أصدر الأزهر الشريف بيانًا رسميًا ينفي فيه ما تم تداوله خلال الساعات الماضية على مواقع التواصل وبعض المواقع الإخبارية بشأن تشكيل لجان فتوى مشتركة مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية، مؤكدًا أن هذه الأخبار عارية تمامًا من الصحة، ولا تمت للواقع بأي صلة.
وجاء رد الأزهر سريعًا وحاسمًا بعد حالة من الجدل التي أثارتها تلك الأنباء، التي تم تفسيرها من قِبل البعض على أنها "إعادة تنظيم" لملف الفتوى في مصر، ما أثار تساؤلات حول استقلالية المؤسسات الدينية، ومَن يملك حق الإفتاء.
قال البيان الصادر عن المركز الإعلامي للأزهر الشريف:
"ينفي الأزهر الشريف نفيًا قاطعًا ما تم تداوله حول تشكيل لجان فتوى مشتركة بين الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية. ويؤكد الأزهر أنه لم يُطرح عليه أي مقترح رسمي أو غير رسمي بهذا الشأن، ولم يُعقد أي اجتماع أو تنسيق مع الجهات المشار إليها في هذا السياق."
كما أضاف البيان أن "الأزهر يواصل أداء دوره الدستوري والتشريعي والتاريخي في إصدار الفتاوى من خلال لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، ويمارس عمله بشكل مستقل، دون تدخل أو تنسيق مع جهات أخرى."
بدأ تداول الشائعة مساء أمس، عندما نشرت إحدى الصفحات الإخبارية المجهولة منشورًا يشير إلى "وجود اتجاه رسمي نحو تشكيل لجنة فتوى موحدة تتكون من علماء الأزهر، وممثلي وزارة الأوقاف، وخبراء من دار الإفتاء"، وذلك بزعم "توحيد الرؤية الشرعية ومنع تضارب الفتاوى".
وسرعان ما انتشرت هذه الأنباء، مما دفع عددًا من الشخصيات العامة والمواطنين إلى التساؤل عن مدى صحة الأمر، خصوصًا في ظل وجود تباين في بعض الفتاوى الصادرة من جهات دينية مختلفة سابقًا.
في بيانه، شدد الأزهر الشريف على أن الفتوى مسؤولية شرعية عُليا لا يمكن إخضاعها لأي شكل من أشكال التنسيق الإداري أو الهيكلي مع جهات أخرى.
وأشار إلى أن الفتوى يجب أن تصدر من جهات معنية مؤهلة علميًا وشرعيًا، وأن محاولة دمج الكيانات أو تنسيقها بشكل إداري قد يُحدث خلطًا في المرجعيات وازدواجًا في المسؤوليات.
أوضح مصدر بمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر أن اللجنة العامة للفتوى تعمل بكامل طاقتها يوميًا، وتتلقى آلاف الأسئلة من المواطنين، سواء بالحضور الشخصي، أو عبر الهاتف، أو من خلال وسائل التواصل الإلكتروني.
وأكد أن:
اللجنة تضم نخبة من العلماء المؤهلين
تصدر فتاوى مدروسة ومستندة إلى مصادر الشريعة
لا علاقة لها بأي لجان خارج إطار الأزهر
كما أشار إلى أن التعاون مع المؤسسات الدينية الأخرى يتم في إطار الندوات والتوعية المجتمعية فقط، وليس في مجال الإفتاء المباشر.
رحّب عدد من المفكرين وعلماء الدين ببيان الأزهر، معتبرين أنه:
يحسم الجدل حول توحيد الفتوى
يضمن استمرار تنوع المدارس الفقهية داخل المؤسسة
يؤكد احترام الأزهر لاستقلاليته وخصوصية موقعه الديني
وكتب أحد الباحثين في الشريعة على موقع "إكس" (تويتر سابقًا):
"بيان الأزهر واضح وقاطع.. الفتوى مسؤولية علمية لا تُدار بمكاتب إدارية مشتركة."
في المقابل، هاجم عدد من المهتمين بالشأن الديني مروجي الشائعات، مطالبين:
بعدم تداول أي أخبار دون التأكد من مصدرها الرسمي
ضرورة عودة الرقابة على الصفحات التي تبث أخبارًا دينية كاذبة
محاسبة الجهات التي تُحاول خلق حالة من الارتباك المجتمعي في قضايا حساسة
رغم نفي تشكيل لجان فتوى مشتركة، إلا أن المؤسسات الدينية الكبرى (الأزهر، الأوقاف، الإفتاء) تتعاون في مجالات أخرى مثل:
الندوات الثقافية والتوعوية
مكافحة الأفكار المتطرفة
إصدار البيانات المشتركة في المناسبات الوطنية والدينية
دعم القضايا المجتمعية مثل ترشيد الاستهلاك والوعي الأسري
لكن كل مؤسسة تحتفظ باستقلالها الكامل في الملفات العقائدية والفقهية.
أكد مراقبون أن المشهد الحالي يفرض ضرورة:
استمرار تعزيز الثقة في المؤسسة الأزهرية كمصدر رئيس للفتوى
دعم فروع لجنة الفتوى في المحافظات لمواجهة الفتاوى العشوائية
تطوير أدوات الإفتاء الرقمي ومخاطبة الشباب بأساليب حديثة
تجنب أي مساعٍ لدمج المرجعيات التي قد تؤدي إلى اضطراب فقهي
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
