الحمل خارج الرحم يُعد من الحالات الطبية الطارئة التي تتطلب تدخلًا سريعًا، نظرًا لما قد يُسببه من مضاعفات خطيرة على صحة المرأة إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه في الوقت المناسب. في الوضع الطبيعي، يحدث الحمل عندما تُخصب البويضة بواسطة الحيوان المنوي وتنتقل إلى الرحم لتنغرس في جداره وتبدأ في النمو. ولكن في بعض الحالات، تفشل البويضة المخصبة في الوصول إلى الرحم وتبدأ في النمو خارج موضعها الطبيعي، وغالبًا ما يحدث ذلك في قناة فالوب.
هذه الحالة تُعرف باسم "الحمل خارج الرحم" أو الحمل المنتبذ، وهي لا تسمح باستمرار الحمل بشكل سليم، كما أنها تُشكّل خطرًا كبيرًا على حياة الأم إذا تم تجاهلها أو تأخر تشخيصها. وعلى الرغم من أن الحمل خارج الرحم نادر نسبيًا، إذ يُصيب حوالي 1 من كل 100 حالة حمل، إلا أن التعرف عليه مبكرًا يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة المرأة.
ما يميز هذه الحالة هو أنها قد لا تُظهر في بدايتها أعراضًا واضحة، مما يجعل اكتشافها أمرًا معقدًا في بعض الأحيان. وفي الوقت نفسه، فإن هناك مجموعة من العلامات والأعراض التي يمكن أن تكون مؤشراً مبكراً لهذا النوع من الحمل، ومنها آلام الحوض، النزيف المهبلي، وأعراض تشبه الحمل الطبيعي، لكن مع بعض الاختلافات الدقيقة.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على الأنواع المختلفة للحمل خارج الرحم، والأعراض المصاحبة له، وكيفية تمييزه، إضافة إلى نظرة عامة على طرق التشخيص والعلاج.
الحمل خارج الرحم هو الحالة التي تنمو فيها البويضة المخصبة في مكان غير الرحم. وغالبًا ما تكون قناة فالوب هي الموقع الأكثر شيوعًا، ولكن قد يحدث أحيانًا في أماكن أخرى مثل عنق الرحم، المبيض، أو حتى في تجويف البطن.
هذه الحالة غير قابلة للاستمرار، لأن هذه المواقع ليست مهيأة لنمو الجنين. ومع استمرار نمو الجنين في هذا المكان غير الطبيعي، قد يؤدي ذلك إلى تمزق الأنسجة المحيطة، مما يسبب نزيفًا داخليًا شديدًا يهدد حياة الأم.
تتنوع أنواع الحمل خارج الرحم وفقًا للمكان الذي تنغرس فيه البويضة المخصبة، وتشمل:
وهو النوع الأكثر شيوعًا، ويحدث عندما تنغرس البويضة في إحدى قناتي فالوب. يشكل هذا النوع أكثر من 90% من حالات الحمل خارج الرحم. وإذا لم يُكتشف مبكرًا، قد يؤدي إلى تمزق القناة وحدوث نزيف داخلي خطير.
يحدث هذا النوع عندما تنغرس البويضة المخصبة في أحد المبيضين. وعلى الرغم من ندرته، إلا أنه قد يتسبب في ألم حاد في أحد جانبي البطن، ويُكتشف غالبًا خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية.
حالة نادرة جدًا تنغرس فيها البويضة داخل عنق الرحم، وهو الجزء السفلي من الرحم المتصل بالمهبل. هذا النوع خطير للغاية لأنه يصعب التحكم في النزيف عند محاولة إزالة الحمل.
يحدث عندما تستقر البويضة المخصبة في تجويف البطن، أي في منطقة غير مخصصة لاحتضان الجنين. وقد يرتبط هذا النوع بمضاعفات شديدة تتعلق بالأعضاء الداخلية، مثل الكبد أو الأمعاء.
وهو من أندر الأنواع، حيث يُكتشف وجود أكثر من بويضة مخصبة، واحدة في الرحم والأخرى خارج الرحم. ويصعب جدًا تشخيص هذه الحالة إلا من خلال الفحوصات الدقيقة.
تتشابه بعض أعراض الحمل خارج الرحم مع أعراض الحمل الطبيعي، مثل:
انقطاع الدورة الشهرية
الغثيان الصباحي
الشعور بالتعب والإرهاق
لكن هناك مجموعة من الأعراض الأخرى التي تشير إلى وجود حمل خارج الرحم، وأبرزها:
غالبًا ما يكون الألم حادًا ومستمرًا، وقد يظهر بشكل مفاجئ. ويحدث بسبب تمدد أو تمزق النسيج الذي انغرس فيه الجنين.
قد يكون النزيف خفيفًا أو كثيفًا، وعادةً ما يختلف عن دم الدورة الشهرية في لونه وكميته. وقد يكون مصحوبًا بتجلطات دموية.
يُعد من العلامات غير الشائعة، ولكنه يحدث بسبب تهيج العصب المرتبط بالحجاب الحاجز نتيجة النزيف الداخلي.
يشير ذلك إلى احتمال حدوث نزيف داخلي حاد أدى إلى انخفاض ضغط الدم بشكل كبير.
ويحدث نتيجة الضغط على الأعضاء المجاورة لموقع الحمل غير الطبيعي.
في حال ظهور أي من الأعراض التالية، ينبغي الذهاب إلى الطوارئ فورًا:
ألم شديد في البطن لا يهدأ
نزيف مهبلي كثيف
دوخة مستمرة أو فقدان للوعي
تسارع في ضربات القلب
التدخل السريع يساعد على تجنب المضاعفات الخطيرة، ويحمي حياة الأم من الخطر المحتمل.
تشمل طرق التشخيص:
يقوم الطبيب بفحص الحوض للتحقق من وجود ألم أو تورم في المبيضين أو قناتي فالوب.
إذا كانت نسبة الهرمون أقل من المتوقع لعمر الحمل، فقد يشير ذلك إلى حمل غير طبيعي.
يُستخدم للكشف عن وجود كيس الحمل داخل الرحم أو خارجه. في حالة عدم العثور على كيس داخل الرحم مع وجود علامات حمل، يبدأ الاشتباه في الحمل خارج الرحم.
يعتمد العلاج على عدة عوامل، منها حجم الحمل، موقعه، والأعراض المصاحبة له. الخيارات تشمل:
يُستخدم دواء "الميثوتركسات" لإيقاف نمو الحمل دون تدخل جراحي. يُستخدم فقط في الحالات المستقرة وذات الحجم الصغير.
في حال وجود نزيف أو تمزق في قناة فالوب، يُلجأ للجراحة لإزالة الحمل. قد تكون الجراحة بالمنظار أو عن طريق فتح البطن حسب الحالة.
في بعض الحالات المبكرة، قد يراقب الطبيب مستوى الهرمون ويقرر عدم التدخل إذا بدأ الجسم في التخلص من الحمل تلقائيًا.
يعتمد الأمر على نوع الحمل والإجراء المستخدم في العلاج. في حالات الحمل الأنبوبي مثلًا، إذا تم استئصال القناة، تقل فرص الحمل بنسبة 50% تقريبًا. ومع ذلك، الكثير من النساء يتمكن من الحمل مرة أخرى بشكل طبيعي باستخدام القناة الأخرى أو من خلال وسائل المساعدة على الإنجاب.
رغم عدم وجود وسيلة أكيدة للوقاية من الحمل خارج الرحم، فإن اتباع الإرشادات التالية قد يُقلل من فرص حدوثه:
علاج أي عدوى في الحوض مبكرًا
الامتناع عن التدخين
متابعة الحمل منذ بدايته وإجراء السونار المبكر
تجنب تأجيل الحمل لفترات طويلة بعد الإصابة بأي مشاكل نسائية
الحمل خارج الرحم هو حالة صحية دقيقة وخطيرة في آنٍ واحد، وتتطلب وعيًا ومراقبة دقيقة للأعراض منذ لحظة تأخر الدورة الشهرية. القدرة على تمييز الأعراض بشكل مبكر، واللجوء للطبيب فورًا، هي الوسيلة الأفضل لحماية صحة المرأة وتفادي المضاعفات. الفهم الجيد للأنواع المختلفة للحمل خارج الرحم يُسهم في رفع الوعي العام ويعزز من فرص التدخل المبكر، وبالتالي الحفاظ على الخصوبة والصحة العامة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt