الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل من أجل التبول يُعد أمرًا شائعًا لدى العديد من الأشخاص، وقد يظنه البعض أمرًا طبيعيًا مع التقدم في العمر أو نتيجة شرب الكثير من السوائل قبل النوم. إلا أن الأطباء يؤكدون أن هذا العرض قد يكون مؤشرًا على أمراض خطيرة في الجسم، تتطلب الفحص والمتابعة الطبية العاجلة، خاصة إذا تكرر الأمر يوميًا ولفترات طويلة.
ورغم ارتباط كثرة التبول ليلًا بمرض السكري بشكل مباشر، فإن هناك أمراضًا أخرى قد تؤدي إلى نفس العرض، منها ما هو متعلق بالجهاز البولي، ومنها ما يعود إلى اضطرابات في القلب أو الهرمونات أو حتى بعض المشكلات النفسية.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز الأسباب المحتملة لكثرة التبول الليلي، وكيفية التفرقة بين العادات اليومية والأعراض المرضية، إلى جانب نصائح للتعامل مع هذه المشكلة في حال تكرارها.
من الطبيعي أن يتبول الإنسان بمعدل يتراوح بين 6 إلى 8 مرات خلال اليوم. أما التبول ليلًا، فربما يحدث مرة واحدة لدى الأشخاص الأصحاء. لكن عند تكرار الاستيقاظ أكثر من مرة خلال الليل للتبول، خاصة إذا كان يؤثر على جودة النوم، فإن ذلك يُعد مؤشرًا يستوجب الانتباه، وقد يكون عرضًا لما يُعرف طبيًا بـ "التبول الليلي المتكرر" أو "Nocturia".
يُعتبر السبب الأشهر والأكثر شيوعًا لكثرة التبول هو الإصابة بمرض السكري، سواء من النوع الأول أو الثاني. فارتفاع نسبة السكر في الدم يدفع الجسم لمحاولة التخلص من الجلوكوز الزائد عن طريق البول، مما يؤدي إلى زيادة عدد مرات التبول، خاصة ليلًا.
علامات مصاحبة قد تشير للسكري:
العطش الشديد.
الجوع المتكرر.
الإرهاق والتعب.
فقدان الوزن المفاجئ.
يُعد تضخم البروستاتا الحميد من الأسباب الشائعة لدى الرجال فوق سن الخمسين، ويؤدي إلى الضغط على مجرى البول، مما يجعل المثانة غير قادرة على التفريغ الكامل، وبالتالي يشعر الشخص بالحاجة للتبول مرارًا، حتى خلال الليل.
تُسبب العدوى في المثانة أو مجرى البول شعورًا متكررًا بالحاجة إلى التبول، مصحوبًا غالبًا بحرقان في البول أو ألم أسفل البطن. وقد تؤدي أيضًا إلى التبول اللاإرادي الليلي عند بعض الحالات.
عند الإصابة بقصور في عضلة القلب، قد يتجمع السائل في الأطراف خلال النهار، لكن عند الاستلقاء ليلًا يعاد توزيع هذا السائل داخل الجسم، ما يُحفز الكلى لإنتاج مزيد من البول، وبالتالي يحدث التبول الليلي.
عندما تُصاب الكليتان بخلل في وظائفهما، قد تفقدان القدرة على التركيز الطبيعي للبول أو الاحتفاظ بالسوائل، مما يؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من البول في الليل.
مثل توقف التنفس أثناء النوم أو القلق الليلي أو الكوابيس، قد تُحفز الجسم للتبول بسبب التغيرات الفسيولوجية التي تحدث أثناء هذه الاضطرابات.
بعض أدوية الضغط أو أمراض القلب تحتوي على مواد تُدر البول. وإذا تم تناولها في وقت متأخر من اليوم، فقد تؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر للتبول.
السكري الكاذب (Diabetes Insipidus): لا يرتبط بمرض السكري المعروف، ولكنه يسبب خللًا في الهرمونات المنظمة لتوازن السوائل في الجسم.
متلازمة المثانة مفرطة النشاط: تؤدي إلى انقباضات لا إرادية للمثانة تسبب التبول المتكرر.
الحمل، خصوصًا في الشهور الأولى والأخيرة.
ارتفاع الكالسيوم في الدم.
أمراض الكبد أو الكبد الدهني المتقدم.
يُنصح بمراجعة الطبيب في الحالات التالية:
إذا كان التبول الليلي يحدث أكثر من مرتين يوميًا.
إذا صاحب التبول ألم أو حرقان.
إذا كان البول يحتوي على دم أو رائحة كريهة.
في حال الشعور بإرهاق دائم خلال النهار نتيجة قلة النوم.
إذا كانت هناك أعراض أخرى مثل العطش الشديد أو فقدان الوزن.
سيبدأ الطبيب غالبًا بالتاريخ المرضي للمريض، ثم يُجري بعض الفحوص مثل:
تحليل بول للتأكد من عدم وجود عدوى أو دم.
اختبار نسبة السكر في الدم.
فحص وظائف الكلى والكبد.
أشعة على المثانة أو البروستاتا.
تحليل الهرمونات في بعض الحالات.
يُنصح بعدم شرب الماء أو العصائر قبل النوم بساعتين على الأقل.
تُحفز هذه المواد الكلى على إنتاج مزيد من البول، لذا يُفضل تجنبها خاصة في المساء.
هذا يساعد على تصريف السوائل من الأطراف السفلية خلال النهار بدلًا من تجمعها ليلًا.
إذا كنت تتناول أدوية تحتوي على مواد مدرة للبول، ناقش مع الطبيب تعديل وقت الجرعة.
إذا كان هناك مرض مسبب (سكري، بروستاتا، التهابات)، فإن السيطرة عليه تُقلل تلقائيًا من عدد مرات التبول.
مع تزايد الوعي الصحي لدى الناس، من المتوقع أن يتحسن التعامل مع أعراض التبول الليلي، خاصة في ظل التطورات الحديثة في تشخيص أمراض المسالك البولية، وتوفر علاجات فعالة ومبكرة لأمراض البروستاتا والسكري واضطرابات الهرمونات. كما يتوقع أن تُطرح أدوية جديدة تقلل من نشاط المثانة دون آثار جانبية كبيرة.
كثرة التبول ليلًا ليست دائمًا أمرًا عابرًا أو طبيعيًا، بل قد تكون جرس إنذار لمشكلة صحية تستوجب العلاج المبكر. التفرقة بين السبب العارض والمزمن تبدأ من وعي الشخص بمؤشرات جسده، واللجوء للطبيب فورًا عند استمرار الأعراض. والوقاية تبدأ بخطوات بسيطة مثل تنظيم مواعيد شرب الماء، والانتباه لنوعية الأطعمة، ومتابعة الحالة الصحية بشكل دوري.
هل ترغب في تحويل المقال إلى نسخة Word أو ملف PDF منسق للطباعة أو النشر؟
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt