تعتبر الزلازل ظاهرة طبيعية قد تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على البيئة والمجتمعات المحيطة بها. في الآونة الأخيرة، هز زلزال قوي جزيرة كريت اليونانية، مما أثار قلق الكثير من الناس بشأن احتمالية حدوث تسونامي. بعد وقوع الزلزال، انتشرت العديد من التساؤلات حول إذا ما كان من المحتمل أن يتبعه تسونامي. في هذه المقالة، سنتناول ما قاله أستاذ الزلازل حول هذه الاحتمالية، وسنوضح علاقة الزلازل بالتسونامي، وكيفية حدوثهما، وما هي العوامل التي يمكن أن تؤثر على حدوث تسونامي بعد الزلازل.
التسونامي هو عبارة عن سلسلة من الأمواج البحرية التي تنشأ عادة نتيجة لحدوث زلازل تحت سطح البحر أو انفجارات بركانية تحت الماء. تنتقل هذه الأمواج عبر المحيطات بسرعة كبيرة وتسبب أضرارًا جسيمة عند وصولها إلى السواحل، حيث قد تغمر المناطق الساحلية وتدمر الممتلكات وتسبب خسائر بشرية.
يتكون التسونامي نتيجة لحدوث تغيير مفاجئ في قاع البحر، مثل تحرك الألواح التكتونية بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى دفع كمية ضخمة من المياه إلى السطح. هذه الموجات العملاقة يمكن أن تزداد قوتها وتنتقل عبر المحيطات، وتحدث تأثيرات مدمرة عند وصولها إلى السواحل.
في الأيام الأخيرة، ضرب زلزال قوي جزيرة كريت اليونانية، مما أثار قلقًا حول احتمالية حدوث تسونامي. وفقًا للعديد من التقارير الأولية، كان الزلزال بقوة كبيرة، حيث شعر به سكان العديد من الدول المجاورة. ومع انتشار الأخبار عن الزلزال، بدأت التساؤلات حول ما إذا كان من المحتمل أن يتسبب هذا الزلزال في حدوث تسونامي، خاصةً وأن كريت تقع بالقرب من حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يعتبر من المناطق المعرضة لهذه الظاهرة.
في محاولة لتوضيح الصورة للمواطنين والمجتمع الدولي، تحدث أستاذ الزلازل المصري الشهير، الذي يُعد من أبرز المختصين في مجال الزلازل والجيولوجيا، عن احتمالية حدوث تسونامي بعد زلزال جزيرة كريت.
أوضح الأستاذ أن حدوث تسونامي يعتمد على عدة عوامل رئيسية، منها:
أوضح الأستاذ أنه ليس كل الزلازل تؤدي إلى حدوث تسونامي، بل يتعين أن يكون الزلزال قويًا بما يكفي ويحدث في أماكن معينة تحت البحر. وأضاف أن الزلزال الذي ضرب كريت كان قويًا، لكنه لم يكن بحد القوة التي تؤدي إلى تحريك كمية كبيرة من المياه في البحر الأبيض المتوسط.
وتابع أن التسونامي عادة ما يحدث عندما يكون الزلزال مركزًا في البحر أو بالقرب من الساحل، حيث يُحدث انزلاقًا مفاجئًا في قاع البحر يؤدي إلى دفع المياه بشكل عمودي. في حال كان الزلزال بعيدا عن البحر أو حدث في مناطق ذات عمق كبير، فلا يشكل ذلك خطرًا حقيقيًا على حدوث تسونامي.
يشير الأستاذ إلى أن عمق الزلزال يعد عاملاً حاسمًا في حدوث تسونامي. كلما كان الزلزال أكثر سطحية، كانت فرص حدوث تسونامي أكبر. إذا حدث الزلزال على عمق كبير في قاع البحر، فإن التأثير الذي يسبب تحرك المياه سيكون أقل وضوحًا، وبالتالي تقل احتمالية حدوث تسونامي.
في حالة زلزال جزيرة كريت، كان عمق الزلزال في حدود 50-60 كيلومترًا تحت سطح البحر، وهو ليس قريبًا بدرجة كافية ليكون مسببًا رئيسيًا للتسونامي.
تُعد حركة الصفائح التكتونية من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث تسونامي. إذا كانت الصفائح التكتونية تتحرك بشكل مفاجئ في منطقة قاع البحر، فإن ذلك قد يتسبب في رفع أو خفض سطح البحر بشكل سريع، وهو ما يسبب حدوث التسونامي. ويؤكد الأستاذ أن الزلازل التي تحدث نتيجة لهذه الحركات هي الأكثر احتمالية لتوليد تسونامي.
إجابة على التساؤلات المتعلقة بزلازل كريت واحتمالية حدوث تسونامي، أكد أستاذ الزلازل أنه بعد زلزال كريت لم يحدث تسونامي كبير. وقد تبين أن الزلزال لم يكن بقوة كافية لخلق حركة مفاجئة في قاع البحر تؤدي إلى دفع المياه بشكل كبير، وبالتالي لم يكن هناك تسونامي يُذكر بعد الزلزال.
وأضاف أن هناك مراكز رصد في المنطقة تتابع هذه الظاهرة بشكل دقيق، ولم يتم الإعلان عن أي موجات تسونامي تسببت في أضرار كبيرة. ومع ذلك، يبقى من المهم أن تظل السلطات المحلية على أهبة الاستعداد لأي حالات طارئة إذا كان هناك أي تغير مفاجئ في مستوى البحر.
على الرغم من أن تسونامي لم يحدث بعد زلزال كريت، فإن هناك إجراءات دولية ومحلية يتم اتباعها لمراقبة وتخفيف خطر التسونامي في المناطق الساحلية المعرضة للخطر. من بين هذه الإجراءات:
تستخدم العديد من الدول أنظمة متقدمة لرصد الزلازل تحت سطح البحر على مدار الساعة. هذه الأنظمة ترصد تحركات الصفائح التكتونية والزلزال المحتمل، وتصدر تحذيرات في حال حدوث زلزال قوي في البحر.
في العديد من الدول الساحلية، توجد أنظمة تحذير مبكر من التسونامي التي تعتمد على البيانات الصادرة من محطات قياس الزلازل. هذه الأنظمة تساعد في توفير الوقت الكافي لإجلاء السكان من المناطق الساحلية المهددة.
من الضروري أن تكون هناك خطط إخلاء فعالة للمناطق الساحلية التي قد تكون عرضة للتسونامي. كما تُعد برامج التوعية المجتمعية جزءًا أساسيًا من الاستعداد للزلازل والتسونامي، حيث يتم تدريب الناس على كيفية التصرف بشكل صحيح في حال حدوث مثل هذه الظواهر.
الاستعداد الجيد والتعاون بين الدول والمراكز البحثية المختصة في مجال الزلازل والتسونامي يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتقليل الأضرار وحماية الأرواح. في المستقبل، من المرجح أن تستمر التكنولوجيا في تطور أساليب الرصد والتحذير المبكر، مما يسهم في تحسين قدراتنا على التعامل مع هذه الظواهر الطبيعية.
وفي النهاية، من المهم أن نكون دائمًا مستعدين لمواجهة هذه الكوارث الطبيعية من خلال تبني استراتيجيات فعّالة في الرصد المبكر والوعي المجتمعي. فإن معرفة كيفية الاستجابة بشكل مناسب يمكن أن يكون الفارق بين الحياة والموت في مثل هذه المواقف.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt