يعاني الملايين حول العالم من مرض السكري، وهو من الأمراض المزمنة التي تتطلب نمط حياة دقيقًا وتحكمًا صارمًا في الغذاء والنشاط اليومي. وقد أظهرت دراسات طبية حديثة أن بعض العادات اليومية التي قد تبدو بريئة مثل شرب القهوة أو عدم الحصول على نوم كافٍ، يمكن أن تكون من الأسباب الخفية في ارتفاع مستويات السكر في الدم.
في هذا التقرير، نستعرض تأثير القهوة وقلة النوم على مرضى السكري، وكيف يمكن تقليل خطر المضاعفات من خلال تعديل بعض السلوكيات اليومية.
مرض السكري هو اضطراب مزمن يحدث نتيجة لخلل في إنتاج أو استخدام الجسم لهرمون الإنسولين، وهو المسؤول عن تنظيم مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم. ينقسم إلى نوعين رئيسيين:
النوع الأول: غالبًا ما يظهر في سن مبكر ويحتاج المريض فيه إلى الأنسولين مدى الحياة.
النوع الثاني: مرتبط بنمط الحياة والسمنة ويُعالج عادة بتغييرات في النظام الغذائي وأدوية فموية.
وفي كلتا الحالتين، يعتبر الحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي أمرًا ضروريًا لتفادي المضاعفات التي قد تصيب القلب، الكلى، العينين، والأعصاب.
القهوة من أكثر المشروبات استهلاكًا في العالم، ويعتمد عليها ملايين الأشخاص للبقاء نشيطين خلال اليوم. ومع ذلك، فإن مريض السكر عليه أن يتعامل مع القهوة بحذر.
أظهرت بعض الأبحاث أن الكافيين الموجود في القهوة يمكن أن يُسبب ارتفاعًا مؤقتًا في مستوى السكر في الدم، خاصةً لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري. ويعود ذلك إلى أن الكافيين قد يقلل من حساسية الجسم للإنسولين، ما يُصعّب على الخلايا امتصاص الجلوكوز من الدم.
وتشير إحدى الدراسات إلى أن تناول أكثر من 200 ملليجرام من الكافيين (ما يعادل حوالي كوبين من القهوة) قد يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في سكر الدم، خصوصًا بعد الوجبات.
القهوة منزوعة الكافيين (Decaf) تُعد خيارًا أفضل لمريض السكري، إذ تُوفر الطعم والنكهة دون التأثيرات السلبية للكافيين. ومع ذلك، يجب تجنّب إضافة السكر أو الكريمة إليها، لأنها قد ترفع نسبة السكر في الدم بشكل مباشر.
النوم الجيد ضروري للحفاظ على توازن الهرمونات ووظائف الجسم، لكن كثيرين يُهملون هذا الجانب دون إدراك العواقب، خاصة مرضى السكري.
قلة النوم تؤدي إلى اختلال في إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والذي يرفع نسبة الجلوكوز في الدم. كما أن الحرمان من النوم يُضعف من استجابة الجسم للإنسولين، وهو ما يُعرف بـ"مقاومة الإنسولين"، وهي حالة شائعة لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري.
وأظهرت أبحاث أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا معرضون لخطر أكبر للإصابة بارتفاع سكر الدم، حتى لو كانوا يتناولون الأدوية بشكل منتظم.
النوم غير الكافي يُخلّ بتوازن هرمونات الجوع مثل "اللبتين" و"الجريلين"، مما يجعل الشخص يشعر بالجوع ويزيد من استهلاكه للسعرات الحرارية. وبهذا، يُعتبر قلة النوم عاملًا مباشرًا في زيادة الوزن، والذي بدوره يُفاقم مرض السكري.
تقليل كمية الكافيين: يُفضل ألا يتجاوز تناول القهوة كوبًا واحدًا يوميًا لمريض السكري، مع مراعاة عدم إضافة سكريات أو محليات صناعية.
اختيار الوقت المناسب لشرب القهوة: يُنصح بتجنب القهوة في الصباح الباكر أو قبل النوم، والتركيز على شربها بعد الوجبات لتقليل التأثير على مستوى السكر.
الحصول على قسط كافٍ من النوم: يحتاج مريض السكر إلى ما لا يقل عن 7-8 ساعات من النوم الجيد كل ليلة.
تثبيت أوقات النوم والاستيقاظ: الحفاظ على جدول نوم ثابت يساهم في استقرار مستوى السكر في الدم.
الابتعاد عن الشاشات قبل النوم: الضوء الأزرق الصادر من الهواتف والتلفاز يُعيق إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، مما يؤثر على جودة النوم.
نعم، هناك عدد من المشروبات التي تُعطي النشاط دون التأثير على سكر الدم، منها:
الشاي الأخضر: غني بمضادات الأكسدة ويُساعد على تحسين حساسية الإنسولين.
الكاكاو الخام: يحتوي على مركبات الفلافونويد المفيدة ويُمكن شربه بدون سكر.
القرفة المغلية: تساهم في تنظيم سكر الدم وقد تُقلل من الرغبة في تناول السكريات.
الماء بالليمون: منشط طبيعي يزود الجسم بالترطيب والطاقة.
تجنّب مشروبات الطاقة تمامًا: تحتوي على نسبة عالية من الكافيين والسكر.
لا تستهلك القهوة مع وجبة غنية بالكربوهيدرات: لأنها قد تُعقّد امتصاص السكر في الجسم.
راجع مستوى السكر بانتظام: خاصة عند تغيير عادات النوم أو شرب القهوة.
إذا لاحظ المريض ارتفاعًا مفاجئًا أو مستمرًا في مستويات السكر في الدم بعد شرب القهوة أو في فترات قلة النوم، يُفضل التوجه للطبيب المختص لمراجعة خطة العلاج، فقد تحتاج إلى تعديل الجرعات أو تغيير نوعية الدواء.
القهوة ليست ممنوعة على مريض السكري، لكنها تحتاج إلى وعي في طريقة استهلاكها. أما قلة النوم، فهي من أكثر العوامل المؤثرة بشكل سلبي ومباشر على قدرة الجسم في التحكم بسكر الدم. ومع الالتزام بنمط حياة صحي، يمكن لمريض السكري أن يتجنب المضاعفات ويحافظ على توازن السكر في الجسم.
يُنصح دائمًا بالمتابعة الطبية المنتظمة، وتسجيل القراءات اليومية لمستوى السكر، والابتعاد عن العادات الضارة التي تؤثر على التحكم في المرض، خصوصًا في ظل ازدياد الضغوط الحياتية وتغير نمط النوم لدى كثيرين.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt