في إطار خطة الدولة لمواجهة الضغط الكبير على استهلاك الطاقة، أعلنت الحكومة المصرية عن إصدار توجيهات جديدة بشأن مواعيد إغلاق المحلات التجارية والمولات، وذلك ضمن إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء خلال موسم الصيف، الذي يشهد عادة ذروة الاستخدام بفعل ارتفاع درجات الحرارة واستخدام المكيفات على نطاق واسع.
القرارات جاءت بعد اجتماعات مكثفة شارك فيها مسؤولون من وزارتي الكهرباء والتنمية المحلية، بالتنسيق مع المحافظات المختلفة، في محاولة للسيطرة على الأحمال الزائدة وتجنب انقطاع التيار أو الضغط على الشبكات.
وفقًا للتوجيهات الجديدة، فإنه تم تحديد المواعيد الرسمية لإغلاق الأنشطة التجارية في أغلب المناطق على النحو التالي:
المحلات العامة: تغلق أبوابها الساعة 10 مساءً طوال أيام الأسبوع، ما عدا يومي الخميس والجمعة، حيث يُسمح لها بالعمل حتى 11 مساءً.
المطاعم والكافيهات: تغلق أبوابها الساعة 12 منتصف الليل، مع السماح بخدمة التوصيل (الدليفري) حتى الساعة 1 صباحًا.
المولات التجارية: تغلق بشكل عام عند الساعة 10 مساءً.
محلات البقالة والصيدليات: مستثناة من القرار وتعمل وفق طبيعة نشاطها.
وقد تم التأكيد أن هذه التوجيهات قابلة للمراجعة وفق تطورات الأحمال، لكن الهدف الرئيسي هو تخفيف الضغط على الشبكة في ساعات الذروة.
تهدف الحكومة من هذه الإجراءات إلى تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة تقدر بنحو 10% على الأقل خلال ساعات الليل، خاصة في المناطق التي تعتمد على إنارة المحلات واللافتات بشكل كبير، ما يزيد من الأحمال في الفترة المسائية.
وتُعد هذه القرارات جزءًا من خطة وطنية شاملة لترشيد الطاقة تم إطلاقها في السنوات الأخيرة، مع التركيز على تحسين كفاءة الاستهلاك، وتشجيع المواطنين والمؤسسات على التفاعل الإيجابي مع المبادرة.
شهد القرار تباينًا في ردود أفعال المواطنين وأصحاب المحلات، حيث عبّر عدد كبير من التجار عن تحفظهم على توقيت الإغلاق المبكر، مشيرين إلى أن ساعات المساء هي الأكثر نشاطًا من حيث حركة البيع، خصوصًا في المناطق الشعبية والسياحية.
في المقابل، أبدى آخرون تفهمهم للقرار، معتبرين أنه خطوة ضرورية لتجنب انقطاعات محتملة أو مشكلات في الشبكة الكهربائية خلال فترات الذروة.
من ناحيته، أكد مسؤول بوزارة التنمية المحلية أن القرارات جاءت بعد دراسات دقيقة وورش عمل مع المحافظات، وأن الهدف ليس تعطيل النشاط التجاري، بل فقط تقنين توقيت العمل في إطار خطة وطنية شاملة لترشيد الطاقة، دون التأثير على الخدمات الأساسية أو حرية المواطن في الحصول على احتياجاته.
بالنسبة للمولات التجارية، فإن القرار كان متوقعًا في ظل حجم الاستهلاك الكبير لأنظمتها من الإضاءة والمكيفات، ويشمل ذلك جميع المراكز التجارية المغلقة والمفتوحة.
وقد تم منح بعض المولات فترة سماح محدودة خلال العطلات أو المناسبات الرسمية، لكن مع اشتراط خفض نسبة الإضاءة الخارجية والداخلية بنسبة لا تقل عن 50%.
وأشارت وزارة الكهرباء إلى أن المولات من أكبر مستهلكي الطاقة في المحافظات، وأن خفض ساعات العمل يسهم بشكل مباشر في تقليل الفاقد وتحسين كفاءة الشبكة.
القرارات الصادرة لا تشمل الفنادق أو القرى السياحية في المناطق الشاطئية، خصوصًا تلك التي تعتمد على السائحين في الليل، مثل شرم الشيخ والغردقة والعين السخنة.
لكن في الوقت ذاته، تم إصدار تعليمات لهذه المنشآت بضرورة ترشيد الاستهلاك، من خلال:
غلق الإنارة الزائدة في الحدائق والممرات بعد منتصف الليل.
خفض قدرة التكييفات في المناطق العامة.
منع إضاءة اللافتات غير الضرورية.
أكدت الحكومة أنه سيتم تطبيق غرامات على المخالفين للتوقيتات الجديدة، وتصل الغرامة في بعض المحافظات إلى 5000 جنيه في حالة التكرار، كما يمكن غلق المحل لمدة مؤقتة في حال التمادي بالمخالفة.
كما تم تكليف الوحدات المحلية بمتابعة التنفيذ من خلال جولات ليلية، إضافة إلى تلقي بلاغات المواطنين بشأن الأنشطة المخالفة.
طرحت الحكومة بعض البدائل لمساعدة أصحاب المحلات المتضررين، منها:
السماح بالدليفري الإلكتروني بعد ساعات الإغلاق الرسمية.
التنسيق مع المحافظات لتوفير أسواق يومية أو موسمية خلال النهار.
إطلاق حملات توعية للمستهلكين لتغيير نمط التسوق إلى ساعات النهار بدلًا من المساء.
وتم التأكيد على أن المرحلة الحالية تتطلب تكاتفًا شعبيًا وليس فقط قرارات حكومية.
أطلقت وزارة الكهرباء والتنمية المحلية حملات توعية عبر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، تتضمن:
نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء في المنازل.
تحذيرات من استخدام التكييفات دون ضبط درجات الحرارة.
خطوات بسيطة يمكنها توفير 30% من الفاتورة الشهرية.
كما ناشدت المواطنين عدم ترك الإنارة مشتعلة ليلًا دون داعٍ، وتشغيل المراوح أو المكيفات فقط في أماكن التواجد.
في النهاية، يبدو أن توجيهات الحكومة بشأن إغلاق المحلات التجارية والمولات تأتي في توقيت حرج، وتستهدف مواجهة أزمة حقيقية تهدد استقرار الشبكة الكهربائية في فصل الصيف.
لكن تبقى التحديات قائمة في كيفية تطبيق القرار بشكل عادل، مع مراعاة ظروف أصحاب المحلات والمستهلكين على حد سواء.
فهل تستطيع الدولة الموازنة بين الترشيد والتشغيل الاقتصادي؟ وهل يلتزم المواطنون بالتعليمات الجديدة؟ أسئلة ستجيب عنها الأسابيع المقبلة في ظل استمرار موجات الحر وزيادة الأحمال على الشبكات.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt