في ظل تكرار الشعور بالهزات الأرضية خلال الأشهر الماضية في عدد من محافظات الجمهورية، بدأ العديد من المواطنين يتساءلون: هل دخلت مصر بالفعل حزام الزلازل؟ وهل نحن مُعرضون لخطر كبير في المستقبل؟ هذه التساؤلات باتت متكررة، خاصة مع تضارب الأنباء على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار تحذيرات غير رسمية تُحذر من احتمالية زلازل مدمرة.
لذلك، حرصت الجهات المعنية وعلى رأسها المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية على إصدار توضيحات رسمية، لتصحيح المفاهيم وتقديم الحقائق بناءً على الرصد العلمي والدراسات الجيولوجية المعتمدة.
حزام الزلازل هو مصطلح جغرافي يُطلق على المناطق التي تقع على خطوط تصادم الصفائح التكتونية، حيث تزداد فيها احتمالات حدوث الزلازل القوية والمتوسطة بصورة دورية. من أشهر أحزمة الزلازل العالمية:
الحزام الناري في المحيط الهادئ.
حزام جبال الألب – الهيمالايا.
الحزام الممتد من شرق آسيا حتى البحر المتوسط.
هذه الأحزمة تحتوي على صدوع نشطة وتكوينات جيولوجية تجعلها عرضة لهزات أرضية بشكل مستمر وقوي.
بحسب تصريحات رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية، فإن مصر ليست ضمن "حزام الزلازل" العالمي. لكن هذا لا يعني أن البلاد بعيدة تمامًا عن النشاط الزلزالي، بل توجد بها مناطق محدودة نشطة نسبيًا، مثل:
خليج العقبة.
جنوب شرق البحر الأحمر.
البحر المتوسط.
بعض المناطق في جنوب سيناء.
لكن هذه المناطق لا تصل لمرحلة التهديد الدائم، وتُصنف كـ"نشاط زلزالي منخفض إلى متوسط"، مقارنة بدول مثل اليابان وتركيا وإندونيسيا.
أفاد التقرير السنوي للمعهد القومي أن عدد الزلازل التي يتم رصدها في مصر سنويًا يتراوح بين 400 إلى 500 هزة أرضية، معظمها ضعيف جدًا وغير محسوس. ومع تطور تقنيات الرصد، أصبح من الممكن تسجيل هزات صغيرة جدًا كانت في السابق تمر دون ملاحظة.
وفي الأشهر الأخيرة، تم تسجيل عدد من الهزات الأرضية، أشهرها:
زلزال متوسط القوة في البحر المتوسط قبالة سواحل مرسى مطروح.
هزة أرضية خفيفة في شمال السويس.
شعور بعض سكان القاهرة بهزة خفيفة نتيجة زلزال في جزيرة كريت.
لكن هذه الزلازل لم تُسفر عن أي أضرار، وكانت في حدود النشاط الطبيعي للمنطقة.
نفى الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية، بشكل قاطع دخول مصر في نطاق حزام الزلازل، مؤكدًا أن:
“كل ما يُقال عن أن مصر باتت في خطر زلزالي كبير غير صحيح علميًا. ما يحدث هو زيادة الوعي والاهتمام برصد الزلازل نتيجة التطور التكنولوجي وانتشار المعلومة.”
كما أضاف أن الجهاز القومي للرصد الزلزالي يُتابع على مدار الساعة النشاط الزلزالي محليًا وإقليميًا، ويتم إصدار بيانات رسمية فور تسجيل أي هزة ذات أهمية.
ساهمت مواقع التواصل في تضخيم الشعور بالخوف من الزلازل، حيث تنتشر معلومات غير دقيقة أو مُبالغ فيها، تُسبب حالة من القلق العام. على سبيل المثال، تم تداول خرائط تُظهر مصر ضمن المناطق الحمراء للزلازل، لكنها مأخوذة من خرائط عالمية لا تُراعي الفروقات المحلية أو درجات الخطورة الدقيقة.
وقد حذر المعهد القومي من الاعتماد على مصادر غير موثوقة، وشدد على ضرورة الرجوع للبيانات الرسمية فقط.
رغم أن مصر ليست ضمن حزام الزلازل، إلا أن الحكومة لا تتعامل مع الملف باستهانة. فقد تم اتخاذ عدد من الخطوات المهمة في السنوات الأخيرة، منها:
تحديث أكواد البناء لتتضمن معايير مقاومة الزلازل.
تركيب أجهزة استشعار متطورة في الأبراج والمنشآت الحيوية.
إنشاء شبكة قومية لمراكز الإغاثة والطوارئ في جميع المحافظات.
تنفيذ تدريبات دورية على الإخلاء والتعامل مع الكوارث.
كما يتم التعاون مع الجهات الدولية مثل هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ومراكز الزلازل الأوروبية، للاستفادة من أحدث بيانات التحليل والتوقع.
وفقًا للدراسات الجيولوجية، تنقسم مصر إلى مناطق حسب احتمالية النشاط الزلزالي:
مناطق منخفضة النشاط: تشمل وسط الدلتا، القاهرة، الصعيد، وواحات الصحراء الغربية.
مناطق متوسطة النشاط: مثل خليج السويس، مناطق قريبة من الساحل الشمالي.
مناطق نشطة نسبيًا: خليج العقبة، جنوب سيناء، وبعض أجزاء من البحر الأحمر.
لكن حتى في أكثر هذه المناطق نشاطًا، تبقى معدلات الهزات الأرضية ضمن الحدود الطبيعية، وأغلبها غير محسوس.
علميًا، لا يمكن توقع حدوث الزلازل بدقة زمنية حتى الآن. إلا أن هناك أنظمة إنذار مبكر يتم تطويرها على مستوى العالم، وتُستخدم للتحذير المبكر لبضع ثوانٍ فقط قبل حدوث الزلزال في المناطق القريبة من مركزه.
في مصر، يتم العمل على تحديث منظومة الرصد والتحليل الجيوفيزيائي، وربطها بمراكز الدفاع المدني لتقليل زمن الاستجابة في حالة الطوارئ.
أكد المعهد القومي على مجموعة من التعليمات الوقائية التي يجب أن يعرفها المواطن، حتى إن كانت احتمالية الزلازل في مصر ضعيفة، وتشمل:
عدم التجمهر أو الهلع حال الشعور بهزة خفيفة.
الابتعاد عن النوافذ أو الأجسام الزجاجية.
اللجوء إلى أماكن مفتوحة أو تحت طاولة صلبة.
متابعة الأخبار من مصادر رسمية فقط.
رغم أن مصر تشهد أحيانًا نشاطًا زلزاليًا خفيفًا إلى متوسط، فإنها ليست ضمن "حزام الزلازل" العالمي كما يتخيل البعض. الجهات الرسمية تؤكد أن الوضع مطمئن تمامًا، ولا يوجد داعٍ للقلق المبالغ فيه. ومع استمرار الدولة في تطوير منظومة الرصد والاستعداد، فإن أي نشاط مستقبلي سيقابل بخطة واضحة للتعامل، مما يُعزز من قدرة البلاد على حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt