مع ما تشهده البلاد من تغيرات جوية شديدة خلال الأيام الأخيرة، وزيادة ملحوظة في نشاط الرياح والعواصف الترابية في مناطق متفرقة، يتساءل كثير من المواطنين عن دعاء الرياح والعواصف الذي ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكيفية الاستعانة به وقت اشتداد هذه الظواهر الطبيعية.
وفي وقت يزداد فيه الخوف من تأثير الرياح الشديدة والغبار على الحياة اليومية والصحة العامة، يتجه كثير من الناس إلى التقرب إلى الله تعالى بالدعاء، تضرعًا وحفظًا من كل مكروه، اقتداءً بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند اشتداد الريح.
تشهد مناطق متعددة من مصر، خاصة القاهرة الكبرى، والوجه البحري، ومدن القناة، امتدادًا لمنخفض خماسيني نشط أدى إلى:
نشاط كبير للرياح المثيرة للرمال والأتربة
تدني مستوى الرؤية الأفقية على بعض الطرق السريعة
ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية
توقعات بسقوط أمطار متفرقة على مناطق من السواحل
ومع استمرار التحذيرات الرسمية من هيئة الأرصاد الجوية، توجهت الأنظار نحو السنّة النبوية الشريفة، بحثًا عن الأدعية والأذكار التي كان يرددها الرسول صلى الله عليه وسلم عند قدوم العواصف والرياح الشديدة.
وهذا الدعاء يبين منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الرياح، حيث لم يكن يلعنها أو يسبها، بل يتوجه إلى الله تعالى يسأله خيرها ويستعيذ به من شرها.
من الأحاديث المأثورة عن دعاء الرياح:
"اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا"
وقد فرّق العلماء بين "الرياح" و"الريح"، فجاء في تفسير الطبري أن الرياح تأتي بالرحمة والمطر، بينما الريح إذا جاءت مفردة فإنها في العادة تشير إلى العذاب، كما ورد في مواضع مختلفة من القرآن الكريم.
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من شر الريح، ويدعو أن تكون رياحًا رحيمة لا ريحًا تحمل الشر أو العذاب أو الدمار.
من أفضل الأدعية التي يمكن للمرء ترديدها وقت الرياح القوية والعواصف:
"اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسلت به الرياح"
"اللهم اجعلها رياحًا رحمة، ولا تجعلها ريحًا عذابًا"
"اللهم إني أسألك خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلت به"
كما يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من الدعاء الطيب المشروع، متوسلًا إلى الله باسمه الأعظم، طالبًا اللطف والنجاة والحماية من الأذى.
وفي هذا الحديث تأكيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاف من الريح، مع أنه نبي مرسل، وهذا دليل على تعظيم أمر الله، وافتقاره إليه وقت التقلبات المناخية الشديدة، بخلاف بعض الناس الذين قد يتهاونون في الأمر.
من الآداب التي يجب التحلي بها وقت الرياح القوية والعواصف:
التضرع إلى الله بالدعاء، لا سيما بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الاستغفار والتوبة، فإن ما ينزل من البلاء قد يكون بسبب الذنوب.
البقاء في أماكن آمنة وعدم الخروج إلا للضرورة.
عدم نشر الذعر أو ترويج الشائعات عن أسباب الرياح دون تثبّت.
أكد علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية في فتاوى متكررة أن ترديد دعاء الرياح سنة عن النبي، ويستحب للمسلم أن يلتزمه، خاصة في الأوقات التي تشهد فيها البلاد ظواهر جوية غير معتادة.
كما دعوا إلى التماس المعاني الروحية في هذه الأوقات، والتأكيد على أن التقلبات المناخية ما هي إلا تذكير بقدرة الله على تغيير الأحوال بين لحظة وأخرى.
لمن يبحث عن دعاء شامل وقت الرياح، يمكن ترديد:
"اللهم اجعل هذا اليوم بردًا وسلامًا علينا، اللهم إنا نعوذ بك من الرياح المؤذية، ونسألك لطفك وسترك وأمنك، ونعوذ بك من كل ما نخاف ونحذر، اللهم إنا نعوذ بك من شر هذه الرياح ومن شر ما فيها ومن شر ما أرسلت به."
في ظل ما تشهده مصر من تقلبات جوية ورياح خماسينية وعواصف ترابية خلال الأيام الجارية، يعود المسلمون إلى السنّة النبوية يستمدون منها الأمان والطمأنينة بالدعاء والذكر، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغفل عن ذكر الله عند هبوب الرياح، ولا ينسى التضرع له خوفًا من أن تحمل الرياح عذابًا بدل الرحمة.
ويبقى الدعاء سلاح المؤمن وقت الأزمات والمحن، وخاصة حين تتقلب الأحوال الجوية وتُصبح قوى الطبيعة خارجة عن السيطرة.
لذلك، فإن ترديد دعاء الرياح والعواصف كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو سُنة مهجورة يُستحب إحياؤها، خاصة في هذه الأيام التي تحتاج إلى يقظة روحية وقرب من الله.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt