أثار تصريح الفنان سامح حسين مؤخرًا حول "حب الإجازة لدى المصريين" حالة من التفاعل الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علق بطريقة ساخرة على كثرة الإجازات قائلًا: "أنا بحب الإجازة.. وكلنا بنحبها، بس كده كتير". وفي أعقاب ذلك التصريح، خرجت إحدى نائبات مجلس النواب المصري بتصريح رسمي تقترح فيه إعادة النظر في عدد الإجازات الرسمية وغير الرسمية في مصر، بهدف تعزيز الإنتاج وزيادة كفاءة سوق العمل.
التصريح البرلماني فتح الباب لنقاش مجتمعي واسع بين مؤيدين للفكرة بدعوى تحسين الاقتصاد، ومعارضين يرون أن المشكلة ليست في عدد أيام الراحة، بل في سوء تنظيم العمل وغياب بيئة محفزة.
أكدت النائبة البرلمانية خلال مداخلة هاتفية مع إحدى البرامج التلفزيونية أن:
"مصر من أكثر الدول التي تمنح إجازات للعاملين، وهذا يؤثر سلبًا على الإنتاجية، خاصة في القطاعين الحكومي والخدمي."
وأضافت أن الدولة بحاجة إلى إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية من الإجازات الرسمية المتعددة، خصوصًا تلك التي تُرحل إلى الخميس لتصبح نهاية الأسبوع ممتدة، مما يوقف عجلة العمل لأيام متتالية.
يشير جدول الإجازات الرسمية في مصر إلى أن العاملين يحصلون على إجازات متنوعة، أبرزها:
الأعياد الدينية (عيد الفطر، الأضحى، المولد النبوي، رمضان)
الأعياد الوطنية (عيد الثورة، 6 أكتوبر، عيد الشرطة، عيد العمال)
إجازات نُقلت بقرار من مجلس الوزراء (كإجازة رأس السنة الهجرية أو النصف من شعبان)
وبحسب التقديرات، فإن متوسط عدد الإجازات الرسمية في مصر يتجاوز 18 يومًا سنويًا، بخلاف الإجازات الأسبوعية والعارضة.
أكد عدد من المحللين أن تقليص الإجازات قد يكون له مردود إيجابي في:
رفع مستوى الإنتاج
تسريع دورة الأعمال اليومية
تحقيق معدلات نمو أعلى في بعض القطاعات
وأشار أحد أساتذة الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى أن "الاقتصاد لا يتحمل توقف العمل كل أسبوع لمدة 3 أيام في بعض الأحيان، خاصة عند ترحيل الإجازات".
في المقابل، هاجم عدد كبير من الموظفين والنقابيين المقترح، مؤكدين أن:
العامل المصري يعاني من ضعف الأجور وضغوط العمل
الإجازات الحالية تُعد الفرصة الوحيدة للراحة والتوازن النفسي
القطاع الخاص لا يمنح كل الإجازات الرسمية كما هو الحال في الحكومة
وكتب أحد الموظفين على مواقع التواصل: "اللي بيقترحوا تقليص الإجازات مش هم اللي بيشتغلوا 9 ساعات يوميًا براتب 3000 جنيه".
أوضح عدد من خبراء التنمية البشرية أن المشكلة الحقيقية لا تتعلق بعدد الإجازات، بل بـ:
غياب معايير تقييم حقيقية للإنتاجية
نقص الحوافز والتدريب للموظفين
ضعف نظم الإدارة والتخطيط داخل بعض المؤسسات
وأكدوا أن الدول المتقدمة مثل ألمانيا وفرنسا تمنح موظفيها عددًا كبيرًا من الإجازات السنوية، دون أن يؤثر ذلك على الاقتصاد، لأن المنظومة الإدارية مرنة وتُقيّم بالأداء وليس الحضور فقط.
رغم أن تصريح سامح حسين جاء ساخرًا، إلا أنه كشف عن حالة شعبية من الإرهاق والرغبة في الراحة لدى فئات واسعة من المصريين، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية.
وقد أبدى عدد من الفنانين والإعلاميين تضامنهم معه، معتبرين أن تصريحاته "تعكس واقعًا نعيشه جميعًا، وليس دعوة للتكاسل كما فسرها البعض".
حتى اللحظة، لم يصدر أي قرار رسمي أو توجيه من مجلس الوزراء بخصوص الإجازات، لكن مصادر مطلعة أكدت أن المقترح البرلماني قد يُعرض للنقاش في إحدى الجلسات المقبلة ضمن خطة إصلاح سوق العمل، إلا أن تطبيقه سيخضع لدراسة دقيقة لعدم الإضرار بالتوازن الاجتماعي والنفسي للمواطنين.
بدلًا من تقليص الإجازات، طرح عدد من المتخصصين حلولًا أكثر واقعية، منها:
التحول لنظام العمل عن بعد لبعض الأيام
زيادة ساعات العمل المرنة وتقليل الحضور الإجباري
تفعيل آليات تقييم الأداء بدلًا من الاعتماد على البصمة والانصراف
وتؤكد دراسات متعددة أن الراحة النفسية والمرونة في العمل ترفع من إنتاجية الموظف، أكثر من ساعات العمل الطويلة المتواصلة دون راحة كافية.
ينتظر الشارع المصري أن تكون أي قرارات تخص الإجازات:
عادلة لجميع الفئات
مدروسة اقتصاديًا واجتماعيًا
لا تُمثل عبئًا جديدًا على المواطن العامل
تراعي التوازن بين متطلبات العمل وراحة الإنسان
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt