في إطار خطة الدولة لتحديث المنظومة التعليمية، أعلن الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن تعديلات جذرية في مناهج اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والتربية الدينية، والرياضيات، وذلك لعدة صفوف دراسية من المرحلة الابتدائية والإعدادية. ويأتي هذا القرار ضمن خطة التطوير التي تتبناها الوزارة لتواكب متطلبات العصر وتُحقق نواتج تعلم حقيقية.
وأكد الوزير أن هذا التعديل سيُطبق اعتبارًا من العام الدراسي الجديد 2025/2026، ويستهدف في المقام الأول تحسين جودة التعليم وتبسيط المحتوى الدراسي بما يتناسب مع قدرات التلاميذ، ويعزز من مهارات التفكير والفهم، بدلاً من الحفظ والتلقين.
أشار وزير التعليم إلى أن التعديلات الجديدة ستشمل:
الصف الرابع الابتدائي
الصف الخامس الابتدائي
الصف السادس الابتدائي
الصف الأول الإعدادي
وأوضح أن الوزارة عملت خلال الأشهر الماضية على مراجعة شاملة لهذه المناهج، بالتعاون مع خبراء تربويين، وأساتذة جامعات، ومعلمين متميزين من الميدان، وذلك للتأكد من أن المحتوى الجديد يُعبر عن الهوية المصرية، وفي نفس الوقت يُنمّي مهارات القرن الحادي والعشرين.
تهدف هذه التعديلات إلى تحقيق عدة أهداف تربوية ومجتمعية، أبرزها:
تخفيف العبء الدراسي على الطلاب من خلال تقليل عدد الدروس والمفاهيم المقررة.
التركيز على الفهم والاستيعاب والتحليل بدلاً من الحفظ فقط.
دمج القيم الأخلاقية والدينية في سياق المناهج بشكل غير مباشر لتعزيز السلوك الإيجابي.
تطوير مناهج الرياضيات لتواكب الاتجاهات العالمية وتُنمّي التفكير المنطقي.
تضمين مفاهيم المواطنة، واحترام الآخر، والانتماء الوطني في مادة الدراسات.
أشار الوزير إلى أن منهج اللغة العربية سيشهد تطورًا كبيرًا في المحتوى والشكل، حيث سيتم إدخال نصوص أدبية جديدة ومعاصرة، إضافة إلى التركيز على مهارات الكتابة الإبداعية والتعبير الشفوي. كما ستتضمن المناهج الجديدة تدريبات تطبيقية تساعد الطلاب على تكوين رأي وتحليل النصوص، وهو ما يُعد تغييرًا جوهريًا في فلسفة تعليم اللغة.
سيتم تحديث منهج الدراسات الاجتماعية ليكون أكثر ارتباطًا بواقع الطلاب، ويتضمن دراسة الظواهر الجغرافية والتاريخية بشكل تطبيقي، من خلال مشروعات وأبحاث مصغرة يقوم بها الطالب. كما ستتضمن المناهج موضوعات جديدة مثل التحول الرقمي، التغير المناخي، التنمية المستدامة، وحماية الموارد، وهي موضوعات باتت ضرورية في ظل التغيرات العالمية.
بالنسبة لمادة التربية الدينية، سيتم التركيز على القيم المشتركة بين الأديان، وتعزيز ثقافة التسامح وقبول الآخر، مع إعادة صياغة القصص الدينية لتكون أكثر ملاءمة لسن الطلاب، وذات بُعد سلوكي واضح. كما سيتم التعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية لضمان مراجعة دقيقة للمحتوى، بما يحافظ على المرجعية الدينية الصحيحة ويُراعي السياق التربوي.
مادة الرياضيات ستكون من أكثر المواد التي ستشهد تغييرًا ملحوظًا، حيث سيتم إدخال مفاهيم رياضية حديثة، وتعزيز التعلم من خلال المواقف الحياتية، بالإضافة إلى الاهتمام بطرق الشرح التفاعلي واستخدام الوسائل البصرية والأنشطة. كما سيتم تقليل عدد القوانين المحفوظة، والتركيز على كيفية استخدامها وفهمها.
قال وزير التعليم إن الوزارة وضعت خطة زمنية لتدريب المعلمين على المناهج الجديدة، تبدأ في يوليو 2025 وتستمر حتى بداية العام الدراسي، وذلك من خلال:
ورش عمل داخل المديريات التعليمية
دورات تدريبية عبر منصة المعلم الرقمية
كتيبات إرشادية مطبوعة وإلكترونية
لقاءات مباشرة بين خبراء المناهج والمعلمين في المدارس
وأكد أن نجاح تطبيق المناهج لا يتوقف فقط على جودة الكتاب، بل يعتمد بالأساس على قدرة المعلم على الشرح بطريقة إبداعية وتفاعلية.
تباينت ردود الفعل حول الإعلان عن تعديل المناهج، حيث رحب به عدد كبير من أولياء الأمور، الذين طالبوا منذ سنوات بتبسيط المقررات وتقليل الكم الدراسي. وقال أحد أولياء الأمور: "المناهج القديمة كانت مرهقة جدًا لأولادنا، ونتمنى نشوف تغيير حقيقي السنة دي".
في المقابل، أبدى بعض المعلمين قلقهم من ضيق الوقت المخصص للاستعداد، مؤكدين أن التطبيق الناجح يحتاج إلى تدريب فعلي ومتابعة مستمرة، وليس مجرد تسليم كتب جديدة دون إعداد جيد.
تندرج هذه التعديلات ضمن خطة الوزارة لتطبيق مناهج الجيل الثاني والثالث بحلول عام 2030، وهي مناهج تعتمد على "التعلم القائم على المهارات والكفاءات"، وليس فقط على المعلومات النظرية. ومن المتوقع أن تمتد هذه التعديلات لتشمل باقي المواد خلال السنوات القادمة، مثل العلوم، اللغة الإنجليزية، والتربية الفنية.
وتهدف هذه الخطة إلى إعداد جيل قادر على التفكير النقدي، حل المشكلات، التعاون، والإبداع، وهي المهارات الأساسية المطلوبة لسوق العمل في المستقبل.
أعلن المركز القومي للمناهج والبحوث التربوية أنه تم الانتهاء من 80% من مراجعة الكتب الجديدة، وأنها في طور الطباعة التجريبية، وستصل إلى المدارس قبل بداية الدراسة. كما أشار إلى أن هناك لجانًا متخصصة لمتابعة تقييم التطبيق الفعلي في المدارس، وتلقي الملاحظات من المعلمين والطلاب لتطوير المحتوى بشكل مستمر.
بحسب تصريحات الوزير، فإن الوزارة تعمل حاليًا على:
رقمنة الكتب المدرسية لتكون متاحة على التابلت والمنصات التعليمية.
إطلاق منصات للمراجعة والشرح التفاعلي بإشراف المعلمين المتميزين.
توسيع استخدام التقويم الشامل بديلاً عن الامتحانات التقليدية.
تطوير بنك المعرفة المصري وتحديث مواده التعليمية لتناسب المناهج الجديدة.
يمثل إعلان وزير التعليم عن تعديل مناهج العربي والدراسات والدين والرياضيات خطوة كبيرة نحو تطوير التعليم في مصر. وبينما يبقى التحدي في حسن التنفيذ والتطبيق الواقعي داخل الفصول، فإن هذه التعديلات تمثل بداية واعدة لتغيير حقيقي في فلسفة التعليم، يرتكز على الفهم والتطبيق، ويُراعي متطلبات المستقبل، ويضع مصلحة الطالب في المقام الأول.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt