يمثل الحمل فترة فريدة في حياة المرأة، تجمع بين الترقب والفرح والتغيرات الجسدية والنفسية. ولكن في وسط هذه التغيرات، تنتشر العديد من الخرافات والمعتقدات الشعبية التي قد تُربك الحوامل وتسبب لهن قلقًا غير مبرر. ورغم التطور الطبي الكبير، لا تزال بعض السيدات يتعاملن مع هذه الأفكار على أنها حقائق، رغم عدم وجود أي أساس علمي لها.
من أكثر الخرافات شيوعًا أن تضخم الأنف أثناء الحمل يعني أن الجنين ذكر. وتستند هذه الخرافة إلى ملاحظات شعبية، إلا أنه لا توجد أي دراسة طبية تؤكد وجود علاقة بين جنس الجنين وشكل الأنف.
في الحقيقة، تغيّر ملامح الوجه أثناء الحمل يرتبط غالبًا بزيادة احتباس السوائل في الجسم، وهو أمر طبيعي ناتج عن التغيرات الهرمونية، ولا علاقة له بجنس المولود.
يعتقد البعض أن البطن المنخفضة تشير إلى حمل بذكر، بينما البطن المرتفعة تشير إلى أنثى. لكن العلم يرى أن شكل البطن يعتمد على عدة عوامل، منها:
حجم الجنين.
قوة عضلات البطن.
ترتيب الحمل (أول أم متكرر).
ولا توجد أي علاقة بين شكل البطن وجنس الجنين، فالأمر في النهاية يحدده الكروموسوم الذكري أو الأنثوي.
عبارة متداولة بين السيدات الحوامل، ولكنها ليست دقيقة. خلال الحمل، تحتاج المرأة إلى سعرات حرارية إضافية، لكن ليس إلى الضعف.
الزيادة المناسبة تكون:
حوالي 300 سعر حراري إضافي في الثلث الثاني.
تصل إلى 450 سعرًا في الثلث الثالث.
الإفراط في تناول الطعام قد يؤدي إلى زيادة مفرطة في الوزن، ومضاعفات مثل سكري الحمل أو الولادة القيصرية.
تشير بعض الموروثات إلى أن الغثيان الحاد يدل على حمل ببنت، بينما الحمل بولد يكون أكثر سلاسة. لكن الدراسات الطبية أثبتت أن الغثيان الصباحي سببه التغيرات الهرمونية، وتحديدًا ارتفاع هرمون HCG.
وقد تعاني بعض السيدات من غثيان قوي حتى مع حملها بذكر، والعكس صحيح، لذا لا يمكن الاعتماد على هذه الأعراض لتحديد الجنس.
من الطريف أن تُربط حرقة المعدة بكمية الشعر على رأس المولود. ورغم غرابة الفكرة، أظهرت دراسة أمريكية صغيرة عام 2006 علاقة محتملة بين مستويات هرمون الإستروجين وحدوث ارتجاع معدي وبين كثافة شعر الجنين، لكن هذه ليست قاعدة عامة.
الأرجح أن حرقة المعدة ناتجة عن ضغط الرحم على المعدة واسترخاء العضلات بفعل الهرمونات.
من الشائع أن يُقال للحامل إنها لا يجب أن تصبغ شعرها، خوفًا من امتصاص المواد الكيميائية والتأثير على الجنين. لكن الأبحاث الحديثة ترى أن الكمية التي قد تصل إلى الجسم من خلال الجلد أو الاستنشاق تعتبر ضئيلة جدًا، خاصة بعد انتهاء الأشهر الثلاثة الأولى.
مع ذلك، يُفضل دائمًا استخدام صبغات خالية من الأمونيا، وتطبيقها في أماكن جيدة التهوية.
يُعتقد خطأً أن أي نشاط بدني للحامل قد يُعرضها للإجهاض أو الولادة المبكرة. لكن الحقيقة أن ممارسة الرياضة بانتظام – مع استثناء بعض الحالات الطبية – مفيدة للغاية، ومنها:
تقليل آلام الظهر.
تحسين المزاج.
تسهيل الولادة.
يُفضل ممارسة تمارين معتدلة مثل المشي، السباحة، وتمارين التمدد الخفيفة بعد استشارة الطبيب.
رغم أن الكافيين يُمتص في الجسم ويصل إلى الجنين، إلا أن الكميات المعتدلة لا تشكل خطرًا. التوصيات الحالية تشير إلى أن ما يصل إلى 200 ملغ من الكافيين يوميًا (ما يعادل كوبًا واحدًا من القهوة) آمن خلال الحمل.
لكن الإفراط في الكافيين قد يزيد من احتمالات انخفاض وزن الجنين عند الولادة.
من الخرافات المتداولة أيضًا أن كل حمل يؤدي إلى فقدان سن أو ضعف العظام. الحقيقة أن الحمل لا يُسبب فقدان الأسنان ما دامت الحامل تهتم بصحتها العامة وتتلقى ما يكفي من الكالسيوم.
لكن نقص الكالسيوم بالفعل، وعدم العناية بصحة الفم، قد يؤدي إلى مشاكل مثل التهاب اللثة أو تسوس الأسنان.
تنتشر هذه المعتقدات بسبب عوامل عديدة، منها:
التوارث بين الأجيال.
قصص وتجارب فردية تُعمم على الجميع.
الخوف والقلق من الحمل، مما يجعل المرأة تبحث عن أي إشارات تطمئنها.
ومع التقدم الطبي وتوافر المعلومات الدقيقة، من الضروري أن تعتمد الحوامل على استشارات الأطباء، لا على التفسيرات الشعبية.
استشارة الطبيب عند أي عرض أو تساؤل.
تجنب البحث العشوائي على الإنترنت.
حضور جلسات التوعية الخاصة بالحمل والولادة.
التحدث مع مختصين لا مع أقارب ينقلون تجارب شخصية.
تعزيز الوعي بقراءة مصادر طبية موثوقة.
فترة الحمل مليئة بالتغيرات والمشاعر المختلفة، لكن من المهم أن تمر بسلام دون قلق غير مبرر أو تصديق لأفكار لا تستند إلى دليل. العلم اليوم قادر على تقديم إجابات دقيقة لكل تساؤلات الحمل، فاحرصي على الحصول على معلوماتك من مصدر طبي واضح، وتجنبي الوقوع في فخ الخرافات المتوارثة.
بهذا، يمكنك أن توفري لنفسك ولطفلك بيئة صحية وآمنة، وتخوضي هذه المرحلة الجميلة بثقة واطمئنان.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
