ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا حول العالم، ويُعد أحد الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والسكتات الدماغية. وبينما يُعد تناول الدواء بانتظام ضرورة لا غنى عنها للتحكم في ضغط الدم، فإن توقيت تناول الدواء نفسه قد يكون له تأثير مباشر على فعاليته.
دراسة حديثة أثارت اهتمام المجتمع الطبي، بعدما أشارت إلى أن تناول أدوية الضغط في المساء قد يكون أكثر فعالية من تناولها في الصباح، لكن هل هذا يناسب كل الحالات؟ وهل يُمكن تعميم ذلك دون الرجوع إلى الطبيب؟ في هذا التقرير نوضح التفاصيل الكاملة ونصائح مهمة يجب معرفتها.
أجريت الدراسة على مجموعة كبيرة من المرضى يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وجرى تقسيمهم إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى تناولت أدوية الضغط في الصباح، مع الإفطار.
المجموعة الثانية تناولت الدواء في المساء، قبل النوم مباشرة.
وبعد متابعة لمدة تجاوزت الخمس سنوات، أظهرت النتائج أن المرضى الذين تناولوا الدواء مساءً سجلوا معدلات أقل للإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية، مقارنة بالمجموعة التي تناولت الدواء صباحًا.
يعتمد ضغط الدم على الساعة البيولوجية للجسم، حيث يتغير على مدار اليوم. عادةً ما يكون الضغط منخفضًا أثناء النوم، ويرتفع تدريجيًا بعد الاستيقاظ. بعض الدراسات تشير إلى أن تناول الدواء في المساء قد يساعد في تثبيت ضغط الدم أثناء النوم، وهو الوقت الذي تحدث فيه معظم النوبات القلبية المفاجئة.
إضافة إلى ذلك، فإن الجسم أثناء الليل يكون في حالة استرخاء، ما يُساعد في امتصاص الدواء بشكل أفضل وتوفير فعالية أطول خلال فترة الليل.
رغم النتائج الإيجابية للدراسة، فإن تغيير موعد تناول الدواء دون الرجوع للطبيب قد يكون خطرًا جدًا، خاصة إذا كنت تتناول أدوية متعددة أو تعاني من أمراض مزمنة أخرى.
توقيت الدواء يجب أن يُحدد حسب:
نوع دواء الضغط المستخدم.
طبيعة نمط حياة المريض (مواعيد النوم والاستيقاظ).
وجود أمراض أخرى مثل السكري أو أمراض الكلى.
رد فعل الجسم عند تغيير توقيت الدواء.
لا تتشابه جميع أدوية الضغط، وتوقيت تناولها قد يختلف حسب نوعها، ومن أشهرها:
مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors): تشير بعض الدراسات إلى أن تناولها ليلًا يُعطي نتائج أفضل.
مدرات البول: غالبًا ما تُفضل صباحًا لتجنب الاستيقاظ الليلي المتكرر للتبول.
محصرات مستقبلات بيتا (Beta Blockers): قد تعمل بشكل متوازن سواء صباحًا أو مساءً، لكن يُفضل تناولها في نفس الموعد يوميًا.
حاصرات قنوات الكالسيوم: يمكن تناولها ليلًا لتحسين ضغط الدم أثناء النوم.
لذا، لا يمكن تعميم التوصية، ويجب تخصيص القرار حسب نوع الدواء المستخدم.
نعم، قد يُسبب تغيير موعد الدواء أعراضًا مثل:
الدوخة أو الشعور بالدوار عند الاستيقاظ.
انخفاض مفرط في ضغط الدم أثناء النوم مما قد يُسبب اضطرابًا في النوم أو شعورًا بالإعياء في الصباح.
عدم انتظام ضربات القلب في بعض الحالات.
كل هذه الأعراض تُحتمل في حال تم تغيير توقيت الدواء دون إشراف طبي.
الطبيب هو الجهة الوحيدة المخولة بتحديد توقيت تناول دواء الضغط، بناءً على:
نتائج تحاليل ضغط الدم على مدار 24 ساعة.
الحالة العامة للقلب.
مواعيد نوم واستيقاظ المريض.
وجود أدوية أخرى يتم تناولها في نفس التوقيت.
الطبيب قد يطلب قياس الضغط في أوقات مختلفة من اليوم لتقييم طبيعة التغيرات اليومية وضبط توقيت الدواء بناءً على ذلك.
لا يوجد توقيت "مثالي" يناسب جميع الحالات. لكن بشكل عام:
إذا كنت تعاني من ارتفاع الضغط في الصباح، فقد يُنصح بتناول الدواء ليلًا.
إذا كان ضغطك منخفضًا صباحًا ومرتفعًا مساءً، قد يُناسبك تناول الدواء صباحًا.
إذا كنت تتناول أدوية تسبب النعاس، يُفضل تناولها مساءً.
إذا كنت تعاني من اضطرابات النوم بسبب الدواء، ناقش مع الطبيب إمكانية تغييره أو تعديل التوقيت.
لا تُغير توقيت أو جرعة الدواء من تلقاء نفسك.
احرص على تناول الدواء في نفس الوقت يوميًا.
لا تتوقف عن تناول الدواء فجأة حتى لو شعرت بتحسن.
راقب ضغط دمك بانتظام وسجله.
احرص على زيارة الطبيب دوريًا لمتابعة الحالة.
بالإضافة للدواء، توجد بعض العادات التي تُساعد في ضبط ضغط الدم بشكل طبيعي، منها:
تقليل تناول الأملاح في الطعام.
ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي أو السباحة.
تناول الفواكه والخضروات الغنية بالبوتاسيوم.
تقليل التوتر والابتعاد عن القلق الدائم.
تجنب الكافيين الزائد والتدخين.
لكن هذه الوسائل ليست بديلاً عن الدواء، بل تُعتبر مكملة للعلاج.
قد تكون الدراسة الأخيرة التي تشير إلى أفضلية تناول دواء الضغط في المساء محط اهتمام كبير، لكن الحقيقة المؤكدة هي أن كل مريض حالة خاصة، وأن أي تغيير في توقيت العلاج يجب أن يتم تحت إشراف طبي مباشر.
تذكر دائمًا: الدواء نفسه مفيد، لكن توقيته المناسب يُحدد فائدته أو ضرره. لذا، قبل أن تقرر تغيير موعد تناول حبوب الضغط، استشر طبيبك وناقشه في التفاصيل، فالصحة لا تحتمل التجربة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt