في خطوة جديدة تُعيد فتح ملف الإيجار القديم مجددًا، أعلنت لجنة الإسكان بمجلس النواب عن تنظيم جلسات استماع للملاك والمستأجرين يومي الأحد والاثنين، وذلك بهدف الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة قبل اتخاذ أية قرارات أو توصيات تشريعية جديدة بشأن هذا الملف الشائك والممتد لعقود.
وتأتي هذه الجلسات في ظل الجدل المتجدد حول تعديل قانون الإيجارات القديمة، ووسط مطالبات متزايدة من الطرفين بوضع حلول عادلة تُراعي حقوق الجميع، وتحقق التوازن بين الملكية والسكن.
ملف الإيجار القديم يُعد واحدًا من أكثر الملفات إثارة للجدل في مصر، حيث توجد آلاف الوحدات السكنية والتجارية مازالت خاضعة لعقود قديمة بأسعار زهيدة لا تتناسب مع قيمة العقار الحالية.
وتسعى الدولة الآن لإعادة النظر في هذا القانون، بعد تصاعد المطالبات من الملاك بتحرير العلاقة الإيجارية، في حين يُحذر المستأجرون من أن أي تعديل قد يُعرّضهم للتشريد أو الطرد.
أعلنت لجنة الإسكان بالبرلمان أن جلسات الاستماع ستُعقد على النحو التالي:
يوم الأحد المقبل: للاستماع إلى ممثلي الملاك، والجمعيات القانونية التي تدافع عن حق الملكية، وبعض خبراء العقارات والقانون.
يوم الاثنين المقبل: للاستماع إلى ممثلي المستأجرين، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات العامة المؤيدة للإبقاء على الوضع الحالي أو تعديله بشكل تدريجي.
وسيتم خلال الجلسات استعراض مذكرات رسمية، ومناقشة المقترحات، والاطلاع على الدراسات المقدمة من الجانبين.
الملاك يطالبون منذ سنوات بضرورة تعديل قانون الإيجار القديم، وطرحوا عدة مبررات، أبرزها:
العقود الحالية تُجبرهم على تأجير الوحدات بأسعار رمزية لا تواكب الزمن
بعض المستأجرين يُورّثون الوحدة لأبنائهم دون وجه حق
لا يستطيع المالك الاستفادة من ممتلكاته، أو التصرف فيها بحرية
انهيار قيمة العائد الاستثماري من العقار
كما يقترح بعضهم فرض مدة انتقالية لإخلاء الوحدات، مع تعويضات رمزية للمستأجرين، أو توفير بدائل سكنية في حالات الضرورة.
في المقابل، يعبّر المستأجرون عن مخاوفهم من التعديلات المقترحة، ويؤكدون أن:
كثير من المستأجرين من الطبقات المتوسطة والفقيرة، ولا يستطيعون تحمل أعباء الإيجارات الجديدة
القانون كان في الأصل يحمي الفئات الضعيفة اجتماعيًا
لا توجد ضمانات كافية بعدم الطرد أو استغلال الفجوة القانونية لصالح الملاك
لا يجب تحميل الأجيال الحالية مسؤولية قرارات قديمة تعود لعقود سابقة
ويطالب ممثلوهم بإعادة التوازن في العلاقة، لكن دون الإخلال بحق السكن، أو تحميل المستأجرين فوق طاقتهم.
في ظل تباعد وجهات النظر، طُرحت عدة حلول وسطية، منها:
تحرير تدريجي للعقود على مدار 5 إلى 10 سنوات
إعادة تقييم القيمة الإيجارية وفقًا لمعايير اقتصادية عادلة
تقسيم الوحدات بين سكنية وتجارية، مع التعامل المختلف مع كل نوع
إنشاء صندوق تعويض للمستأجرين غير القادرين بدعم من الدولة
تحديد حالات الاستثناء، مثل كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة
الحكومة لم تُصدر حتى الآن مشروع قانون رسمي، لكنها أبدت استعدادها لدراسة التوصيات البرلمانية الناتجة عن جلسات الاستماع.
كما أكدت وزارة العدل في تصريحات سابقة أن أي تعديل سيُراعي المواد الدستورية التي تحمي حق الملكية وحق السكن معًا، وسيتم طرح أي مشروع قانون للمجتمع للحوار المجتمعي قبل إقراره.
تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن هناك:
أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية وتجارية خاضعة لقانون الإيجار القديم
تتوزع بين وحدات مأهولة بالسكان، وأخرى مغلقة أو مغلقة للورثة
النسبة الأكبر تتركز في القاهرة الكبرى والإسكندرية وبعض المدن القديمة
وهو ما يجعل هذا الملف من أعقد الملفات التي تمس شريحة واسعة من المواطنين.
أكد عدد من أساتذة القانون أن الحل يجب أن يقوم على التوازن، مشيرين إلى:
أن العقود القديمة لا يمكن إلغاؤها فجأة لأنها تعتبر عقودًا مُبرمة قانونًا
لا بد من مراعاة البُعد الإنساني والاجتماعي في التعديلات
يمكن الاستناد إلى سوابق قانونية من دول أخرى تعاملت مع أوضاع مشابهة بالتدرج في التطبيق
أي تعديل في قانون الإيجار القديم سيكون له تأثير مباشر على السوق العقاري، حيث:
قد يؤدي إلى طرح عدد كبير من الوحدات المغلقة للسوق
سيعيد إحياء المناطق القديمة التي تم تجميد قيمتها الإيجارية لعقود
قد يحدث موجة ارتفاع مؤقتة في أسعار الإيجارات، ثم استقرار تدريجي لاحقًا
وبالتالي، لا يمكن القول إن التعديل سيتم فورًا، لكنه أصبح موضوعًا على طاولة النقاش الجاد.
للملاك: يُنصح بالاحتفاظ بجميع المستندات الرسمية للعقارات، وعدم الدخول في نزاعات قضائية جديدة حتى صدور قانون واضح
للمستأجرين: متابعة الجلسات والاستعداد للتفاوض في حال تقرر تفعيل تعديلات تدريجية
للطرفين: الابتعاد عن التصعيد، والاعتماد على الحلول القانونية والمؤسسية
الأسابيع المقبلة قد تحمل كثيرًا من المفاجآت، لكن الأهم أن تُبنى التعديلات على الحوار، لا الصدام.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt