أعلن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بشكل رسمي عن تطبيق قرار جديد اعتبارًا من العام الدراسي المقبل 2025-2026، في خطوة وصفها البعض بالمفصلية في طريق تطوير منظومة التعليم في مصر. القرار الجديد يُعد واحدًا من أهم الإجراءات التنظيمية التي تستهدف تحسين جودة العملية التعليمية، وتعزيز الانضباط داخل المدارس، ورفع كفاءة التقييم، بما يتماشى مع توجهات الدولة نحو بناء جيل قادر على التفكير النقدي والإبداعي.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو تطوير المناهج والبنية التكنولوجية، يأتي هذا القرار ليعكس نية الوزارة في معالجة بعض التحديات السلوكية والتعليمية التي واجهت المدارس خلال السنوات الماضية. في هذا التقرير نستعرض تفاصيل القرار الجديد، أسبابه، موعد تطبيقه، تأثيره المتوقع على الطلاب والمعلمين، وآراء أولياء الأمور والخبراء حول مدى فعاليته.
أعلن وزير التعليم خلال مؤتمر صحفي عُقد بمقر الوزارة أن القرار الجديد ينص على:
إلزام طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بالحضور بنسبة لا تقل عن 85% من إجمالي عدد أيام الدراسة الفعلية، كشرط أساسي لدخول امتحانات الفصل الدراسي.
إلغاء الأعذار الورقية التقليدية، واستبدالها بنظام إلكتروني مركزي لمتابعة الغياب والتأكد من صحة بيانات الطلاب.
إعادة تفعيل درجات السلوك والانضباط ضمن التقييم العام للطالب بنسبة 5% من المجموع الكلي.
منع استخدام الهواتف المحمولة داخل الفصول بشكل نهائي، مع توقيع عقوبات فورية في حال المخالفة.
تخصيص حصص أسبوعية للأنشطة اللاصفية، مثل البحث العلمي، والحوار، والتفكير الإبداعي، تُحتسب كجزء من تقييم الطالب النهائي.
وأكد الوزير أن هذه القرارات سيتم تطبيقها بشكل كامل بداية من العام الدراسي الجديد 2025-2026، بعد الانتهاء من الاستعدادات اللازمة وإصدار الكتب الدورية للإدارات التعليمية والمدارس.
أوضح الوزير خلال كلمته أن القرار يأتي استجابة لمجموعة من التحديات التي تم رصدها خلال الأعوام الدراسية السابقة، منها:
انخفاض معدلات الحضور بين الطلاب، خاصة في المدارس الثانوية، مما أدى لتراجع التفاعل داخل الفصول.
تفشي ظاهرة الاعتماد على الدروس الخصوصية، على حساب الالتزام بالمدرسة والأنشطة التعليمية الرسمية.
ضعف الانضباط السلوكي داخل بعض المدارس، بسبب غياب أدوات تقييم سلوكية فعالة.
تراجع المشاركة الطلابية في الأنشطة اللاصفية، رغم دورها في بناء الشخصية وتنمية المهارات الاجتماعية.
تزايد استخدام الهواتف المحمولة داخل الفصول مما يشغل الطلاب ويؤثر سلبًا على تركيزهم.
أعلنت الوزارة أن القرار سيتم تنفيذه رسميًا بدءًا من الأسبوع الأول في أكتوبر 2025، تزامنًا مع انطلاق العام الدراسي الجديد، على أن يتم تفعيل نظام الحضور الإلكتروني داخل المدارس، وتدريب المعلمين على الإجراءات الجديدة خلال شهري أغسطس وسبتمبر.
كما ستقوم الوزارة بتحديث منصة البيانات المركزية التي ستُستخدم في تسجيل نسب الحضور إلكترونيًا، وربطها بحسابات أولياء الأمور لتوفير إشعارات فورية بحالة الطالب، سواء عند الغياب أو التقييم السلوكي.
تباينت ردود أفعال أولياء الأمور بعد إعلان القرار، إذ رأى البعض أنه خطوة إيجابية نحو إعادة هيبة المدرسة، وربط الطلاب مجددًا بالعملية التعليمية داخل الفصول، بينما أبدى البعض الآخر تخوفه من صعوبة الالتزام بنسب الحضور في ظل الاعتماد على الدروس الخصوصية كمصدر رئيسي للتحصيل.
أما بعض المعلمين، فقد اعتبروا أن القرار خطوة نحو الانضباط، لكنه يحتاج إلى دعم إداري حقيقي ومتابعة صارمة من الإدارات التعليمية حتى لا يُطبق بشكل صوري.
من أبرز جوانب القرار الجديد إدراج درجات السلوك والانضباط ضمن التقييم الكلي للطالب، وذلك كوسيلة لتحفيز الطلاب على الالتزام الأخلاقي والاحترام المتبادل، سواء داخل الفصول أو في الأنشطة.
سيُخصم من الطالب جزء من هذه الدرجة في حال المخالفات مثل:
التأخير المتكرر عن الحصص.
السلوك غير اللائق تجاه الزملاء أو المعلمين.
استخدام الهاتف المحمول داخل الفصل.
كما ستُمنح درجات إضافية للطلاب المتميزين سلوكيًا أو الملتزمين بالأنشطة المدرسية.
وهذا التعديل يُعتبر الأول من نوعه منذ إلغاء درجات السلوك في المقررات الدراسية منذ سنوات، ما يعكس رغبة الوزارة في إعادة الاعتبار للتربية بجانب التعليم.
من المتوقع أن يضع القرار الجديد حدًا نسبيًا لاعتماد الطلاب الكامل على الدروس الخصوصية، بعد أن أصبحت المدرسة إلزامية فعليًا لدخول الامتحانات. ومع ذلك، يرى البعض أن الأمر يحتاج إلى:
تطوير أساليب الشرح داخل المدارس.
متابعة فعالة من الإدارات التعليمية للتأكد من الالتزام بالتقويم الرسمي.
رقابة على المعلمين خارج أوقات العمل الرسمية للحد من انتشار المراكز غير المرخصة.
أكدت الوزارة أن القرار يشمل جميع المدارس الحكومية والتجريبية والخاصة التي تُدرس المنهج المصري، بينما لا يسري على المدارس الدولية التي تعتمد أنظمة تعليمية خاصة بها، ولكن يُفضل أن تطبق هذه المدارس نفس المبادئ فيما يخص الانضباط ونسب الحضور.
وضعت وزارة التربية والتعليم خطة كاملة لضمان التطبيق السليم للقرار، تشمل:
تدريب مديري المدارس ومسؤولي شؤون الطلاب على تسجيل الحضور إلكترونيًا.
إصدار دليل موحد لتقييم السلوك والانضباط.
توفير منصة تواصل إلكتروني بين المدارس وأولياء الأمور.
تنظيم حملات توعية في المدارس والإعلام حول أهمية القرار.
تخصيص فرق متابعة من الوزارة لزيارة المدارس عشوائيًا والتأكد من الالتزام.
جاء قرار وزارة التعليم بتطبيق نظام حضور إلزامي وتقييم سلوكي شامل ابتداءً من العام الدراسي 2025-2026 ليؤكد أن التعليم في مصر يسير نحو الانضباط والجودة، بعد سنوات من التسيب والاعتماد المفرط على أنظمة موازية.
ورغم التحديات التي قد يواجهها القرار عند التطبيق، فإن تصميم الوزارة على المضي قدمًا، وتوفير أدوات المتابعة الإلكترونية، والتقييم الموضوعي، كلها عوامل تؤكد أن التغيير الحقيقي في المنظومة التعليمية قد بدأ.
ويظل التحدي الأكبر هو تفاعل المجتمع والأسرة مع هذا القرار، لأن نجاحه لا يكتمل إلا بوجود وعي جماعي بأن المدرسة ليست مكانًا للتلقين فقط، بل مساحة لبناء الشخصية وصقل القيم. فهل تنجح مصر في العودة إلى مدرسة حقيقية بالمعنى الشامل؟ الأيام القادمة ستجيب.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt