الإمساك عند الرضع من المشكلات الشائعة التي تُثير قلق الأمهات الجدد، خاصة في الأسابيع الأولى من حياة الطفل. فعندما تلاحظ الأم أن رضيعها لا يُخرج بانتظام، أو يبكي أثناء التبرز، تبدأ في التساؤل: هل هذا طبيعي؟ هل يعاني طفلي من مشكلة صحية؟ ومتى يكون الأمر خطيرًا؟
غالبًا ما يكون الإمساك في الأيام أو الأسابيع الأولى ناتجًا عن تغيرات طبيعية في جسم الرضيع أو نوع التغذية، ولكن في بعض الأحيان قد يكون مؤشرًا لحالة تحتاج إلى تدخل مبكر. في هذا المقال نُسلّط الضوء على أسباب الإمساك عند الرضع في مراحلهم الأولى، مع نصائح فعالة لعلاجه بسرعة وأمان.
الإمساك عند الرضع لا يعني فقط قلة عدد مرات الإخراج، بل يشمل أيضًا صعوبة في التبرز، أو تغير في قوام البراز ليصبح صلبًا وجافًا، مع علامات ألم أو بكاء أثناء عملية الإخراج.
من الطبيعي أن تختلف حركة الأمعاء بين الأطفال، فبعض الرضع يُخرجون بعد كل رضعة، والبعض الآخر كل يومين أو ثلاثة. لكن عندما تقل عدد مرات الإخراج بشدة ويظهر الانزعاج، فغالبًا هناك مشكلة.
في الأسابيع الأولى بعد الولادة، يكون الجهاز الهضمي للرضيع لا يزال في مرحلة التكيّف. وقد يُعاني من بطء في حركة الأمعاء، ما يؤدي إلى تراكم الفضلات.
الرضاعة الطبيعية: نادرًا ما يُصاب الرضع بالإمساك إذا كانوا يعتمدون على حليب الأم فقط، لأن حليب الأم يحتوي على عناصر تُسهّل حركة الأمعاء.
الحليب الصناعي: قد يُسبب الإمساك بسبب صعوبة هضمه، أو بسبب عدم توافق نوع الحليب مع طبيعة جسم الرضيع.
حتى الرضع قد يُصابون بالجفاف، خاصة إن لم يحصلوا على كميات كافية من الحليب، أو إذا فقدوا السوائل بسبب حرارة الجو أو التعرق، ما يؤدي إلى جفاف البراز وصعوبة إخراجه.
عند البدء في إدخال الأطعمة الصلبة (عادة بعد عمر 6 أشهر)، قد يُعاني الرضيع من إمساك مؤقت نتيجة عدم تعود جهازه الهضمي على الألياف والبروتينات الجديدة.
في بعض الحالات، قد تُسبب الأدوية التي تُعطى للرضيع أو الأم (في حالة الرضاعة الطبيعية) أعراضًا جانبية مثل الإمساك، خاصة المضادات الحيوية أو مكملات الحديد.
مشكلات خلقية في الأمعاء مثل مرض هيرشسبرنج
قصور في الغدة الدرقية
انسداد معوي أو تشوهات في الجهاز الهضمي
رغم ندرة هذه الحالات، إلا أن استمرار الإمساك لفترات طويلة دون استجابة للعلاج قد يستدعي الفحص الطبي الشامل.
تتمثل أبرز العلامات التي تشير إلى إصابة الرضيع بالإمساك في:
قلة عدد مرات التبرز (أقل من 3 مرات في الأسبوع)
براز صلب وجاف على غير المعتاد
بكاء شديد أو انزعاج أثناء الإخراج
الرضيع يشد ساقيه ويبكي عند محاولة التبرز
انتفاخ البطن
رفض الرضاعة أو ضعف الشهية
كثير من الأمهات يخلطن بين الإمساك وبين تأخر التبرز، فبعض الأطفال يظلون ليومين دون تبرز ولكن بدون أي انزعاج. في هذه الحالة لا يُعد الطفل مصابًا بالإمساك ما دام:
يرضع طبيعيًا
ينام بهدوء
لا يعاني من انتفاخ
لا يبكي أو يتألم
حركات دائرية خفيفة حول سُرّة الرضيع تُحفز حركة الأمعاء.
يمكن استخدام زيت أطفال دافئ لسهولة الحركة.
ثني ركبتي الرضيع إلى البطن برفق عدة مرات كأنك تقوم بـ"عجلة".
تساعد هذه التمارين في إخراج الغازات وتليين الأمعاء.
وضع الطفل في ماء دافئ (وليس ساخن) يُساعد على ارتخاء العضلات وتسهيل عملية الإخراج.
في حالة الرضاعة الصناعية، يمكن استشارة طبيب الأطفال لتغيير نوع الحليب إلى تركيبة لطيفة على المعدة، مثل الحليب المخصص لعلاج الإمساك أو مشاكل الهضم.
زيادة عدد الرضعات يمد جسم الرضيع بالسوائل اللازمة لتليين البراز وتحفيز الأمعاء.
في بعض الحالات، يمكن للطبيب أن يصف لبوس الجلسرين المخصص للرضع للمساعدة على التبرز.
لا يُنصح باستخدامه إلا لفترة قصيرة وتحت إشراف مباشر.
ينبغي التوجه إلى طبيب الأطفال إذا لاحظت الأم أحد الأعراض التالية:
استمرار الإمساك لأكثر من 5 أيام
وجود دم في البراز
القيء المستمر
الانتفاخ الشديد أو التشنجات
الخمول أو فقدان الوزن
قد يطلب الطبيب في هذه الحالات تحاليل أو أشعة للتأكد من عدم وجود أسباب عضوية خلف الإمساك.
حتى بعد تجاوز مرحلة الإمساك الأولى، من المهم أن تُحافظ الأم على روتين صحي للوقاية، مثل:
الاهتمام بالرضاعة المنتظمة
عدم التسرع في إدخال الطعام الصلب
الاعتماد على الأغذية الغنية بالألياف لاحقًا (مثل البطاطا، الكوسة، التفاح المطهو)
تشجيع الطفل على الحركة بمجرد أن يبدأ في الزحف
أحد أكبر التحديات في التعامل مع الإمساك هو انزعاج الطفل وصعوبة تهدئته. هنا تلعب الأم دورًا كبيرًا من خلال:
حمل الرضيع بطريقة مريحة
التحدث معه بنبرة هادئة
إعطائه حمام دافئ أو تهدئته بالتلامس الجسدي
كل هذه الوسائل تُخفف من توتره وتُساعده على الاسترخاء، ما يُقلل من الألم أثناء التبرز.
الإمساك عند الرضع في الأسابيع الأولى قد يكون تجربة مقلقة للأم، لكنه غالبًا ما يكون عابرًا ولا يستدعي الذعر. الأهم هو مراقبة سلوك الطفل جيدًا، والتدخل مبكرًا باستخدام الوسائل الطبيعية قبل اللجوء إلى الأدوية.
وفي حال عدم تحسن الحالة أو ظهور أعراض مقلقة، لا بد من استشارة الطبيب المختص لتحديد السبب الحقيقي ووصف العلاج المناسب.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt