في 6 أكتوبر 1973، وقعت واحدة من أبرز الحروب في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وهي حرب أكتوبر. هذه الحرب، التي أطلق عليها البعض "الحرب التي أذاقت إسرائيل العار"، شكلت نقطة تحول هائلة في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تمكنت القوات المصرية والسورية من توجيه ضربات موجعة لإسرائيل، مما جعل العالم يشهد تغيرًا جذريًا في مسار الحرب. الصحف العالمية، وخاصة صحيفة نيويورك تايمز، قامت بتغطية واسعة لأحداث الحرب وتداعياتها على المنطقة والعالم.
في هذا المقال، سنلقي نظرة على ما قالته الصحف العالمية، خاصة نيويورك تايمز، عن حرب أكتوبر 1973، وكيف نقلت صورة الصراع وتأثيراته على إسرائيل والدول العربية.
اندلعت حرب أكتوبر في يوم عيد الغفران اليهودي، يوم مقدس في إسرائيل، مما جعل توقيت الهجوم مفاجئًا وغير متوقع. شنت القوات المصرية والسورية هجومًا متزامنًا على القوات الإسرائيلية المتمركزة في سيناء وهضبة الجولان. كان الهدف من الهجوم هو استعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل خلال حرب 1967.
استطاعت القوات المصرية عبور قناة السويس وتوجيه ضربة قوية لخط بارليف، الذي كان يُعتقد أنه لا يُخترق. في المقابل، تقدمت القوات السورية في الجولان، موجهة ضربات لإسرائيل في هذه المنطقة الحساسة. هذه الحرب كانت بمثابة مفاجأة كبرى لإسرائيل، التي كانت تعتقد أنها غير قابلة للهزيمة بعد انتصاراتها السابقة.
نيويورك تايمز، واحدة من أهم الصحف الأمريكية والعالمية، قدمت تغطية واسعة لأحداث حرب أكتوبر. كانت تقاريرها متوازنة إلى حد كبير، مع تحليل عميق لأسباب الحرب وتداعياتها على إسرائيل والعالم.
في 7 أكتوبر 1973، وصفت نيويورك تايمز الهجوم المصري والسوري بأنه "هجوم مباغت وغير متوقع" على إسرائيل، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي كان في حالة صدمة بسبب التوقيت المفاجئ للهجوم. وذكرت الصحيفة: "الهجوم العربي الذي بدأ يوم السبت جاء في وقت كانت فيه إسرائيل في أضعف حالاتها من حيث الجاهزية العسكرية."
أوضحت الصحيفة أن توقيت الهجوم خلال عيد الغفران كان بمثابة عامل حاسم ساعد القوات المصرية والسورية في تحقيق مكاسب ميدانية سريعة في الأيام الأولى للحرب. وكان العنوان الرئيسي لهذا اليوم: "العرب يفاجئون إسرائيل في هجوم متعدد الجبهات".
بعد مرور أيام قليلة على الحرب، بدأت نيويورك تايمز تقدم تحليلات أكثر تعمقًا حول التكتيكات العسكرية التي استخدمها العرب والتي أذهلت الإسرائيليين. في 10 أكتوبر 1973، نشرت الصحيفة تقريرًا موسعًا بعنوان: "الهجوم المصري: تحول في التفكير العسكري العربي". في هذا التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن العبور المصري لقناة السويس وكسر خط بارليف كان بمثابة إنجاز عسكري غير مسبوق. وكتبت الصحيفة: "منذ حرب 1967، كانت إسرائيل تعتقد أن العرب غير قادرين على تنفيذ هجوم منسق ومخطط له بهذه الدقة. لكن حرب أكتوبر أثبتت عكس ذلك."
وأشارت الصحيفة إلى أن المعدات السوفيتية التي استخدمتها القوات المصرية والسورية كانت فعالة في مواجهة التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، مما شكل تحديًا كبيرًا لإسرائيل في الأيام الأولى من الحرب.
إحدى الزوايا المهمة التي ركزت عليها نيويورك تايمز كانت التأثير النفسي للحرب على إسرائيل. في تقريرها يوم 14 أكتوبر 1973، كتبت الصحيفة أن الشعب الإسرائيلي بدأ يشعر للمرة الأولى بـ"الضعف" وأن الجيش الإسرائيلي لم يعد "لا يُقهر". وجاء في المقال: "إسرائيل تواجه عارًا غير مسبوق. الشعب الإسرائيلي الذي اعتاد على رؤية جيشه كقوة لا تقهر يعاني الآن من صدمة عميقة بسبب الهجوم العربي المنسق."
وأوضحت الصحيفة أن الحرب كانت ضربة قاسية للمعنويات الإسرائيلية، حيث لم يكن أحد في إسرائيل يتوقع أن تتمكن الجيوش العربية من تحقيق مكاسب عسكرية كبيرة في الأيام الأولى.
لم تغفل نيويورك تايمز دور الولايات المتحدة في الحرب، حيث أشارت إلى أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة الرئيس ريتشارد نيكسون قررت تقديم دعم عسكري كبير لإسرائيل من خلال جسر جوي ضخم. هذا الدعم ساعد إسرائيل على استعادة جزء من توازنها العسكري، بعد الخسائر التي تكبدتها في الأيام الأولى.
في تقريرها يوم 20 أكتوبر 1973، كتبت الصحيفة: "الجسر الجوي الأمريكي أنقذ إسرائيل من هزيمة وشيكة. الدبابات والطائرات التي أرسلتها الولايات المتحدة أعادت لإسرائيل القدرة على مواجهة القوات المصرية والسورية."
مع انتهاء العمليات العسكرية في أواخر أكتوبر 1973، نشرت نيويورك تايمز سلسلة من المقالات التحليلية التي تطرقت إلى نتائج الحرب على المنطقة والعالم. في تقريرها الختامي يوم 30 أكتوبر، أشارت الصحيفة إلى أن حرب أكتوبر كانت بمثابة "نقطة تحول" في الصراع العربي الإسرائيلي.
كتبت الصحيفة: "حرب أكتوبر لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت بداية لتغيرات سياسية كبيرة في الشرق الأوسط. استعادة مصر لكرامتها العسكرية والسياسية بعد الهزيمة في 1967 أعادت رسم ملامح المنطقة."
أشارت نيويورك تايمز أيضًا إلى أن حرب أكتوبر كانت لها تداعيات سياسية عالمية، حيث أجبرت الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، على إعادة تقييم مواقفها من الصراع العربي الإسرائيلي. في تقريرها يوم 5 نوفمبر 1973، كتبت الصحيفة: "الحرب أدت إلى تقارب غير مسبوق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حيث عملت القوتان العظميان على تهدئة الصراع من خلال مبادرات دبلوماسية."
وأضافت الصحيفة أن الحرب فتحت الباب أمام عملية السلام في الشرق الأوسط، والتي culminated في اتفاقية كامب ديفيد لاحقًا بين مصر وإسرائيل.
إلى جانب نيويورك تايمز، قدمت العديد من الصحف العالمية الأخرى تغطية واسعة لحرب أكتوبر. نذكر منها:
حرب أكتوبر 1973 لم تكن مجرد مواجهة عسكرية بين جيوش، بل كانت نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي. الصحف العالمية، وعلى رأسها نيويورك تايمز، وصفت الحرب بأنها هزيمة مريرة لإسرائيل وانتصار للكرامة العربية. وعلى الرغم من استعادة إسرائيل بعض قوتها بدعم أمريكي، إلا أن الجيوش العربية، خاصة المصرية، أذاقت إسرائيل مرارة الهزيمة والعار. الحرب فتحت الباب أمام تغيرات سياسية كبيرة في المنطقة، وأعادت رسم ملامح الصراع لعقود قادمة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt