في واقعة صادمة أثارت الجدل في الشارع المصري، تمكّنت أجهزة الأمن من ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة، وتُدير عيادة تجميل في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة. الواقعة أعادت إلى الواجهة قضية تزوير المؤهلات والعمل في مهن حساسة دون ترخيص، وهو ما قد يعرّض حياة المواطنين للخطر.
في حملة مفاجئة قادتها مباحث التموين بالتنسيق مع الجهات المعنية، تم مداهمة إحدى العيادات الشهيرة التي تقدم خدمات التجميل والعناية بالبشرة، وذلك بعد ورود معلومات تفيد بقيام إحدى السيدات بمزاولة مهنة الطب دون الحصول على المؤهلات المطلوبة.
وعند دخول القوة الأمنية، تبيّن وجود عدد من الأجهزة الطبية، وبعض المنتجات التجميلية، بالإضافة إلى تواجد عدد من العملاء داخل العيادة أثناء إجراء جلسات.
أظهرت التحقيقات الأولية أن السيدة المضبوطة ليست طبيبة كما تروج عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بل خريجة معهد فني تجاري، ولا تمتلك أي شهادة طبية تؤهلها لمزاولة المهنة أو التعامل مع مرضى.
وبحسب التحريات، كانت السيدة تقدم نفسها على أنها طبيبة جلدية وتجميل، وتجري إجراءات تشمل:
جلسات بوتوكس وفيلر
تنظيف بشرة متقدم
تقشير كيميائي
شد الوجه بالخيوط
وهو ما يُعد مخالفة صريحة للقوانين المنظمة لمزاولة مهنة الطب، بل ويُعرض حياة المرضى لمضاعفات صحية خطيرة.
كشفت التحريات أن "الطبيبة المزيفة" كانت تعتمد بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب الزبائن، من خلال:
نشر صور قبل وبعد مزعومة لنتائج الجلسات
عروض مخفضة على إجراءات التجميل
شهادات مزورة تم تعليقها داخل العيادة
وتبيّن أيضًا أنها أنشأت صفحات وهمية تدّعي فيها أنها حاصلة على دبلومات دولية في التجميل الطبي.
وفقًا للمتخصصين، فإن القيام بأي إجراء تجميلي دون إشراف طبي متخصص يمثل خطرًا مباشرًا على حياة الشخص، وقد يؤدي إلى:
تشوه دائم في الجلد أو الوجه
التهابات حادة نتيجة استخدام أدوات غير معقمة
مضاعفات تصل إلى شلل عضلي أو نزيف داخلي
هذا بالإضافة إلى الجانب النفسي المرتبط بعدم رضا العملاء عن النتائج.
العديد من العملاء الذين تعاملوا مع العيادة أصيبوا بالصدمة بعد الإعلان عن ضبط السيدة، خاصة أولئك الذين أجروا بالفعل جلسات علاجية أو تجميلية. وقد بدأت بعض الحالات في تقديم بلاغات رسمية للنيابة العامة ضد المتهمة، مؤكدين أنهم تعرضوا للخداع وتلقوا خدمات "طبية" دون علم بحقيقة المؤهلات.
أثناء المداهمة، صادرت أجهزة الأمن:
كميات كبيرة من الحقن والمحاليل التجميلية
أجهزة ليزر وتقشير كيميائي
أوراق ومستندات تثبت تورطها في عمليات الترويج المضلل
وتم التحفظ على جميع المضبوطات لحين الانتهاء من التحقيقات.
تم عرض السيدة المتهمة على النيابة العامة، والتي بدأت استجوابها بشأن:
تهمة انتحال صفة طبيب
مزاولة مهنة الطب بدون ترخيص
خداع الجمهور واستخدام وسائل غير مشروعة للترويج
تعريض حياة المواطنين للخطر
ويُتوقع أن تواجه المتهمة عقوبات مغلظة، خاصة في ظل وجود ضحايا محتملين.
في أعقاب الواقعة، جدّدت وزارة الصحة المصرية تحذيراتها للمواطنين بعدم اللجوء إلى أي مركز أو عيادة تجميل لا يحمل ترخيصًا رسميًا صادرًا من الوزارة. وأكدت أن أي إجراء تجميلي، مهما كان بسيطًا، يجب أن يتم تحت إشراف طبيب معتمد، داخل منشأة مسجلة قانونيًا.
لضمان السلامة، يمكن لأي مواطن التأكد من شرعية المركز أو الطبيب عبر:
الاطلاع على رخصة التشغيل المعلقة في مكان واضح
التأكد من تسجيل الطبيب في نقابة الأطباء
مراجعة اسم العيادة في قاعدة بيانات وزارة الصحة
الابتعاد عن العروض الرخيصة بشكل غير منطقي
انتشرت العيادات والمراكز غير المرخصة خلال الفترة الأخيرة لعدة أسباب، منها:
ارتفاع أسعار خدمات التجميل في العيادات الكبرى
ضعف الرقابة على بعض المناطق
الثقة الزائدة في الإعلانات المضللة على مواقع التواصل
رغبة بعض الأشخاص في تحقيق ربح سريع دون مراعاة للأخلاقيات
بعد الحادثة، بدأت دعوات كثيرة من الأطباء والمجتمع المدني تطالب بتشديد العقوبات على منتحلي صفة الأطباء، مع اقتراح إصدار تشريعات أكثر صرامة تشمل:
إنشاء سجل موحد إلكتروني للأطباء المرخصين
فرض غرامات باهظة على العيادات غير القانونية
إغلاق الصفحات التي تروج للخدمات الطبية دون تصريح
ما حدث في مصر الجديدة ليس الواقعة الأولى من نوعها، وقد لا تكون الأخيرة ما لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لحماية المواطنين من المتاجرين بصحتهم. اختيار طبيب تجميل معتمد ومكان مرخص هو أول خطوة نحو نتائج آمنة ومطمئنة.
يبقى السؤال الأهم: هل سنبدأ جميعًا بالتأكد من أوراق الطبيب قبل الجلوس على كرسي العيادة؟
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt