دخل نادي الهلال السعودي على خط المفاوضات مع المدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد الإسباني، بعرض تاريخي، يُعد من الأكبر في تاريخ كرة القدم.
بهدف التعاقد معه لقيادة الفريق خلال المرحلة المقبلة. ويأتي هذا العرض بالتزامن مع الغموض الذي يحيط بمستقبل أنشيلوتي مع ريال مدريد، والتقارير التي ربطت اسمه مؤخرًا بتدريب منتخب البرازيل.
وفي ظل تصاعد التكهنات حول وجهة المدرب المخضرم، يبقى السؤال الأبرز: هل يضحي أنشيلوتي بفرصة تدريب منتخب السامبا، في سبيل التحدي المالي والفني في الدوري السعودي عبر بوابة الهلال؟
كشفت مصادر مقربة من إدارة نادي الهلال أن العرض المُقدم لأنشيلوتي يتجاوز 50 مليون يورو سنويًا، ليكون من بين أعلى الرواتب في تاريخ التدريب العالمي. ويتضمن العرض حوافز إضافية في حال تحقيق البطولات المحلية والقارية، إلى جانب توفير طاقم فني مساعد بالكامل حسب اختيار المدرب.
الهلال، الذي يطمح لتوسيع سيطرته على الساحة المحلية والقارية، يرى في أنشيلوتي الخيار المثالي لما يتمتع به من خبرات أوروبية طويلة، وقدرته على التعامل مع النجوم، وتقديم أداء متوازن هجوميًا ودفاعيًا، وهو ما يتوافق مع طموحات الفريق في الموسم القادم.
كان من المنتظر أن يتولى أنشيلوتي تدريب منتخب البرازيل بعد نهاية عقده مع ريال مدريد بنهاية موسم 2023-2024، خاصة بعد التصريحات الرسمية التي صدرت من مسؤولي الاتحاد البرازيلي بشأن رغبتهم في التعاقد مع المدرب الإيطالي.
لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن المفاوضات تعثرت بسبب عدة عوامل، أبرزها تمسك إدارة ريال مدريد ببقاء المدرب حتى نهاية عقده، وعدم استعدادها لدفع أي تعويض لإنهاء التعاقد مبكرًا. كما أن توقيت بدء مهمة تدريب البرازيل لم يكن محل اتفاق بين الطرفين، حيث كان الاتحاد البرازيلي يرغب في أن يبدأ أنشيلوتي مهامه في منتصف 2024، بينما يفضل المدرب الانتظار حتى نهاية ارتباطه الرسمي في إسبانيا.
حتى الآن، لم يصدر عن أنشيلوتي أي تعليق رسمي بشأن عرض الهلال أو مستقبله التدريبي مع منتخب البرازيل. إلا أن مقربين من المدرب أوضحوا أن العرض السعودي نال اهتمامه، خصوصًا لما يحمله من قيمة مالية ضخمة، إلى جانب المشروع الرياضي الطموح الذي يقدمه نادي الهلال.
ويُعتقد أن المدرب الإيطالي، صاحب الـ 64 عامًا، يدرس قراره بعناية، خاصة في ظل اقتراب ختام مسيرته التدريبية، مما يدفعه للتفكير في التحديات المالية والفنية التي قد تكون مناسبة في هذه المرحلة من عمره المهني.
أنشيلوتي يرتبط بعلاقة وثيقة مع ريال مدريد، حيث قاد الفريق لعدة بطولات خلال فترتي ولايته، ونجح في تحقيق دوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، والسوبر الأوروبي، إلى جانب كأس الملك.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين المدرب والنادي شهدت بعض التوترات هذا الموسم، في ظل تراجع الأداء في بعض الفترات، وتزايد الانتقادات بشأن التشكيلة وإدارة المباريات، وهو ما فتح باب الحديث عن احتمالية رحيله بنهاية الموسم، حتى دون الانتظار لانتهاء عقده رسميًا.
وتشير تقارير صحفية إلى أن إدارة ريال مدريد بدأت بالفعل بوضع بدائل تحسبًا لرحيل أنشيلوتي، ما يمنحه حرية أكبر في تحديد وجهته المقبلة.
في ظل تعثر التعاقد مع أنشيلوتي، بدأ الاتحاد البرازيلي لكرة القدم في دراسة خيارات بديلة لتولي قيادة السامبا خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.
وتأتي في مقدمة الأسماء المرشحة، المدرب البرتغالي خورخي جيسوس، المدير الفني الحالي لنادي الهلال، والذي يحظى بثقة المسؤولين في البرازيل بفضل تجاربه السابقة مع فلامنغو، حيث حقق معهم لقب كأس ليبرتادوريس عام 2019.
ويبدو أن الأمور تسير في اتجاه سيناريو محتمل يقضي بانتقال أنشيلوتي إلى الهلال، وانتقال جيسوس إلى المنتخب البرازيلي، في تبادل مثير للمدربين بين النادي والمنتخب.
عرض الهلال لأنشيلوتي يأتي استكمالًا لسياسة النادي في استقطاب الأسماء العالمية، حيث سبق له التعاقد مع عدد من أبرز نجوم الكرة في السنوات الأخيرة، من بينهم نيمار، كوليبالي، وميتروفيتش، كما ارتبط اسمه بعدة مدربين كبار على مستوى العالم.
ويبدو أن إدارة الهلال تسعى لجعل الفريق نموذجًا عالميًا ليس فقط في الأسماء، بل أيضًا في الفكر التدريبي والخطط التكتيكية، عبر التعاقد مع مدرب يحمل سجلًا حافلًا بالبطولات مثل كارلو أنشيلوتي.
التدريب في الدوري السعودي لم يعد كما كان في السابق. فمع زيادة الاستثمارات، وارتفاع مستوى التنافس، أصبح الدوري وجهة جاذبة لكبار المدربين واللاعبين، خاصة بعد انتقال كريستيانو رونالدو للهلال في صفقة تاريخية، وما تبعها من تغييرات جذرية في هيكلة الأندية السعودية.
وفي ظل الدعم الكبير من وزارة الرياضة، والاهتمام بتحويل الدوري السعودي إلى واحد من أكبر 10 دوريات في العالم، فإن قبول أنشيلوتي لهذا العرض قد لا يُعد تراجعًا عن الطموح الدولي، بل خوضًا لتجربة جديدة ومليئة بالتحديات.
المدرب الإيطالي يقف الآن أمام مفترق طرق حقيقي. من جهة، منتخب البرازيل، صاحب التاريخ الكبير والتحدي الدولي المثير، ومن جهة أخرى، الهلال السعودي، النادي الطموح الذي يعرض مشروعًا رياضيًا ضخمًا بمقابل مالي غير مسبوق.
ويبدو أن القرار سيكون مزيجًا بين العاطفة والحسابات المالية. فإذا أراد أنشيلوتي إنهاء مسيرته مع منتخب وطني بحجم البرازيل، فإن السامبا قد يكون خياره. أما إذا قرر خوض تجربة مالية كبيرة في بيئة تنافسية متطورة، فإن الهلال قد يحقق له هذا الطموح.
مع انتظار القرار النهائي خلال الأسابيع المقبلة، تبقى جميع السيناريوهات واردة، ومعها تظل الجماهير في أوروبا، البرازيل، والسعودية، تتابع عن كثب أخبار أحد أبرز المدربين في العالم، الذي ربما يكون على وشك خوض آخر مغامراته التدريبية في الشرق الأوسط.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
