ينقسم خبراء التغذية حول تناول الحليب على معدة فارغة بين مؤيد ومعارض، لكن الدراسات المتزايدة والنصائح السريرية تدعو لتجنّب شرب الحليب مباشرة بعد الاستيقاظ دون تناول أي طعام آخر. وعلى الرغم من فوائد الحليب المعروفة من غناه بالعناصر الغذائية، إلا أن تناوله على معدة فارغة قد يسبب مشكلات صحية لأوعية مختلفة في الجسم. في هذا التقرير، نوضح الأسباب وراء تحذير الأطباء من هذا السلوك، ونستعرض الأضرار المحتملة، والحلول الجيدة للاستهلاك الصحي للحليب.
عند شرب الحليب على معدة فارغة، تدخل الكازين والبروتينات مباشرة إلى بيئة معدية حامضية، مما قد يؤدي إلى تفاعل كيميائي ينتج تأخير في الهضم. هذا التفاعل يمكن أن يسبب الشعور بالانتفاخ أو التقلصات المزعجة، خاصة عند المصابين بالارتجاع المعدي أو القرحة. ولهذا السبب، يُنصح بتناول الحليب بعد وجبة خفيفة أو على الأقل مع قطعة خبز أو فاكهة، ليتم امتصاصه تدريجيًا بدون عبء كبير على الجهاز الهضمي.
تناول الحليب بمفرده في الصباح قد يؤدي إلى ضعف امتصاص بعض المعادن الهامة مثل الحديد والزنك. وذلك يعود إلى الروابط القوية بين الكالسيوم في الحليب وبعض المركبات الأخرى التي تُعيق الامتصاص الكامل للمعادن عند التناول المتزامن. عند شرب الحليب أول شيء في الصباح، يختل توازن الامتصاص في الوجبة التالية، وربما يتناقص الاستفادة من العناصر المفيدة في وجبة الإفطار.
الحليب غني بالأحماض الأمينية التي تحفّز إفراز الإنسولين بوتيرة سريعة عند التناول على معدة خاوية. ومن المعروف أن ارتفاع الإنسولين مفاجئًا قد يؤدي إلى انخفاض سكر الدم لاحقًا، مسببًا شعورًا مفاجئًا بالجوع أو الخمول. لذلك، فإن تناول الحليب مع بعض الكربوهيدرات الصحية تبطئ من سرعة امتصاص الإنسولين، وتساعد على تجنب تذبذب مستويات الجلوكوز في الدم.
يعاني كثير ممن لديهم مشكلة في هضم اللاكتوز من أعراض مثل الانتفاخ والغازات والإسهال عند شرب الحليب على معدة فارغة. الطعام الخفيف وقتها يؤدي إلى تحسين التوازن البكتيري في الأمعاء وتخفيف تفاعل اللاكتوز مع جدارها. لذا يُفضل هؤلاء تناول الحليب مع الطعام أو استبداله بمشتقات خالية من اللاكتوز أو بدائل نباتية مثل حليب الشوفان أو اللوز.
يتفاعل الحليب أحيانًا مع مكونات الأدوية، مثل المضادات الحيوية أو أدوية هشاشة العظام، إذ يكوّن مع بعض العوامل مركبات تقلل من فعالية الأدوية. تناول الحليب صباحًا وعلى معدة فارغة قبل تناول الدواء يزيد من خطر التداخل. ومن الأفضل تناوله بعد ساعة من الدواء أو مع وجبة صحية تمنع التثبيط الدوائي.
لتحقيق أقصى استفادة من الحليب دون مشكلات صحية، يُنصح باتباع النصائح التالية:
تناوله مع وجبة متوازنة تشمل كربوهيدرات وفواكه
تجنب شربه مع الأدوية مباشرة
استخدم مشتقات مخففة أو بدائل نباتية عند وجود حساسية
لا تعتمد عليه فقط لتزويدك بالطاقة عند الصباح، بل اجمع بينه وبين الحبوب الكاملة أو الخبز الصحي
بشكل عام، لا يمكن إنكار فوائد الحليب عند تعاطيه بشكل مناسب ضمن النظام الغذائي. يحتوي على الكالسيوم والفيتامين د والبروتينات والفيتامين ب2، إضافة إلى عناصر أساسية للمناعة ونمو العظام. فإن تم تناوله بشكل معتدل مع وجبة متوازنة، فإن فوائده تتحقق، ويمنع حدوث الأعراض السلبية التي تترافق مع تناوله على معدة فارغة.
الحليب غذاء غني ومفيد لكن تناوله على معدة فارغة قد يؤدي إلى مشكلات صحية متنوعة، بدءًا من الهضم إلى التداخلات الدوائية. افضل طريقة للاستفادة منه هي تضمينه في وجبة صحية متكاملة صباحًا أو عصرًا، مع الانتباه لمستويات اللاكتوز والأدوية المرافقة. عندما يُستخدم بشكل صحيح، يصبح مشروبًا داعمًا لصحة العظام والجهاز المناعي، ولا يتسبب بأي مشاكل عند اتباع النصائح.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt