ميكسات فور يو
دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب
الكاتب : Mohamed Abo Lila

دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب

دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب.. ماذا قالت عن الكوليسترول الضار؟

لطالما اعتُبر البيض من أكثر الأطعمة المثيرة للجدل في النقاشات الغذائية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بصحة القلب. وبينما يشتهر بقيمته الغذائية العالية واحتوائه على البروتينات والفيتامينات الأساسية، فقد تعرّض للانتقاد لسنوات طويلة بسبب احتوائه على نسبة مرتفعة من الكوليسترول. ومع ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب حول العالم، كان من السهل أن يُحمّل البيض جزءًا من المسؤولية، وأن يُنصح المرضى بتقليل أو تجنّب تناوله تمامًا.
لكن مؤخرًا، بدأت الأبحاث العلمية تعيد النظر في هذه النظرة التقليدية، إذ صدرت عدة دراسات أكدت أن البيض ليس بالضرورة العدو رقم واحد للقلب كما كان يُعتقد سابقًا. أحدث هذه الدراسات جاءت لتُحدث ضجة جديدة في الوسط الطبي والغذائي، بعدما خلصت إلى أن تناول البيض بشكل معتدل لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، بل إن له فوائد قد تفوق مخاطره، إذا ما تم تناوله ضمن نظام غذائي متوازن.
في هذا المقال، نناقش بالتفصيل ما جاء في هذه الدراسة، وما المقصود بالكوليسترول الضار، ولماذا لم يعد البيض على رأس قائمة "المحظورات القلبية" كما في السابق.



لماذا اتُهم البيض سابقًا؟

السبب الأساسي الذي جعل البيض في دائرة الاتهام لعقود هو محتواه العالي من الكوليسترول. فبيضة واحدة متوسطة الحجم تحتوي على نحو 185 مليغرامًا من الكوليسترول الغذائي، وهو ما يعادل أكثر من نصف الحد اليومي الموصى به لبعض الفئات، بحسب الإرشادات الغذائية التقليدية.

وبما أن ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم – وتحديدًا الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) أو ما يُعرف بالكوليسترول "الضار" – يُعد من عوامل الخطر الرئيسية لأمراض القلب والشرايين، فقد ربط العديد من الأطباء والخبراء بين استهلاك البيض وارتفاع احتمالات الإصابة بهذه الأمراض.

لكن مع تطور فهمنا لطبيعة الكوليسترول ومصادره، بدأ يتضح أن العلاقة ليست بهذه البساطة.


ما الفرق بين الكوليسترول الغذائي والكوليسترول في الدم؟

من المهم التمييز بين الكوليسترول الغذائي، أي الذي نحصل عليه من الطعام، والكوليسترول الموجود في الدم، الذي يتأثر بعدة عوامل تشمل الوراثة، النشاط البدني، والتوازن الغذائي العام.

الدراسات الحديثة أظهرت أن تأثير الكوليسترول الغذائي على مستوى الكوليسترول في الدم يختلف من شخص إلى آخر. فبعض الأشخاص لا يتأثرون كثيرًا بتناول الأطعمة الغنية بالكوليسترول، لأن أجسامهم تُنظم مستويات الكوليسترول بكفاءة، وتُقلل إنتاجه الداخلي عند ارتفاع تناوله من الخارج.

وبالتالي، فإن تناول البيض – رغم محتواه المرتفع نسبيًا من الكوليسترول – لا يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار في الدم لدى الجميع، ولا يمكن تعميم ضرره بشكل مطلق.


ما الذي قالته الدراسة الجديدة؟

الدراسة التي صدرت مؤخرًا عن فريق من الباحثين الدوليين تابعت آلاف المشاركين على مدار سنوات طويلة، بهدف تقييم العلاقة بين استهلاك البيض وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. تضمنت الدراسة تحليلاً شاملاً للبيانات الغذائية، ومستويات الكوليسترول، والحالات القلبية المسجلة خلال فترة الدراسة.

النتائج كانت واضحة: لم يجد الباحثون رابطًا قويًا بين تناول البيض وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. بل على العكس، أشار بعض التحليلات إلى أن تناول البيض بشكل معتدل (حتى سبع بيضات أسبوعيًا) قد يكون مرتبطًا بانخفاض طفيف في خطر الإصابة ببعض أمراض القلب لدى بعض الفئات، مثل الأشخاص الذين يتّبعون أنماط حياة صحية.

ووفقًا لهذه الدراسة، فإن البيض يحتوي على عناصر غذائية مفيدة – مثل البروتين عالي الجودة، وفيتامين B12، والكولين، واللوتين – يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في دعم صحة القلب والدماغ.


ما المقصود بالكوليسترول الضار؟

الكوليسترول في الدم يُنقل بواسطة جزيئات تُسمى "الليبيدات البروتينية" (Lipoproteins). منها نوعان رئيسيان:

  1. LDL (الكوليسترول منخفض الكثافة): يُعرف بالكوليسترول "الضار"، لأنه يمكن أن يتراكم في جدران الشرايين ويكوّن لويحات تعيق تدفق الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

  2. HDL (الكوليسترول عالي الكثافة): يُعرف بالكوليسترول "النافع"، لأنه يُساعد على إزالة الكوليسترول الزائد من الدم ويحمله إلى الكبد ليتم التخلص منه.

والمثير للاهتمام أن بعض الدراسات أشارت إلى أن تناول البيض قد يُزيد من مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، وهو ما يُفسر سبب عدم ظهور علاقة قوية بين استهلاك البيض وارتفاع أمراض القلب.


من يجب أن يكون حذرًا رغم نتائج الدراسة؟

رغم أن النتائج الحديثة مشجعة، فإن بعض الفئات يجب أن تتناول البيض بحذر، منها:

  • الأشخاص المصابون بفرط كوليسترول الدم العائلي (وهي حالة وراثية تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول بشكل كبير).

  • المرضى الذين لديهم تاريخ شخصي أو عائلي قوي مع أمراض القلب.

  • من يتبع نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون المشبعة والسكريات، حيث يكون تراكم المخاطر أكبر.

لذا، يُفضل استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية لتحديد الكمية المناسبة من البيض لكل فرد وفقًا لحالته الصحية العامة.


كيف يمكن تناول البيض بطريقة صحية؟

للاستفادة القصوى من فوائد البيض دون الإضرار بصحة القلب، يُنصح باتباع الإرشادات التالية:

  • اختيار طرق الطهي الصحية: مثل السلق أو القلي الخفيف بدون دهون مشبعة.

  • تجنب إضافات غير صحية: مثل الزبدة أو النقانق أو الجبن عالي الدسم عند إعداد أطباق البيض.

  • التوازن مع باقي النظام الغذائي: لا ينبغي أن يكون البيض جزءًا من نظام غذائي غني بالدهون والسكر والنشويات المكررة.

  • إدراج الخضروات في وجبة البيض: مثل السبانخ أو الطماطم أو الفلفل الملون.


هل البيض آمن للقلب؟

تشير الأدلة العلمية الحديثة إلى أن البيض، عند تناوله باعتدال وفي إطار نظام غذائي متوازن، ليس خطرًا على صحة القلب كما كان يُعتقد. بل إنه يمكن أن يكون جزءًا من نظام غذائي صحي، غني بالبروتينات والفيتامينات، ومفيد في دعم وظائف الجسم المختلفة.

التوصيات القديمة التي طالبت بتقييد تناول البيض بشكل صارم بدأت تفقد مكانتها أمام الأدلة الجديدة، لكن هذا لا يعني الإفراط في تناوله دون حساب. فالتوازن هو الأساس دائمًا، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالغذاء والصحة.

وعلى المدى الطويل، تبقى العوامل الأخرى – مثل النشاط البدني، التوقف عن التدخين، السيطرة على التوتر، والحد من الدهون المشبعة والسكريات – أكثر تأثيرًا على صحة القلب من مجرد عدد البيضات التي نتناولها أسبوعيًا.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...