ميكسات فور يو
من هو الرئيس العربي الذي قال عنه عبد الناصر «والله لو جوعنا ما أطلب منه!»؟
الكاتب : Mohamed Abo Lila

من هو الرئيس العربي الذي قال عنه عبد الناصر «والله لو جوعنا ما أطلب منه!»؟

من هو الرئيس العربي الذي قال عنه عبد الناصر «والله لو جوعنا ما أطلب منه!»؟


يُعد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر واحدًا من أكثر الشخصيات السياسية تأثيرًا في تاريخ العرب الحديث، ليس فقط بصفته رئيسًا لمصر، بل كرمز للكرامة الوطنية والنضال من أجل الاستقلال العربي.

ومن بين المواقف الكثيرة التي تُروى عن عبد الناصر، يبرز موقفه الشهير الذي قال فيه: «والله لو جوعنا ما أطلب منه!» مشيرًا إلى أحد القادة العرب الذين كان بينهم وبين مصر توتر شديد في إحدى الفترات الحرجة.

في هذا التقرير نكشف تفاصيل القصة الكاملة، من هو هذا الرئيس؟ وما خلفيات هذا التصريح الصادم؟ وما دلالاته السياسية في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة العربية؟


القصة وراء التصريح

يرتبط هذا التصريح بفترة الستينيات من القرن العشرين، حيث كانت مصر تمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية بعد نكسة 1967، التي تركت آثارًا اقتصادية وسياسية مدمرة.

وخلال تلك المرحلة، احتاجت مصر إلى دعم اقتصادي وسياسي كبير لإعادة بناء الجيش، والنهوض من آثار الهزيمة، لكن عبد الناصر كان يرفض بشدة الاستعانة ببعض الدول أو القادة الذين كانوا يربطون مساعداتهم بشروط سياسية تهدد استقلال القرار الوطني المصري.

وجاء هذا التصريح كرد فعل قاطع من عبد الناصر على محاولات بعض القادة العرب استغلال الظروف المصرية لتحقيق مكاسب سياسية أو فرض إملاءات على القرار المصري.


من هو الرئيس المقصود بتصريح عبد الناصر؟

الرئيس المقصود بتصريح عبد الناصر هو الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية آنذاك.

ورغم أن العلاقة بين عبد الناصر والملك فيصل شهدت مراحل من التعاون والدعم، إلا أنها كانت في كثير من الأوقات متوترة بشدة، خاصة بسبب الخلافات حول قضايا الوحدة العربية، والتعامل مع قوى الاستعمار، والموقف من الحرب في اليمن.


الخلفيات السياسية للتوتر بين عبد الناصر والملك فيصل

  • كانت السعودية تنتهج سياسة محافظة تميل إلى التحالف مع القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لضمان حماية المملكة.

  • في المقابل، كان عبد الناصر يرفع راية القومية العربية والتحرر من الاستعمار، ويناهض بقوة الوجود الأجنبي في المنطقة.

  • دعم عبد الناصر للثورة اليمنية ضد حكم الإمام البدر أدى إلى صدام مباشر مع المملكة العربية السعودية، التي كانت تدعم القوات الملكية في اليمن.

  • اتهم عبد الناصر السعودية بدعم القوى الرجعية المعادية لحركات التحرر الوطني، مما زاد من حدة التوترات بين البلدين.


دلالات تصريح عبد الناصر

يحمل تصريح عبد الناصر دلالات عميقة للغاية على المستوى السياسي والوطني، أبرزها:

  • تأكيده على استقلال القرار المصري وعدم قبوله بأي ضغوط مالية أو سياسية مهما كانت الظروف.

  • الإصرار على الكرامة الوطنية حتى في أشد أوقات الشدة الاقتصادية.

  • إعلانه بشكل صريح أن السيادة الوطنية لا تُباع ولا تُشترى تحت أي ظرف.

وكان هذا الموقف رسالة واضحة لكل الأطراف الإقليمية والدولية بأن مصر، رغم جراحها، لن تركع أو تساوم على مبادئها.


تطورات العلاقة بين مصر والسعودية بعد هذا الموقف

شهدت العلاقة بين القاهرة والرياض تقلبات كثيرة بعد هذا التصريح:

  • هدأت التوترات تدريجيًا بعد قمة الخرطوم في عام 1967، التي جمعت عبد الناصر مع الملك فيصل وعدد من القادة العرب لإعادة ترتيب الصفوف بعد الهزيمة.

  • لعبت السعودية دورًا مهمًا في دعم مصر ماديًا بعد نكسة 1967، في إطار ما عرف بـ"التضامن العربي".

  • عاد التنسيق بين مصر والسعودية بشكل أكبر مع بداية السبعينيات في عهد الرئيس أنور السادات.

ويعكس هذا التطور أن السياسة ليست دائمة القطيعة، وأن المصالح القومية قد تدفع الأطراف المختلفة إلى تجاوز الخلافات.


شهادة التاريخ على مواقف عبد الناصر

ظل عبد الناصر حتى وفاته رمزًا للكرامة الوطنية والاستقلال الحقيقي عن كل القوى التي كانت تحاول فرض الهيمنة على القرار العربي.

ولم يكن تصريحه الرافض لأي دعم مشروط مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، بل كان التزامًا عمليًا تجلى في سياساته ومواقفه، مهما بلغت تكلفة هذا الخيار من معاناة داخلية أو صعوبات اقتصادية.


الفرق بين المواقف المبدئية والسياسة الواقعية

في عالم السياسة، قليلون هم القادة الذين يضعون المبادئ فوق المصالح الآنية، وعبد الناصر كان من هؤلاء القادة القلائل الذين:

  • رفضوا المقايضة على استقلال بلادهم.

  • دفعوا أثمانًا باهظة للدفاع عن الكرامة الوطنية.

  • غلّبوا المصالح القومية على المكاسب الشخصية أو الآنية.

ويعطي هذا الموقف درسًا مهمًا للأجيال الحالية بأن الكرامة الوطنية ليست مجرد شعار، بل مسؤولية ثقيلة تتطلب صبرًا وشجاعة وثباتًا أمام الضغوط.


أهمية استدعاء هذه المواقف اليوم

في ظل ما يشهده العالم اليوم من تحولات سياسية وتحديات اقتصادية، تزداد الحاجة إلى استدعاء دروس الماضي واستلهام مواقف القادة الذين رفضوا الخضوع رغم الأزمات.

ويؤكد تصريح عبد الناصر أن الاستقلال الوطني لا يتحقق بالكلمات بل بالمواقف العملية الصلبة التي تترجم في القرارات والسياسات اليومية.


كان تصريح جمال عبد الناصر «والله لو جوعنا ما أطلب منه!» تعبيرًا حيًا عن إرادة وطنية لا تلين، ورمزًا لصمود دولة كانت تئن تحت وطأة الهزيمة لكنها رفضت أن تبيع قرارها أو تستجدي الدعم على حساب كرامتها.

وقد علم عبد الناصر الأمة أن الفقر المؤقت يمكن تجاوزه، لكن التفريط في السيادة الوطنية لا يمكن إصلاحه بسهولة.

ومن خلال مواقفه القوية، ترك عبد الناصر إرثًا سياسيًا وأخلاقيًا كبيرًا لكل من يسعى اليوم لحماية أوطانهم من التدخلات الخارجية أو الضغوط الاقتصادية المشروطة.

وفي عالم يزداد تعقيدًا وتنافسًا، يبقى درس عبد الناصر صالحًا لكل زمان ومكان: أن كرامة الشعوب لا تُشترى بثمن، والاستقلال الحقيقي لا يُساوم عليه مهما كانت التحديات.

بهذا نكون قد استعرضنا القصة الكاملة عن الرئيس العربي الذي قال عنه عبد الناصر "والله لو جوعنا ما أطلب منه!"، وتفاصيل الموقف، وخلفياته التاريخية والسياسية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...