في خطوة جديدة تهدف إلى حماية صحة الملايين حول العالم، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فرض حظر سريع على منتجات التبغ المنكهة. هذه المنتجات، التي أصبحت شائعة في الأسواق خلال السنوات الأخيرة، تثير العديد من المخاوف الصحية بسبب تأثيرها الكبير على الشباب والأطفال، فضلاً عن المساهمة في زيادة معدلات التدخين بين فئات عمرية لم تكن تعتبر التبغ جزءًا من حياتها اليومية. هذا الطلب من منظمة الصحة العالمية يأتي في إطار جهودها المستمرة للحد من أضرار التدخين وتعزيز السياسات الصحية العالمية لمكافحة الأمراض المرتبطة به.
في هذا المقال، سنتناول الأسباب التي دفعت منظمة الصحة العالمية إلى هذه الدعوة، كيف تؤثر منتجات التبغ المنكهة على الصحة العامة، التحديات التي تواجه الدول في تنفيذ حظر هذه المنتجات، وكذلك التوقعات المستقبلية في هذا الشأن.
منتجات التبغ المنكهة هي منتجات تحتوي على التبغ مضاف إليه نكهات صناعية أو طبيعية لجذب المدخنين الجدد، خاصة من الشباب. تشمل هذه المنتجات السجائر المنكهة، السيجار المنكه، وأيضًا منتجات مثل "السجائر الإلكترونية" التي يتم إضافتها إليها نكهات متنوعة لجعلها أكثر جذبًا للمستهلكين.
تتنوع النكهات التي تضاف إلى هذه المنتجات لتشمل النكهات الفاكهية مثل التوت والنعناع والفراولة، بالإضافة إلى نكهات الحلوى والشوكولاتة. وتُعتبر هذه المنتجات خطرة على الصحة بشكل مضاعف لأن إضافة النكهات قد تُخفي طعم التبغ المر، مما يجعل المدخن يشعر بمذاق أكثر لطفًا وأقل مرارة، وبالتالي يُشجع على الاستمرار في التدخين لفترات أطول.
منظمة الصحة العالمية (WHO) تقوم بدور رائد في مراقبة الصحة العامة في العالم، وتُعتبر هذه الدعوة جزءًا من جهودها المستمرة لمكافحة التدخين والحد من أضرار التبغ. تتعدد الأسباب التي دفعت المنظمة إلى اتخاذ هذه الخطوة، وأبرزها:
تُعتبر منتجات التبغ المنكهة أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة معدلات التدخين بين الفئات العمرية الأصغر سناً. فهذه المنتجات تميل إلى جذب المراهقين والشباب الذين قد لا يكون لديهم الوعي الكامل بمخاطر التدخين. النكهات الجذابة قد تجعل من السهل بالنسبة لهم بدء التدخين، ما يؤدي إلى إدمانهم على التبغ في سن مبكرة.
تدخين السجائر أو المنتجات الأخرى المحتوية على التبغ يُعد أحد الأسباب الرئيسية للعديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين، السرطان، وأمراض الجهاز التنفسي. إضافة النكهات إلى هذه المنتجات لا تقلل من الأضرار الصحية، بل قد تزيدها بسبب الطبع المخادع لهذه النكهات التي تخفي المذاق المر للتبغ، ما يشجع على تدخين كميات أكبر.
تشير التقارير إلى أن التدخين مسؤول عن ملايين الوفيات حول العالم سنويًا. وزيادة استخدام منتجات التبغ المنكهة قد يؤدي إلى زيادة هذه الأرقام، مما يشكل عبئًا إضافيًا على الأنظمة الصحية العالمية. تدعو منظمة الصحة العالمية إلى اتخاذ خطوات فورية للحد من انتشار هذه المنتجات من أجل تقليل الأضرار الصحية على المدى البعيد.
تحاول العديد من البلدان تطبيق قوانين صارمة ضد التدخين، مثل حظر التدخين في الأماكن العامة، أو فرض ضرائب مرتفعة على منتجات التبغ. ولكن مع انتشار المنتجات المنكهة، يجد المدخنون طرقًا جديدة للوصول إلى هذه المواد بأسعار أقل من السجائر التقليدية، مما يُعطل جهود مكافحة التدخين ويقلل من فعالية السياسات الصحية.
يجب أن يكون من الواضح أن إضافة النكهات إلى منتجات التبغ لا تقلل من الأضرار الصحية الناجمة عنها. بل إن التأثيرات السلبية على الصحة تتفاقم بسبب عدة عوامل:
تعتبر هذه المنتجات جاذبة بشكل خاص للأطفال والمراهقين. تشير الدراسات إلى أن الشباب الذين يبدأون التدخين باستخدام منتجات التبغ المنكهة هم أكثر عرضة للإدمان على التبغ في المستقبل. كما أن الاستخدام المبكر لهذه المنتجات يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض الرئة.
تعمل النكهات على تقليل الإحساس بالطعم المر للتبغ، مما يجعل التدخين يبدو أقل ضررًا. وقد يعتقد المستخدمون أنهم يستهلكون منتجًا "آمنًا" لمجرد أنه مُنكه، وهذا يزيد من خطورة الإدمان على هذه المواد.
العديد من هذه المنتجات تحتوي على مستويات عالية من النيكوتين، وهو المادة الكيميائية المسببة للإدمان في التبغ. النكهات قد تجعل المدخن يتعاطى كميات أكبر من النيكوتين دون أن يشعر بالمرارة، مما يؤدي إلى إدمان أسرع وأكبر على هذه المنتجات.
على الرغم من الجهود المبذولة من منظمة الصحة العالمية والعديد من الحكومات لحظر منتجات التبغ المنكهة، لا يزال هناك العديد من التحديات التي قد تعيق تنفيذ هذا الحظر بشكل فعال:
شركات التبغ الكبرى تحاول تسويق منتجاتها المنكهة كبديل "آمن" للسجائر التقليدية، مما يزيد من صعوبة فرض الحظر. هذه الشركات تستخدم حملات تسويقية قوية لاستهداف الشباب، مما يجعل من الصعب منع تداول هذه المنتجات.
في بعض البلدان، قد تواجه الحكومات صعوبة في فرض الحظر بسبب المعاهدات التجارية أو القوانين المحلية التي تحمي حقوق الشركات. وقد تُستخدم هذه الشركات القضاء والطعن في قرارات الحظر.
العديد من المدخنين قد يرفضون قرار حظر هذه المنتجات ويجدون طرقًا للحصول عليها في الأسواق السوداء أو عبر الإنترنت. وهذا يثير مشكلة أخرى تتمثل في زيادة تدفق هذه المنتجات في السوق غير الرسمي.
من المتوقع أن يستمر الضغط على الحكومات والمنظمات الصحية لتطبيق حظر شامل على منتجات التبغ المنكهة في المستقبل. ستلعب حملات التوعية دورًا كبيرًا في تغيير المفاهيم حول هذه المنتجات، وكذلك في تعليم الأفراد حول المخاطر الصحية المرتبطة بها. ومع تزايد عدد الدول التي تتبنى سياسات صارمة ضد هذه المنتجات، قد يتوسع نطاق الحظر على المستوى العالمي.
في ضوء المخاطر الصحية العديدة التي تطرأ نتيجة لاستخدام منتجات التبغ المنكهة، تبقى الدعوة إلى حظرها أمرًا بالغ الأهمية. إن تعزيز الجهود العالمية لمكافحة التدخين يتطلب من الحكومات والمنظمات الصحية التعاون بشكل أكبر في تعزيز القوانين والتشريعات التي تحد من انتشار هذه المنتجات، والحد من أضرارها الصحية على المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt