الزكاة ركن أساسي من أركان الإسلام الخمسة، وهي ليست مجرد عبادة فردية، بل نظام مالي واجتماعي يهدف إلى تحقيق العدالة ومكافحة الفقر. ومع تغير أنماط المعيشة وتعدد مصادر الدخل في العصر الحديث، بدأ كثيرون يتساءلون: هل أصحاب العقارات الكثيرة والرواتب العالية تجب عليهم زكاة المال؟ وكيف يمكن حسابها وفق الضوابط الشرعية؟
الزكاة تعني النماء والطهارة، وهي حق معلوم فرضه الله على أموال الأغنياء لصالح الفقراء والمحتاجين. وهي تختلف عن الصدقة التطوعية لأنها واجبة بشروط محددة، مثل النصاب والحول. الهدف من الزكاة ليس فقط مساعدة الفقير، بل أيضًا تطهير نفس الغني من الشح، وتحقيق توازن اقتصادي يضمن استقرار المجتمع.
هناك شروط أساسية لوجوب الزكاة، أبرزها:
بلوغ النصاب: أي وصول المال إلى مقدار معين يوازي قيمة 85 جرامًا من الذهب.
حولان الحول: مرور سنة كاملة على امتلاك المال.
الملك التام: أن يكون المال في حيازة صاحبه بشكل كامل.
النماء: أن يكون المال قابلًا للنمو أو الاستثمار.
الراتب الذي يتقاضاه الموظف شهريًا لا يُفرض عليه الزكاة فورًا، وإنما يُنظر إلى ما يتبقى منه بعد النفقات. فإذا ادخر الموظف من راتبه مبلغًا معينًا وبلغ النصاب، وظل عنده عامًا كاملًا، حينها تجب عليه الزكاة بنسبة 2.5%.
إذا كان الموظف يتقاضى 20 ألف جنيه شهريًا، وينفق 15 ألفًا، فيتبقى معه 5 آلاف. فإذا ادخر هذا المبلغ حتى بلغ النصاب وحال عليه الحول، وجبت الزكاة فيه.
المنزل الذي يسكنه صاحبه وأسرته لا زكاة فيه، لأنه ليس مالًا ناميًا بل حاجة أصلية.
إذا كان لدى الشخص عقارات يقوم بتأجيرها، فإن الزكاة تجب على العائد المالي (الإيجار) وليس على قيمة العقار نفسه. فيُحسب الدخل الناتج عن الإيجار، فإذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، أُخرجت منه الزكاة.
إذا كان الغرض من امتلاك العقار هو التجارة أو البيع عند ارتفاع السعر، فإنها تعامل معاملة عروض التجارة، وتُزكى بنسبة 2.5% من قيمتها السوقية عند حلول الحول.
كثير من الموظفين وأصحاب المناصب العليا يتقاضون رواتب ضخمة، وهؤلاء عليهم مسؤولية مضاعفة في إخراج الزكاة إذا بلغ المال النصاب. فارتفاع الراتب وحده لا يعني وجوب الزكاة إلا إذا تحقق شرط الادخار ومرور الحول. لكن في الغالب، أصحاب الرواتب العالية يستطيعون ادخار جزء كبير من دخلهم، وبالتالي يصبح إخراج الزكاة واجبًا عليهم بشكل منتظم.
تحديد الأموال المدخرة سواء كانت نقدية أو في البنوك.
تقدير قيمتها بالذهب لمعرفة النصاب.
التحقق من مرور عام هجري كامل عليها.
إخراج 2.5% من إجمالي المبلغ.
الأسهم التي تُشترى بقصد التجارة تعامل معاملة عروض التجارة، وتُزكى بقيمتها السوقية عند نهاية الحول.
إذا كان العقار جزءًا من مشروع تجاري مثل شركة تطوير عقاري، فإنه يُزكى بحسب قيمته ونشاطه.
البعض يخلط بين الزكاة والضرائب، لكن الفرق جوهري.
الزكاة عبادة وركن ديني محدد النسبة والمصارف.
مكافحة الفقر عبر نقل جزء من أموال الأغنياء للفقراء.
تعزيز التكافل الاجتماعي بين مختلف طبقات المجتمع.
تحفيز الاستثمار لأن الأموال غير الموظفة معرضة للزكاة، مما يشجع أصحابها على استثمارها.
تقليل الفوارق الطبقية وتحقيق توازن اقتصادي.
الحنفية: يرون وجوب الزكاة في المال المدخر إذا بلغ النصاب.
المالكية: يؤكدون أن العقار المعد للسكن لا زكاة فيه.
الشافعية والحنابلة: يتفقون على أن زكاة العقارات تُخرج من ريعها إذا كانت مؤجرة.
مع تنوع مصادر الدخل مثل الرواتب بالعملات الأجنبية، الأرباح البنكية، والأسهم، يظل حساب الزكاة يحتاج إلى وعي وتوجيه. ولذلك تلعب المؤسسات الدينية دورًا مهمًا في توعية الناس بطرق الحساب المعاصرة.
إذن، أصحاب العقارات والرواتب الكبيرة ليسوا في مأمن من الزكاة، بل هم من أكثر الفئات مطالبة بأدائها، طالما توافرت الشروط الشرعية. فالزكاة ليست مجرد التزام مالي، بل فريضة ربانية تضمن استقرار المجتمع، وتفتح أبواب البركة في أموال الأفراد.
إن إخراج الزكاة في وقتها وبشكلها الصحيح ليس فقط طاعة، وإنما استثمار في الدنيا والآخرة، يحقق التوازن الاقتصادي ويضمن رضا الله عز وجل.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt