مع انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة مثل التعليم، الصحة، التسويق، وخدمة العملاء، بدأ البعض يتساءل: هل يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كبديل للمعالج النفسي البشري؟
في هذا الإطار، كشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة من الباحثين في مجال علم النفس والتقنيات الرقمية أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدراته المتطورة في المحادثة وتحليل النصوص، لا يصلح ليكون بديلًا حقيقيًا لمعالج نفسي معتمد. وأوضحت الدراسة عدة نقاط محورية تثبت أن الذكاء الاصطناعي حتى الآن لا يمتلك الإمكانيات الكافية للتعامل مع الحالات النفسية الحساسة أو المعقدة بنفس كفاءة البشر.
الفكرة بدأت مع ظهور روبوتات المحادثة المتخصصة في دعم الأشخاص نفسيًا، خاصة بعد جائحة كورونا، حيث زادت الضغوط النفسية على الأفراد في ظل العزلة الاجتماعية وقلة الوصول إلى الأطباء النفسيين.
كما لعبت تطبيقات الذكاء الاصطناعي دورًا محدودًا في تقديم نصائح عامة بخصوص القلق أو الاكتئاب أو تنظيم النوم، مما دفع بعض الشركات للترويج لفكرة أن الذكاء الاصطناعي قادر على لعب دور المعالج النفسي.
الذكاء الاصطناعي يفتقر للقدرة على قراءة الانفعالات الحقيقية للمريض مثل نبرة الصوت، تعبيرات الوجه، حركات الجسد، والتي تلعب دورًا حاسمًا في التشخيص النفسي.
معظم نماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد على ردود عامة ومبرمجة مسبقًا ولا تستطيع تمييز الحالات الطارئة مثل التفكير في إيذاء النفس أو الآخرين بشكل فعّال.
لا يستطيع الذكاء الاصطناعي خلق علاقة علاجية مبنية على الثقة المتبادلة والسرية الإنسانية التي توفرها الجلسات المباشرة مع المعالج النفسي البشري.
الروبوتات أو الأنظمة الذكية قد تعطي نصائح غير دقيقة أو غير ملائمة لثقافة أو خلفية المريض الاجتماعية.
رغم تلك التحفظات، توصلت الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا داعمًا وليس أساسيًا، مثل:
توفير محتوى تثقيفي عن الصحة النفسية.
تذكير المرضى بتمارين الاسترخاء أو تقنيات التنفس.
المساعدة في تقييم استبيانات نفسية أولية.
تقديم دعم مبدئي في حالات الضغط المؤقت وليس المستمر.
معظم الخبراء أكدوا في نتائج الاستبيانات المرفقة بالدراسة أن الذكاء الاصطناعي لن يعوض يومًا المعالج النفسي البشري، خاصة في الحالات التالية:
اضطرابات الاكتئاب الحاد.
اضطرابات القلق المزمن.
الوسواس القهري.
اضطرابات الشخصية المعقدة.
حالات الإدمان والعلاج السلوكي المعرفي المتقدم.
الذكاء الاصطناعي يمتلك إمكانيات تقنية متطورة في مجالات كثيرة لكنه يظل أداة مساعدة وليست بديلًا عن المعالج النفسي البشري. العلاج النفسي الناجح يقوم على العلاقة الإنسانية المباشرة، والإدراك العاطفي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وكل هذه الأمور يصعب على الآلة أن توفرها.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt