أصبحت حقن إنقاص الوزن أحد أبرز الوسائل المنتشرة مؤخرًا بين الأشخاص الذين يسعون لفقدان الوزن بسرعة، خاصة مع تصاعد الحملات الإعلانية التي تروج لها على أنها الحل السحري لخسارة الدهون دون مجهود. ولكن في خضم هذا الاهتمام الكبير، بدأت أصوات طبية ترتفع محذرة من مخاطر صحية محتملة ترتبط باستخدام هذه الحقن، مستندة إلى دراسات حديثة وتجارب سريرية أثبتت أن الأمر ليس بهذه البساطة.
حقن إنقاص الوزن هي أدوية طبية تُعطى عبر الحقن وتُستخدم لمساعدة الأشخاص على تقليل الشهية وتحسين تنظيم سكر الدم والمساعدة في حرق الدهون. وتعمل هذه الحقن عادة على هرمونات في الجسم مسؤولة عن الإحساس بالجوع أو الإحساس بالشبع.
من أشهر أنواع هذه الحقن:
حقن السيماجلوتيد (Semaglutide) المعروفة باسم Ozempic وWegovy
حقن الليراجلوتيد (Liraglutide) المعروفة باسم Saxenda
وقد تمت الموافقة على استخدامها من قبل بعض الجهات الصحية الدولية لعلاج السمنة أو مرضى السكري من النوع الثاني.
هناك عدة أسباب تدفع الأشخاص لاستخدام هذه الحقن:
نتائجها السريعة مقارنة بالحميات الغذائية والرياضة.
ترويجها على أنها آمنة وفعالة.
استخدامها من قبل مشاهير وفنانين.
سهولة الحصول عليها في بعض البلدان دون وصفة طبية.
الضغوط النفسية والمجتمعية المرتبطة بالمظهر والنحافة.
لكن هذا الانتشار الواسع فتح الباب لتساؤلات عديدة حول الأمان، خاصة بعد أن ظهرت حالات تعاني من مضاعفات بعد استخدامها.
خلال الأشهر الماضية، أصدرت هيئات طبية وتقارير بحثية تحذيرات متزايدة من الاستعمال العشوائي وغير الخاضع للرقابة لحقن إنقاص الوزن، ومن أبرزها:
كشفت دراسات أن هذه الحقن قد تسبب آثارًا جانبية قوية مثل الغثيان، والقيء، والإسهال، والإمساك، واضطرابات المعدة، خاصة في بداية العلاج أو عند زيادة الجرعة.
بعض المرضى أفادوا بفقدان تام للشهية، مما أدى إلى نقص حاد في العناصر الغذائية، وهزال عام وفقدان عضلي بدلاً من دهون فقط.
هناك تحذيرات من ارتباط هذه الحقن بزيادة احتمالية الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد، وهي حالة خطيرة قد تتطلب تدخلاً طبيًا عاجلًا.
أشارت أبحاث إلى أن بعض مستخدمي هذه الحقن قد يواجهون اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب أو القلق نتيجة تغيرات هرمونية مفاجئة في الجسم.
من أهم الانتقادات أن أغلب من يوقفون العلاج يعود وزنهم سريعًا لما كان عليه وربما يزيد، مما يجعل هذه الحقن حلًا مؤقتًا لا يعالج السبب الجذري للسمنة.
يشعر بعض المستخدمين أنهم لا يستطيعون العيش بدون الحقن، ويصبح لديهم اعتماد نفسي كبير عليها.
أجريت دراسة نُشرت في إحدى المجلات الطبية المتخصصة في أمراض الغدد الصماء على مجموعة من الأشخاص الذين استخدموا حقن السيماجلوتيد لمدة 6 أشهر. وخلصت النتائج إلى:
انخفاض الوزن بمتوسط 8 إلى 12 كيلوجرامًا.
ولكن 37% منهم عانوا من اضطرابات في الجهاز الهضمي.
و14% أوقفوا العلاج بسبب الآثار الجانبية.
وعاد الوزن تدريجيًا خلال 4 أشهر بعد توقف الحقن.
كما رصدت دراسة أمريكية أخرى أن الأشخاص الذين خضعوا للعلاج بالحقن لمدة عامين، كانوا أكثر عرضة لاضطراب في انتظام ضربات القلب.
تحذر الجهات الطبية من استخدام هذه الحقن من قبل:
من يعانون من مشاكل في الكلى أو الكبد.
الأشخاص المصابين بأمراض القلب المزمنة.
النساء الحوامل أو المرضعات.
الأطفال والمراهقين.
من لديهم تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
في تصريحات لعدد من الأطباء في مصر وخارجها، أجمعوا على أن:
هذه الحقن ليست للجميع.
يجب أن تُستخدم تحت إشراف طبيب مختص.
لا تُعد بديلًا دائمًا عن النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني.
يجب مراقبة الحالة الصحية بشكل دوري أثناء الاستخدام.
وأشار بعضهم إلى ضرورة توعية الناس بخطورة استخدام أدوية فقدان الوزن دون تقييم طبي شامل.
قبل الإقدام على هذه الخطوة، يُنصح باتباع ما يلي:
استشارة طبيب تغذية أو غدد صماء لتقييم مدى الحاجة إليها.
القيام بفحوصات شاملة تشمل الكبد والكلى والسكري ووظائف الغدة.
معرفة الآثار الجانبية المحتملة وتقييم القدرة على تحملها.
وضع خطة غذائية ورياضية موازية حتى لا يُفقد الوزن بطريقة غير صحية.
الاستعداد النفسي للإقلاع عن الحقن لاحقًا دون الاعتماد الكلي عليها.
بجانب الأدوية، هناك العديد من الطرق الطبيعية التي قد تساعد في إنقاص الوزن بأمان، منها:
النظام الغذائي المتوازن المعتمد على الخضروات والبروتينات.
تقليل السكريات والدهون المشبعة.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
شرب الماء بكميات كافية.
النوم الجيد والتخلص من التوتر.
يعمل باحثون حاليًا على تطوير بدائل أكثر أمانًا، مثل الحقن قصيرة المدى أو الكبسولات الذكية التي تؤثر على الشهية دون التسبب في آثار جانبية شديدة. ويأمل كثيرون أن تكون هذه البدائل أكثر توازنًا من حيث الفعالية والمخاطر.
رغم أن حقن إنقاص الوزن قد تُظهر نتائج مبهرة في وقت قصير، فإن استخدامها دون إشراف طبي قد يكون محفوفًا بالمخاطر. لا يوجد دواء سحري لإنقاص الوزن، والحل الأمثل يظل في اتباع نمط حياة صحي ومتوازن يشمل التغذية السليمة والنشاط البدني والراحة النفسية. التطور العلمي مهم، لكن الوعي الصحي أهم، والوقاية خير من العلاج.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt