في خطوة تؤكد الطموح الكبير للكرة المصرية في المحافل الدولية، أعلن الجهاز الفني لمنتخب مصر للشباب، بقيادة الكابتن محمد وهبة، عن ضم ثلاثي محترف في أندية أوروبية بارزة إلى معسكر الفريق استعدادًا لخوض نهائيات كأس العالم للشباب تحت 20 عامًا. ويتعلق الأمر بثلاثة مواهب واعدة تنشط في ليفربول الإنجليزي، وأرسنال الإنجليزي، وأوكسير الفرنسي، وهي خطوة اعتبرها كثيرون مؤشرًا على تغيير حقيقي في استراتيجية الاتحاد المصري لكرة القدم نحو دمج اللاعبين المحترفين في المنتخبات السنية.
التحاق هؤلاء اللاعبين لا يضيف فقط من الناحية الفنية، بل يعكس أيضًا تحركًا إيجابيًا في اتجاه الاستفادة من أبناء الجاليات المصرية بالخارج، ومنحهم الفرصة في الدفاع عن ألوان المنتخب الوطني في بطولات كبرى، على رأسها مونديال الشباب.
يُعد يوسف من أبرز المواهب الصاعدة في أكاديمية ليفربول، ويلعب في مركز الظهير الأيسر. يتمتع بسرعة كبيرة وقدرة على الانطلاق على الجناح الأيسر، إلى جانب قوة بدنية ملفتة ونزعة هجومية واضحة. انضم إلى صفوف الفريق الرديف للنادي الإنجليزي منذ موسمين، وشارك في عدد من المباريات الودية والبطولات التنشيطية.
لاعب وسط مدافع يتميز بالذكاء التكتيكي والانضباط الكبير داخل أرضية الملعب، ويجيد أيضًا التمرير الطولي وقراءة اللعب. تم تصعيده مؤخرًا للعب مع الفريق الثاني لنادي أرسنال، وسط إشادة كبيرة من الطاقم الفني، حيث اعتبروه أحد الأسماء الواعدة في خط الوسط.
مهاجم صريح نشأ في أكاديمية نادي أوكسير الفرنسي، ويلعب بقدمه اليمنى، ويُجيد التسديد من خارج منطقة الجزاء والتحرك الذكي داخل الصندوق. يملك سليم معدل تهديفي جيد في الفئات السنية، وكان هدفًا لبعض الأندية البلجيكية في الآونة الأخيرة.
اختيار اللاعبين الثلاثة لم يكن عشوائيًا، بل جاء بعد عملية متابعة دقيقة دامت لأشهر، قادها الجهاز الفني لمنتخب الشباب بتكليف من اتحاد الكرة، حيث تمت مراقبة تطور أدائهم من خلال تقارير فنية وشهادات مدربيهم في الأندية الأوروبية، إضافة إلى زيارات مباشرة قام بها أعضاء من الطاقم الفني المصري.
ووفقًا للجهاز الفني، فإن اللاعبين الثلاثة يجمعون بين الجودة الفنية العالية والانضباط التكتيكي، ما يجعلهم عناصر يمكن الاعتماد عليها في تشكيلة منتخب مصر خلال منافسات كأس العالم المقبلة. كما أن وجودهم سيسهم في خلق حالة من التنافس الصحي مع العناصر المحلية، ويمنح الفريق تنوعًا في الحلول الخططية.
تُعد خطوة ضم محترفين شباب لأندية أوروبية إلى منتخبات الفئات العمرية نقطة تحول في فكر إدارة المنتخبات الوطنية. فلطالما عانى المنتخب من عزلة نسبية عن اللاعبين المولودين أو المقيمين بالخارج، رغم أن دولًا عديدة – مثل السنغال والمغرب – حققت نجاحات كبيرة بالاعتماد على محترفيها في الخارج.
ويُمكن القول إن دمج هؤلاء اللاعبين منذ سن صغيرة يُعزز من فرص انسجامهم مع المدرسة الكروية المصرية، ويمنحهم شعورًا بالانتماء، ما ينعكس لاحقًا على اختياراتهم على مستوى المنتخب الأول.
يخوض منتخب مصر للشباب معسكرًا مغلقًا في القاهرة يمتد لأسبوعين، يشمل تدريبات بدنية وفنية مكثفة، إلى جانب خوض مباراتين وديتين أمام منتخبي تونس وغانا للشباب. ويهدف المعسكر إلى رفع مستوى الجاهزية البدنية والانسجام الفني، لا سيما بعد انضمام العناصر الجديدة.
المدير الفني محمد وهبة أكد في تصريحات صحفية أن الجهاز الفني يعمل على ترسيخ هوية لعب واضحة تعتمد على السرعة والضغط العالي، مشيرًا إلى أن العناصر الجديدة من المحترفين ستُشكل إضافة حقيقية للمنتخب، خصوصًا في الخطوط التي كانت تعاني من ضعف في الخيارات.
تُقام بطولة كأس العالم تحت 20 عامًا في مايو 2026، حيث تشهد مشاركة أقوى المنتخبات على مستوى الشباب، وهي تُعتبر بمثابة منصة لاكتشاف النجوم وصناعة الأبطال للمستقبل. وقد سبق للعديد من نجوم العالم، أمثال ليونيل ميسي، وكيليان مبابي، أن تألقوا في هذه البطولة قبل انطلاق مسيرتهم الاحترافية.
ويمثل منتخب مصر للشباب القارة الإفريقية إلى جانب منتخبات نيجيريا والسنغال ومالي، بعد تقديمه عروضًا مميزة في بطولة الأمم الإفريقية الأخيرة التي أهلته رسميًا للمشاركة في المونديال.
لاقى إعلان انضمام لاعبي ليفربول وأرسنال وأوكسير ردود أفعال إيجابية من الجماهير والمتابعين، حيث عبّر كثيرون عن سعادتهم بهذه الخطوة التي تعكس تطور فكر القائمين على المنتخب، وحرصهم على بناء فريق تنافسي حقيقي لا يعتمد فقط على اللاعبين المحليين.
من جهة أخرى، أبدى بعض النقاد تحفظهم بشأن سرعة دمج هؤلاء اللاعبين دون أن يمروا بالمراحل السنية السابقة للمنتخب، مطالبين بضرورة الحفاظ على توازن التشكيلة ومنح الفرصة لمن ساهموا في التأهل للبطولة.
بالنسبة للاعبين الثلاثة، يُعد هذا الانضمام فرصة ثمينة لإثبات جدارتهم في تمثيل منتخب مصر، وقدرتهم على التأقلم مع أسلوب اللعب ومع زملائهم المحليين. وسيكون المعسكر الحالي بمثابة اختبار أول لهم قبل الإعلان عن القائمة النهائية التي ستخوض البطولة.
وتشير بعض المصادر إلى أن اللاعبين أبدوا حماسًا شديدًا واستعدادًا للتضحية بفرص اللعب مع منتخبات الدول التي يحملون جنسياتها من أجل ارتداء قميص منتخب مصر، وهو ما اعتبره الجهاز الفني نقطة إيجابية تُحسب لهم.
إذا ما تمت إدارة هذا الملف باحترافية، فإن دمج العناصر المحترفة في المنتخبات السنية يمكن أن يكون له أثر بعيد المدى على مستقبل الكرة المصرية. فهؤلاء اللاعبون ينشطون في بيئة احترافية عالية المستوى، ويتدربون على نظم متقدمة في التكتيك والتغذية واللياقة، ما يُسهم في نقل الخبرات والتطور إلى زملائهم المحليين.
ويأمل الجهاز الفني أن ينجح في صناعة توليفة تجمع بين المهارة المحلية والخبرة الأوروبية، وأن يحقق منتخب مصر للشباب نتائج قوية في المونديال تُعيد للأذهان جيل 2001 بقيادة محمد أبوتريكة وأحمد فتحي، أو جيل 2009 الذي لعب أمام البرازيل وأبهَر العالم.
انضمام ثلاثي ليفربول وأرسنال وأوكسير إلى منتخب مصر للشباب يُعد نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة في مسيرة المنتخبات السنية. ومع ارتفاع سقف الطموحات، تبقى التحديات كبيرة أمام الجهاز الفني، سواء في خلق الانسجام بين اللاعبين، أو في التعامل مع منافسة شرسة في مونديال الشباب. ولكن إذا ما تم استثمار هذه الخطوة بالشكل الصحيح، فإن الكرة المصرية قد تكون على موعد مع جيل جديد من النجوم يُشرف اسم مصر في المحافل الدولية.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
