مع التقدم في العمر، يعاني كثير من الناس من مشاكل في السمع تختلف في حدتها وأسبابها، لكنها غالبًا ما تُنسب إلى الشيخوخة أو العوامل الوراثية. إلا أن دراسة حديثة كشفت عن عامل صحي جديد قد يكون مرتبطًا بشكل وثيق بهذه المشكلة، وهو الإصابة بالكبد الدهني.
تشير نتائج الدراسة إلى أن تراكم الدهون على الكبد قد يؤثر على الأوعية الدموية الدقيقة المرتبطة بالأذن، مما يزيد من فرص فقدان السمع، وخاصة عند كبار السن.
الكبد الدهني هو حالة شائعة تحدث عندما تتراكم الدهون داخل خلايا الكبد. وتنقسم هذه الحالة إلى نوعين:
كبد دهني بسيط: وهو النوع الذي لا يسبب التهابات أو تلف في الكبد.
كبد دهني غير كحولي مصحوب بالتهاب: قد يؤدي إلى تليف الكبد ومضاعفات خطيرة إذا لم يُعالج.
وتعود أسباب الإصابة بالكبد الدهني إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:
زيادة الوزن والسمنة.
مرض السكري من النوع الثاني.
ارتفاع الدهون الثلاثية والكوليسترول.
العادات الغذائية غير الصحية.
قلة النشاط البدني.
أوضحت الدراسة أن الكبد الدهني قد يكون له تأثير سلبي غير مباشر على الأذن الداخلية، وهي الجزء المسؤول عن السمع والتوازن. فعندما يتراكم الدهون على الكبد، تحدث التهابات مزمنة ينتج عنها إفراز مواد تُعرف بالسيتوكينات، والتي يمكن أن تُضعف تدفق الدم إلى الأذن الداخلية.
ضعف التروية الدموية إلى هذه المنطقة الدقيقة قد يؤدي إلى تلف خلايا السمع تدريجيًا، خاصة مع التقدم في العمر أو في حالة وجود أمراض أخرى مثل السكري.
هناك عوامل صحية كثيرة تساهم في الإصابة بالكبد الدهني وتؤثر في نفس الوقت على حاسة السمع، ومن أهمها:
السمنة: تؤدي إلى اضطراب في التمثيل الغذائي والهرمونات.
السكري: يسبب تلفًا في الأعصاب والأوعية الدقيقة، بما فيها تلك التي تغذي الأذن.
ارتفاع ضغط الدم: يضعف الأوعية الدقيقة في الجسم ويزيد خطر ضعف السمع.
ارتفاع الكوليسترول: يعزز التصلب في الأوعية الدموية الدقيقة.
العادات الغذائية السيئة: مثل تناول الدهون المشبعة والسكريات بكثرة.
في أغلب الحالات، لا يكون فقدان السمع مفاجئًا، بل يحدث تدريجيًا. وهذه بعض العلامات المبكرة التي يجب الانتباه لها:
صعوبة في سماع الأصوات الخافتة أو الترددات العالية.
الإحساس بأن الناس يتحدثون بصوت منخفض أو غير واضح.
الحاجة إلى رفع صوت التلفاز أو الراديو.
طنين مستمر أو متقطع في الأذنين.
صعوبة في التركيز عند وجود ضوضاء خلفية.
عند ظهور هذه الأعراض لدى أشخاص يعانون من الكبد الدهني أو عوامل الخطر، يُفضل التوجه للفحص الطبي فورًا.
بعض الفئات معرضة أكثر من غيرها للإصابة بفقدان السمع الناتج عن الكبد الدهني، مثل:
الأشخاص فوق سن الأربعين.
مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم.
أصحاب الوزن الزائد أو السمنة.
من لديهم تاريخ عائلي بأمراض الكبد أو السمع.
المدخنين ومتعاطي الكحول.
الوقاية تبدأ من السيطرة على الأسباب والعوامل المؤدية إلى الكبد الدهني وضعف السمع. وتشمل أهم خطوات الوقاية:
اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضروات والفواكه والبروتينات الخالية من الدهون.
ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي السريع أو السباحة أو ركوب الدراجات.
السيطرة على ضغط الدم ومستوى السكر في الدم.
التوقف عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول.
تجنب الضوضاء العالية واستخدام واقيات الأذن عند الضرورة.
إجراء فحوص دورية لوظائف الكبد وفحص السمع.
يرى الأطباء المتخصصون في أمراض الكبد والأنف والأذن والحنجرة أن نتائج الدراسة ليست مفاجئة، لأن الجسم يعمل كنظام مترابط، وأي خلل في أحد أعضائه قد ينعكس على الأعضاء الأخرى.
ويؤكدون أن الالتهابات المزمنة في الكبد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على تدفق الدم إلى مناطق حيوية مثل الدماغ والأذن، وبالتالي فإن ضعف السمع قد يكون أحد مضاعفات الكبد الدهني التي لا يلتفت إليها الناس.
إذا أردت الحفاظ على حاسة السمع وصحة الكبد، فإليك بعض الخطوات البسيطة التي يمكنك دمجها في حياتك اليومية:
تناول أطعمة غنية بالأوميغا 3 مثل السمك وبذور الكتان.
تقليل استهلاك الأطعمة الجاهزة والمقلية.
تناول كميات كافية من الماء يوميًا.
تناول المكسرات النيئة كالجوز واللوز لدعم صحة الأعصاب.
الابتعاد عن سماعات الأذن الصاخبة.
النوم لساعات كافية لدعم وظائف الجسم الحيوية.
ما كان يُعتقد سابقًا أن فقدان السمع أمر حتمي مع التقدم في العمر، تبيّن أنه قد يكون مرتبطًا بمشاكل صحية مزمنة يمكن السيطرة عليها، مثل الكبد الدهني. وهذا يفتح بابًا جديدًا للوقاية، من خلال التحكم في نمط الحياة والتغذية والمتابعة الطبية الدورية.
كلما تم اكتشاف الكبد الدهني في مرحلة مبكرة وتم التحكم به، زادت فرصة الحفاظ على باقي وظائف الجسم الحيوية، ومنها حاسة السمع. الوقاية خير من العلاج، والاهتمام بصحة الكبد هو استثمار طويل الأمد في حياة أكثر جودة وصحة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt