النعناع الأخضر من أكثر الأعشاب شهرة في الاستخدامات اليومية سواء كمشروب أو مكون في الأطعمة، نظرًا لرائحته المنعشة وطعمه المحبب. يُعرف بقدرته على تهدئة المعدة وتخفيف الانتفاخات، ولكن مؤخرًا أصبح هناك تساؤل يتردد بكثرة: هل النعناع الأخضر قد يكون مضرًا لمن يعانون من ارتجاع المريء؟ وهل تناوله يمكن أن يزيد من حدة الأعراض؟
في هذه المقالة، نُسلط الضوء على هذا التساؤل، ونوضح العلاقة بين النعناع الأخضر وارتجاع المريء، ومدى تأثيره الحقيقي على الجهاز الهضمي.
ارتجاع المريء أو ما يُعرف طبيًا بمرض "الارتجاع المعدي المريئي"، هو حالة تحدث عندما تعود محتويات المعدة (خاصة الحمض) إلى المريء، مسببة شعورًا بالحرقان في الصدر (الحموضة)، وتهيجًا في الحلق، وصعوبة في البلع، وقد يمتد الشعور بعدم الراحة حتى الفم أحيانًا.
تحدث هذه الحالة عادة نتيجة ضعف أو ارتخاء في الصمام العضلي الموجود بين المعدة والمريء، مما يسمح بعودة الأحماض بشكل متكرر.
قبل الحديث عن العلاقة بين النعناع وارتجاع المريء، من المهم أولًا أن نتناول أبرز فوائده:
تهدئة التقلصات المعوية: يحتوي النعناع على مركبات تساعد في استرخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي.
التخفيف من الانتفاخ والغازات: يُستخدم النعناع لعلاج الانتفاخات الناتجة عن عسر الهضم.
تحسين رائحة النفس: مضغه أو شربه كمغلي يُعزز من نضارة الفم.
تعزيز الهضم بعد الوجبات الثقيلة: يُعد مشروب النعناع خيارًا شائعًا بعد الوجبات في العديد من الثقافات.
رغم الفوائد الكبيرة للنعناع، إلا أن بعض الدراسات والتجارب العملية تُشير إلى أنه قد يكون مسببًا لتهيج أعراض ارتجاع المريء لدى بعض الأشخاص.
النعناع يحتوي على مركبات طبيعية مثل "المنثول"، التي تُرخي العضلات، بما فيها العضلة السفلية للمريء (LES) المسؤولة عن إغلاق فوهة المعدة ومنع رجوع الحمض. وبالتالي، عند ارتخاء هذه العضلة، يُصبح من السهل للحمض أن يتسرب إلى المريء، مما يؤدي إلى:
الإحساس بالحموضة
زيادة السعال الليلي
إحساس بحرقة خلف عظمة الصدر
اضطراب في النوم بسبب الارتجاع الليلي
الإجابة هنا تختلف من شخص إلى آخر.
قد يُنصح بالابتعاد عن النعناع، سواء كمشروب أو كنكهة في الطعام، خاصةً قبل النوم أو بعد الوجبات الدسمة.
قد لا يتأثر الشخص بالنعناع على الإطلاق، بل وقد يُساعده في تقليل الانتفاخ أو الغازات، ولكن يفضل الاعتدال وعدم الإفراط في الكمية.
إذا كنت من محبي النعناع ولا ترغب في التوقف عن تناوله، يُمكنك اتباع النصائح التالية لتقليل احتمالية زيادة الأعراض:
تجنب شرب النعناع على معدة ممتلئة.
لا تتناوله قبل النوم مباشرة.
لا تضف النعناع إلى أطعمة غنية بالدهون أو التوابل.
راقب الأعراض جيدًا بعد تناوله، وسجّل رد فعل جسمك.
اختر النعناع الطبيعي بدلًا من النكهات الصناعية أو الزيوت المركزة.
إذا ثبت أن النعناع يهيّج حالتك الصحية، يمكنك اللجوء إلى بدائل طبيعية أخرى لتقليل اضطرابات الهضم، مثل:
اليانسون: يعمل على تهدئة المعدة دون التأثير على الصمام العضلي للمريء.
الزنجبيل: يقلل من الغثيان والانتفاخ، ويُعتبر آمنًا لمعظم مرضى الارتجاع.
البابونج: يُساعد على تهدئة الجهاز العصبي والهضمي معًا.
الشمر: يُخفف الغازات ويساعد على تحريك الأمعاء.
بعض الأشخاص يُصابون بالحموضة فور شرب مغلي النعناع، ويشعرون بحرقة تستمر عدة ساعات.
آخرون يستخدمونه يوميًا دون أي مشكلة.
في بعض التجارب، عند الامتناع عن شرب النعناع لمدة أسبوعين، تقلّ لديهم أعراض الارتجاع بشكل ملحوظ.
في النهاية، العلاقة بين النعناع الأخضر وارتجاع المريء ليست قاعدة عامة تنطبق على الجميع، بل تختلف حسب طبيعة الجسم، وقوة العضلة السفلية للمريء، ونمط الحياة الغذائي بشكل عام.
النعناع الأخضر من النعم الطبيعية التي لها فوائد مذهلة، ولكن مثل كل شيء، الإفراط قد يُسبب الضرر. ارتجاع المريء من الحالات التي تتأثر بتفاصيل صغيرة في نمط الحياة، والنعناع قد يكون أحد هذه التفاصيل. لذلك، كن واعيًا لجسدك، وراقب ما يُناسبك، واستشر طبيبك دائمًا قبل إدخال أي عنصر جديد إلى نظامك الغذائي، خاصة إذا كنت تُعاني من اضطرابات في الجهاز الهضمي.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt