أن الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي تم تصميمها وفقًا لأعلى المعايير الدولية، وتستخدم أنظمة مراقبة ذكية لرصد أي تجاوزات أو مخالفات، مشيرة إلى أن هناك تنسيقًا كاملًا بين وزارة الداخلية والإدارة العامة للمرور لتطبيق غرامات فورية ومشددة على المخالفين تبدأ من 1000 جنيه، وقد تصل إلى سحب الرخصة أو حجز السيارة في حالات التكرار.
الأتوبيس الترددي السريع BRT هو مشروع نقل حضري يتم تنفيذه لأول مرة في مصر، ويعتمد على حافلات عالية السعة تسير في حارات مخصصة بالكامل، دون أي تداخل مع باقي المركبات. ويُعد هذا النموذج مستخدمًا بنجاح في عدد من الدول مثل تركيا والبرازيل والصين، وقد أثبت كفاءته في تقليل الزحام وتسهيل حركة المواطنين.
ويعمل المشروع حاليًا في صورته التجريبية بين 14 محطة من أهمها: المعادي، المنيب، أكاديمية الشرطة، محور الفريق العصار، المرج، عزبة النخل، والمطار. ومن المخطط الوصول إلى 25 محطة قبل نهاية عام 2025.
ترى وزارة النقل أن التزام المواطنين بعدم التعدي على حارة الأتوبيس الترددي يعد عاملًا رئيسيًا في إنجاح المشروع. حيث يؤدي السير العشوائي في الحارة المخصصة إلى:
تعطيل حركة الأتوبيسات وتقليل كفاءتها.
رفع معدلات الحوادث والاصطدام.
الإضرار بالاستثمار في منظومة النقل الجديدة.
خلق بيئة مرور غير مستقرة تؤدي إلى فوضى مرورية مستمرة.
وقد أوضحت الوزارة أن الهدف ليس فقط تشغيل وسيلة جديدة للنقل، بل خلق نظام نقل متكامل يعتمد على الانضباط والالتزام.
بالتنسيق مع وزارة الداخلية، بدأت الإدارة العامة للمرور في نشر وحدات ثابتة ومتحركة لرصد أي تعدٍ على الحارات المخصصة للأتوبيس الترددي، كما تم تفعيل كاميرات ذكية لرصد المخالفات بشكل آلي وإرسال إشعارات الغرامة مباشرة إلى المخالفين.
وأكد مسؤول بوزارة النقل أن الأيام المقبلة ستشهد تطبيقًا صارمًا للغاية، لا سيما بعد توثيق عشرات الحالات من التعديات التي أثرت على انسيابية حركة الأتوبيسات، وأحدثت ارتباكًا في الجداول الزمنية للمواعيد.
رصدت الوزارة آراء عدد من الركاب الذين استخدموا الخدمة خلال الأيام الأولى من التشغيل التجريبي، وأكدت الغالبية أن التجربة كانت إيجابية، من حيث:
نظافة الحافلات.
وجود كراسي مريحة.
انضباط في وقت الرحلات.
سهولة استخدام التذاكر الإلكترونية.
لكن بعضهم أشار إلى وجود مشكلات في الطريق بسبب دخول سيارات خاصة إلى الحارات المخصصة، مما أدى إلى تأخير وصول الأتوبيسات إلى المحطة النهائية.
أعلنت وزارة النقل عن مجموعة من الخطوات التصعيدية لضمان استقرار المشروع، أهمها:
تفعيل منظومة الغرامات الفورية بالتعاون مع المرور.
نشر حملات توعوية على السوشيال ميديا والراديو.
تعليق لافتات كبيرة توضح الحارات المخصصة.
التنسيق مع شركات التأمين لتحديد مسؤولية الحوادث داخل الحارات.
كما يجري العمل على تصميم تطبيق إلكتروني يتيح للمواطن تتبع حركة الأتوبيس في الوقت الفعلي، ومعرفة توقيت وصوله للمحطة الأقرب، مما يرفع من كفاءة التشغيل ويقلل من الاعتماد على السيارات الخاصة.
يمثل مشروع الأتوبيس الترددي جزءًا من خطة وزارة النقل لتحويل القاهرة الكبرى إلى منطقة تعتمد على أنظمة نقل ذكية ومتكاملة، وتشمل الخطة:
تطوير خطوط مترو الأنفاق الحالية.
التوسع في مشروع المونوريل.
التكامل بين القطار الكهربائي الخفيف والمواصلات السطحية.
ربط كل المشروعات بمنظومة إلكترونية موحدة.
يتوقع خبراء النقل والمواصلات أن يشهد الطريق الدائري انسيابية مرورية واضحة خلال الشهور القليلة المقبلة، حال التزام الجميع بالقواعد وتفعيل آليات الردع والغرامات. كما أشاروا إلى أن مشروع BRT يمثل فرصة ذهبية لتحسين جودة الحياة داخل العاصمة، إذا ما أحسن المواطنون استخدامه.
ومن المتوقع أن يصل عدد الركاب اليوميين إلى أكثر من 200 ألف راكب بحلول نهاية العام، وهو رقم يُعد كبيرًا مقارنة بأنظمة النقل التقليدية.
تطالب وزارة النقل الجميع بتحمل المسؤولية المجتمعية والالتزام بقواعد المرور، خاصة في ظل توجه الدولة نحو إرساء بنية تحتية عصرية ومستدامة، تحقق رفاهية المواطن وتُسهم في تقليل الزحام والتلوث. مشروع الأتوبيس الترددي ليس مجرد وسيلة جديدة، بل هو نظام متكامل يحتاج إلى التزام جماعي لإنجاحه وتحقيق الهدف المرجو منه.
وتؤكد الوزارة أنها لن تتهاون مع أي مخالفات تُهدد سلامة المنظومة، وستستمر في توسيع المشروع ليشمل باقي الطرق الحيوية في المستقبل القريب.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt