عاد قانون الإيجار القديم إلى صدارة النقاشات الإعلامية والبرلمانية مجددًا، بعد تصريحات جديدة أطلقها الإعلامي عمرو أديب في برنامجه، وجه خلالها سؤالًا مباشرًا لممثل ملاك العقارات القديمة: «أين يذهب المستأجر بعد صدور هذا القانون؟»، وهو السؤال الذي فتح الباب لنقاش موسع حول أزمة اجتماعية متشابكة الأبعاد.
في هذا السياق، أشار عمرو أديب إلى أن تطبيق القانون الجديد أو تعديلاته لا بد أن يراعي الأبعاد الإنسانية والاجتماعية، قائلًا:
«ما ينفعش نحط الناس في الشارع فجأة، لازم نسأل نفسنا: هيروحوا فين؟».
وفي مداخلة هاتفية مع البرنامج، تحدث أحد ممثلي اتحاد ملاك العقارات القديمة مؤكدًا أن:
«الملاك لا يطالبون بطرد المستأجرين، لكن يطالبون بعلاقة عادلة ومتوازنة، تقوم على قيمة إيجارية حقيقية».
وأضاف أن العقارات القديمة تتعرض للتهالك دون أن يمتلك الملاك القدرة على صيانتها أو تطويرها، لأن العائد منها لا يكفي حتى تغطية فواتير الخدمات.
لكن تصريحات الممثل أثارت موجة من الانتقادات، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفها البعض بأنها تفتقر إلى الرؤية الاجتماعية وتغفل حالة الفقر وغلاء المعيشة التي يعيشها قطاع كبير من المصريين.
في مداخلته النارية، وجه عمرو أديب حديثه لممثل الملاك قائلًا:
«أنا مش ضد حقوق الملاك، لكن لازم نفكر في الناس دي... اللي قاعدة في الشقق من 40 و50 سنة، ومعاشهم ألف جنيه، هيروحوا فين؟».
وأضاف:
«المستأجر مش متعدي، هو اتفق بعقد قانوني، وعايش حياته عليه، فالتغيير لازم يكون تدريجي ومع مهلة طويلة ومراعاة للضعفاء».
الحكومة كانت قد أعلنت في وقت سابق أنها تدرس ملف الإيجار القديم بشكل موسع، وطرحت أكثر من تصور لتعديل العلاقة الإيجارية بين الطرفين، مع مراعاة العدالة الاجتماعية ومراعاة حالات كبار السن ومحدودي الدخل.
كما أشارت بعض المصادر البرلمانية إلى أن القانون الجديد سيتضمن:
رفع تدريجي للقيمة الإيجارية خلال 5 سنوات.
إعفاء بعض الفئات من الخروج مثل المرضى وكبار السن والمعاقين.
توفير برامج سكنية بديلة بالتقسيط لمحدودي الدخل.
عدد كبير من المواطنين أبدوا قلقهم من الحديث المتكرر عن تعديل قانون الإيجار القديم، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الإيجارات الجديدة وصعوبة إيجاد بدائل مناسبة.
قالت "أم مصطفى"، أرملة ستينية تقيم في شقة بالإيجار القديم منذ عام 1982:
"لو طردوني من هنا، هاروح فين؟ ده بيتي من 40 سنة... وأنا ممعيش أجيب شقة تانية ولا حتى أدفع إيجار جديد".
أما "أحمد"، أحد الملاك، فيقول:
"أنا ورثت العقار ده، والإيجار فيه 10 جنيهات للشقة، والعمارة محتاجة صيانة بـ 100 ألف، أعمل إيه؟".
يرى عدد من أساتذة الاجتماع والاقتصاد أن أزمة الإيجار القديم لا يمكن حلها من خلال تشريعات فقط، بل تتطلب رؤية شاملة تدمج بين:
حلول قانونية مرنة.
برامج حماية اجتماعية.
بدائل سكنية منخفضة التكلفة.
توعية إعلامية تشرح الإصلاحات وطمأنة المواطنين.
ويؤكد الخبراء أن تصعيد الجدل دون تقديم حلول واضحة سيؤدي إلى حالة من التوتر المجتمعي، وهو ما بدأت ملامحه تظهر من خلال حالة الاستقطاب على مواقع التواصل الاجتماعي.
حتى الآن، لا توجد صيغة نهائية للقانون الجديد، ولكن المؤكد أن هناك ضغوطًا قوية من الطرفين – الملاك والمستأجرين – تدفع نحو الوصول لحل قريب.
البعض يتحدث عن إمكانية تشكيل لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن الملاك والمستأجرين والحكومة، لإعداد تصور متوازن يرضي جميع الأطراف.
مع تصاعد الجدل الإعلامي والبرلماني حول قانون الإيجار القديم، تبقى الكلمة الأخيرة في يد مجلس النواب، الذي سيكون عليه اتخاذ قرار تاريخي قد يعيد رسم خريطة السكن في مصر لعقود قادمة.
ورغم الانقسام في الآراء، يبقى سؤال عمرو أديب جوهريًا:
«إذا قررنا رفع الإيجار أو إنهاء العقود... المستأجر هيروح فين؟».
إجابة هذا السؤال، هي ما ينتظره المصريون الآن.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
