الحركة المحدودة في السعر اليوم تُعد امتدادًا لسياسة هدوء حذر يشهده السوق المصرفي في مصر، حيث تترقب القطاعات الاقتصادية قرارات مستقبلية قد تؤثر على العرض والطلب، وبالتالي على السعر الرسمي وغير الرسمي للعملة الأمريكية.
الاستقرار هذا الصباح يأتي بالتزامن مع حالة من الانضباط في العرض داخل السوق الرسمي، إلى جانب تراجع في طلبات الاستيراد الجديدة، مما أتاح مزيدًا من التوازن بين العرض والطلب مؤقتًا.
شهد سعر الدولار خلال النصف الأول من شهر مايو بعض التقلبات الخفيفة التي لم تتجاوز نطاق 25 إلى 40 قرشًا صعودًا وهبوطًا، لكنه ظل قريبًا من حاجز السعر الذي استقر عليه منذ منتصف أبريل الماضي.
ويُرجّح أن هذه التحركات جاءت كرد فعل طبيعي لعوامل خارجية مثل تغيرات السوق الأمريكي، ومؤشرات أسعار الفائدة، وتحركات الاستثمارات الأجنبية الساخنة، بالإضافة إلى أخبار متعلقة بتعافي بعض مؤشرات الاقتصاد المحلي.
وفي ظل هذه التوازنات، بقي الدولار متماسكًا، دون اندفاعات كبيرة في السعر سواء صعودًا أو هبوطًا.
هناك عدة عوامل تفسّر استقرار سعر الدولار حاليًا، سواء من داخل السوق المصري أو من البيئة الاقتصادية الدولية، من أبرزها:
شهدت البنوك استقرارًا في تدفقات النقد الأجنبي، مع وفرة نسبية في المعروض من الدولار، مما قلّل من حجم الضغوط على السوق، وساهم في تثبيت السعر.
في الفترة الأخيرة، تراجعت معدلات الاستيراد لكثير من السلع، خاصة بعد تكدّس المخزون في الأشهر السابقة، مما أدى إلى تراجع الكميات المطلوبة من الدولار لتغطية الواردات.
سجل الدولار عالميًا حركة أفقية دون قفزات كبيرة، خاصة في ظل ترقّب الأسواق لتوجهات السياسة النقدية الأمريكية، مما جعل أثره على الدول النامية – ومنها مصر – أكثر استقرارًا.
أسهمت بعض القرارات التنظيمية والإدارية في دعم السوق، من خلال ضبط السوق غير الرسمي وتشجيع التداول من خلال القنوات الرسمية، وهو ما انعكس على ضبط الفارق بين السوق الرسمي والموازي.
استقرار سعر الدولار يُعد عاملًا مهمًا في ضبط حركة الأسواق الداخلية، حيث يُؤثر مباشرة على:
أسعار السلع المستوردة
تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي
تسعير المواد الخام والأدوية
قدرة التجار على تحديد أرباحهم
وقد لاحظ المواطنون خلال الأيام الماضية تراجعًا نسبيًا في أسعار بعض السلع، أو على الأقل توقفًا عن موجات الارتفاع السريعة التي كانت تحدث مع كل تحرك صعودي في سعر الدولار.
الإجابة على هذا السؤال ليست مباشرة، إذ أن هناك عوامل متغيرة قد تدفع بالسعر في أي من الاتجاهين خلال الفترة المقبلة.
زيادة جديدة في الطلب على الاستيراد مع اقتراب موسم عيد الأضحى
توجه بعض المواطنين لشراء العملة الأجنبية كوسيلة ادخار
تغيرات في السياسات النقدية الدولية أو المحلية قد تؤثر على الاحتياطي
زيادة المعروض من النقد الأجنبي من خلال السياحة أو التصدير
استمرار الإجراءات الحكومية لدعم العملة المحلية
تحسن مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر
وبالتالي، فإن كل تحرك في السوق خلال الأيام القادمة سيعتمد بشكل أساسي على هذه التوازنات، ومدى قدرة الدولة على إدارة الملف النقدي بكفاءة.
في ظل حالة الترقب والهدوء التي تشهدها الأسواق، يُنصح باتباع عدد من النصائح لتجنب أي خسائر نتيجة قرارات خاطئة بشأن بيع أو شراء الدولار:
تجنّب المضاربة: لا يُنصح بشراء الدولار لغرض بيعه لاحقًا لتحقيق ربح سريع، خاصة في ظل الاستقرار الحالي.
الشراء عند الحاجة: إذا كنت تستعد للسفر أو لديك التزام حقيقي بالدفع بالدولار، فاشترِ وقت الحاجة فقط.
تابع الأخبار بدقة: لا تعتمد على الإشاعات أو مواقع التواصل الاجتماعي في معرفة السعر، وانتظر البيانات الرسمية أو التحركات الفعلية من السوق.
لا تحتفظ بكميات كبيرة نقدًا: التخزين الكبير للدولار بدون داعٍ يُعرّضك للخسارة في حال الانخفاض المفاجئ.
التحلي بالمرونة: السوق قد يتحرك صعودًا أو هبوطًا، والأهم هو التصرف بحكمة بناءً على حاجة حقيقية وليس بناءً على التوقع فقط.
رغم أن السوق الموازي للعملات الأجنبية كان يمثل جزءًا مؤثرًا في الماضي، فإن تأثيره انخفض كثيرًا في الشهور الأخيرة، نتيجة الإجراءات التي حدّت من انتشاره.
ومع تشديد الرقابة ووفرة المعروض الرسمي، أصبح الفارق بين السعر الرسمي وغير الرسمي بسيطًا للغاية، لا يشجّع على التعامل خارج القنوات الرسمية.
وهذا يعتبر تطورًا إيجابيًا ساهم في تقوية ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي، وأعاد التوازن لعلاقات الاستيراد والتصدير.
لكن مع ذلك، يبقى الحذر واجبًا، لأن الدولار عملة حساسة لأي تغير عالمي أو محلي، وأي تحرك مفاجئ في أحد العوامل الأساسية قد يُعيد السوق إلى مرحلة جديدة من التقلب.
لذا فإن المتابعة المستمرة واتخاذ قرارات مدروسة هما السبيل الأمثل للتعامل الذكي مع حركة الدولار خلال الفترة القادمة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt