في هذا السياق، أُحيل مؤخرًا بلاغ رسمي يطالب بفحص مصادر دخل عدد من البلوجرز للجهات المختصة، وكان من بينهم شاكر وسوزي الأردنية، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل وبين المتابعين، خاصة وأن هذه الأسماء تتصدر منصات الفيديوهات القصيرة ولديها جماهيرية كبيرة.
المحامي المعروف سمير صبري – الذي اشتهر بتقديم بلاغات مثيرة للجدل – تقدم ببلاغ رسمي إلى النائب العام، يطالب فيه بفحص مصادر دخل عدد من البلوجرز وصناع المحتوى، على رأسهم:
شاكر (بلوجر شهير في مجال المواقف الاجتماعية الساخرة)
سوزي الأردنية (بلوجر تقدم محتوى يومي عن حياتها الشخصية داخل مصر)
بلوجرز آخرون يتمتعون بشهرة واسعة دون وضوح في خلفياتهم الاقتصادية.
وطالب البلاغ بفحص الحسابات البنكية، ومصادر التمويل، والعقود الإعلانية، والشراكات التجارية، ومراجعة الأصول المسجلة باسمهم، بدعوى أن بعضهم قد يكون يمارس أنشطة غير معلنة أو تهرب من الضرائب.
تضمّن البلاغ عدة ملاحظات قانونية وأخلاقية، أهمها:
عدم وضوح مصدر الدخل: يعيش بعض البلوجرز حياة فارهة تتضمن سيارات فاخرة وسفر مستمر ومشتريات باهظة، دون أن يُعرف لهم نشاط تجاري واضح.
نشر محتوى غير هادف: بحسب البلاغ، فإن بعض الفيديوهات تروّج لسلوكيات "سطحية" أو "مبتذلة" أو "تشجع على النمط الاستهلاكي المبالغ فيه".
إمكانية التهرب الضريبي: يُتهم بعض البلوجرز بتقاضي مبالغ مالية ضخمة من الإعلانات والتعاونات التجارية دون تسجيل تلك العوائد ضمن المنظومة الضريبية.
تأثير سلبي على القيم: أشار البلاغ إلى أن بعض هؤلاء قد يكونون مصدرًا لانهيار المنظومة القيمية لدى الشباب والمراهقين من خلال تمجيد الثراء السريع واللا واقعية.
الخبر، بمجرد تداوله، أشعل موجة من التعليقات والانقسام:
فئة كبيرة أيدت القرار، معتبرة أن الوقت حان لوضع حد لما أسموه "فوضى البلوجرز"، والمطالبة بفرض رقابة وضريبية وقانونية عادلة على هذا النوع من الأنشطة.
فئة أخرى اعتبرت الأمر تضييقًا على الحريات، ورأت أن المحتوى الذي يقدمونه يدخل في نطاق حرية التعبير طالما لا يخالف القانون بشكل مباشر.
بعض المتابعين دافعوا عن البلوجرز المستهدفين، معتبرين أن شهرتهم نابعة من حب الجمهور وأنهم يربحون بطريقة مشروعة من خلال إعلانات شركات حقيقية.
بلوجر مصري شاب بدأ بصناعة فيديوهات ساخرة قصيرة عن مواقف حياتية ويومية.
نجح في جذب جمهور واسع بفضل "الطريقة التمثيلية" البسيطة واللغة الشعبية.
مؤخرًا بدأ يظهر بمظهر يدل على مستوى معيشي مرتفع، ما أثار تساؤلات حول مصدر تمويله.
بلوجر من جنسية أردنية تعيش في مصر وتشارك متابعيها تفاصيل يومية عن نمط حياتها.
تقدم محتوى متنوعًا بين الطبخ والروتين والأسرة، لكن في قالب يبدو للكثيرين فاخرًا وباهظًا.
عدد متابعيها تجاوز الملايين، وتحصل على إعلانات من شركات مستحضرات تجميل ومنتجات غذائية.
كما أن القوانين المصرية تتيح فتح تحقيقات في حال وجود بلاغات جدية تتعلق بشبهات غسيل أموال أو مصادر دخل غير معلومة.
ومن ثم، فإن البلاغ الأخير لا يُعد خارج الإطار القانوني، بل هو خطوة تطبيعية مع طبيعة التحول الرقمي الذي يشهده العالم.
نعم، في السنوات الأخيرة، تم التحقيق مع عدد من مشاهير السوشيال ميديا في مصر بتهم مختلفة تتعلق بـ:
التهرب الضريبي
غسيل أموال
محتوى خادش للحياء
التحريض على الفسق والفجور
وبعض هذه القضايا انتهت بالبراءة، بينما انتهى البعض الآخر بأحكام قضائية وغرامات مالية.
تواصلنا مع أحد المحامين المختصين في الجرائم الإلكترونية، والذي أكد أن:
"البلاغ لا يتهم أشخاصًا بشكل مباشر، لكنه يطلب فتح تحقيق لفحص مصادر الدخل، وهو إجراء وقائي وقانوني مشروع، لكنه لا يعني أن المتهمين مدانون".
وأشار إلى أن القضاء وحده هو من يملك الحكم، وأن المتابعة المالية والضريبية لأصحاب المحتوى هي أمر منطقي في ظل التوسع في اقتصاد الإنترنت.
التحقيقات المتكررة والملاحقات القانونية قد تدفع العديد من البلوجرز واليوتيوبرز إلى:
إضفاء المزيد من الشفافية على دخلهم ومصادر تمويلهم.
التوجه نحو تسجيل كياناتهم كشركات رسمية لتفادي المشاكل الضريبية.
تعديل محتواهم ليصبح أكثر احترافية وأقل إثارة للجدل.
الانتباه لتأثير المحتوى على الجمهور الصغير سنًا.
ومن ثم، فإن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تنقية المجال من التجاوزات وتعزيز وجود صناع محتوى حقيقيين وملتزمين.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الدولة على تعزيز الاقتصاد الرسمي والشفافية الضريبية، يبدو أن ملفات البلوجرز وصناع المحتوى قد فُتحت على مصراعيها، وبات عليهم أن يتعاملوا مع شهرتهم على أنها مسؤولية، لا مجرد وسيلة للربح السريع.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt