البنكرياس المنقسم أو "البنكرياس المزدوج القناة" (Pancreas divisum) هو عيب خلقي يحدث عندما يفشل الجزءان الأساسي والثانوي من البنكرياس في الاندماج بشكل كامل أثناء مرحلة التطور الجنيني. ويُعد هذا التكوين غير الطبيعي أحد أكثر العيوب شيوعًا في تكوين البنكرياس، ويصيب ما يقرب من 5% إلى 10% من السكان، إلا أن الغالبية العظمى من المصابين لا يشعرون بأي أعراض على الإطلاق.
في الظروف الطبيعية، يتكون البنكرياس أثناء نمو الجنين من جزأين:
الجزء الظهري: والذي يُشكّل معظم أنسجة البنكرياس.
الجزء البطني: الذي يُكوّن الجزء السفلي من العضو.
وفي نهاية تطور الجنين، يندمج الجزآن ويشكلان قناة واحدة تُعرف باسم "قناة ويرسنغ" (Wirsung’s duct)، والتي تُفرغ الإنزيمات الهضمية في الاثني عشر، أول جزء من الأمعاء الدقيقة.
أما في حالة البنكرياس المنقسم، لا تندمج القناتان، وتظل كل قناة تعمل بشكل مستقل، مما يؤدي إلى تصريف الإنزيمات الهضمية بشكل غير منتظم.
معظم الأطباء لا يعتبرون البنكرياس المنقسم مرضًا، بل هو "تشوّه خلقي صامت"، حيث أن 95% من الحالات لا تُعاني من أي أعراض، ويُكتشف الأمر مصادفة عند إجراء أشعة رنين مغناطيسي أو تصوير بالأشعة المقطعية لأسباب أخرى.
لكن في بعض الحالات، قد يسبب مضاعفات إذا أدى إلى انسداد جزئي في تدفق العصارات الهضمية، مما يزيد من خطر التهاب البنكرياس المتكرر أو المزمن.
رغم أن أغلب المصابين لا تظهر عليهم أعراض، إلا أن هناك نسبة صغيرة قد تواجه بعض المشكلات، مثل:
نوبات متكررة من ألم حاد في الجزء العلوي من البطن.
ألم مستمر ينتقل إلى الظهر.
غثيان أو قيء.
مشاكل في الهضم أو الشعور بالامتلاء السريع.
فقدان الوزن بدون سبب واضح.
في حال تكرار هذه الأعراض، يُحتمل أن يكون هناك تأثير مباشر للبنكرياس المنقسم على عمل القنوات وإفراز الإنزيمات، وقد تتطور الحالة إلى التهاب البنكرياس.
لا يُعد هذا الخلل ناتجًا عن عوامل بيئية أو نمط حياة معين، بل هو ناتج عن:
عيب خلقي في النمو الجنيني أثناء الأسبوع السادس إلى الثامن من الحمل.
فشل القناتين الجنينيّتين للبنكرياس في الاندماج لتشكيل القناة الموحدة.
وبالتالي فهو موجود منذ الولادة، ولا يظهر نتيجة لأي سلوك مكتسب.
قد تظهر المضاعفات الصحية للبنكرياس المنقسم في الحالات التالية:
إذا ترافق مع ضيق في قناة التصريف الفرعية، مما يؤدي إلى بطء تدفق العصارات البنكرياسية.
عند حدوث انسداد متكرر للقنوات، مما يسبب التهابات متكررة في البنكرياس.
في حال تطور الحالة إلى التهاب مزمن في البنكرياس يصاحبه ألم مستمر وتلف في خلايا البنكرياس.
يُكتشف هذا العيب غالبًا عن طريق الصدفة أثناء إجراء فحوصات أخرى. ولكن إذا كانت هناك أعراض تستدعي الفحص، فإن الطرق المتبعة تشمل:
وهو الأسلوب غير الجراحي الأكثر دقة للكشف عن تشوهات القنوات البنكرياسية.
ويُستخدم غالبًا في حالات التهاب البنكرياس المتكرر أو المزمن، ولكن يجب توخي الحذر لأنه إجراء تدخلي وقد يُسبب مضاعفات.
في أغلب الحالات، لا يحتاج المصاب إلى أي تدخل طبي، طالما لم تظهر أعراض أو مضاعفات. ولكن في حالة وجود أعراض مزعجة أو التهابات متكررة، قد يتم اللجوء إلى:
مضادات التقلصات لعلاج ألم البطن.
إنزيمات هضمية مساعدة لتقليل الضغط على البنكرياس.
أدوية مضادة للغثيان أو مضادات حيوية إذا حدث التهاب.
فتح قناة التصريف الفرعية بالمنظار لتحسين تدفق العصارات.
تركيب دعامة لتسهيل مرور الإنزيمات من القناة الثانوية إلى الاثني عشر.
في الحالات النادرة جدًا، قد يُجري الأطباء عملية جراحية لتعديل المسار الطبيعي للعصارات الهضمية.
رغم أن الحالتين تتداخلان في بعض الأعراض، فإنهما مختلفتان تمامًا:
وجه المقارنة | البنكرياس المنقسم | التهاب البنكرياس |
---|---|---|
السبب | خلقي منذ الولادة | نتيجة عدوى، حصى، الكحول، أو دواء |
الأعراض | غالبًا لا يوجد | ألم شديد، حرارة، غثيان |
العلاج | غالبًا لا يُعالج | يحتاج إلى تدخل فوري |
الخطورة | منخفضة | قد تكون مهددة للحياة |
مراقبة الأعراض: إذا شعرت بألم متكرر في البطن أو غثيان مستمر، راجع الطبيب فورًا.
تجنب الدهون الزائدة في الطعام، حيث قد تزيد من إرهاق البنكرياس.
شرب الماء بانتظام للحفاظ على وظائف الجهاز الهضمي.
الابتعاد عن الكحول تمامًا، لأنه يزيد من مخاطر التهاب البنكرياس.
المتابعة الدورية مع أخصائي الجهاز الهضمي خاصة إذا كنت تعاني من أعراض مزمنة.
البنكرياس المنقسم ليس مرضًا خطيرًا في أغلب الحالات، ولا يتطلب علاجًا ما لم تظهر أعراض مزعجة. ومع ذلك، من المهم الوعي بهذا العيب الخلقي، خاصة لمن يُعانون من التهابات متكررة أو مشاكل في الهضم. الفحوصات المبكرة والتشخيص الدقيق يمكن أن يجنّبا المريض مضاعفات صحية طويلة الأمد.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt