في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الشارع الرياضي والسياسي المصري، أعلنت وزارة الإسكان عن سحب قطعة الأرض المخصصة لنادي الزمالك، وهو القرار الذي فجّر موجة من التساؤلات حول خلفياته وأسبابه وانعكاساته على مستقبل النادي العريق. وبينما اعتبر البعض أن القرار إداري طبيعي يرتبط بعدم التزام النادي بالاشتراطات، رأى آخرون أنه ضربة جديدة لمسيرة القلعة البيضاء التي تعاني منذ سنوات من أزمات إدارية ومالية متلاحقة.
تعود القصة إلى سنوات مضت، عندما حصل نادي الزمالك على قطعة أرض مميزة في نطاق مدينة السادس من أكتوبر بغرض إنشاء فرع جديد يستوعب الأنشطة الرياضية والاجتماعية، ويوفر متنفساً لأعضائه بعيداً عن الزحام الشديد في مقر النادي بميت عقبة.
الأرض جاءت كجزء من خطة الدولة لدعم الأندية الكبرى.
كان الهدف بناء مجمع رياضي متكامل يواكب التطور العمراني في المدن الجديدة.
المشروع مثل طموحاً لجماهير الزمالك في رؤية كيان ضخم يوازي ما يملكه النادي الأهلي في الشيخ زايد.
إلا أن ما جرى بعد ذلك لم يسر وفق التوقعات.
بحسب ما أوضح مسؤولو وزارة الإسكان، فإن القرار جاء بعد تراكم مجموعة من المخالفات والإخلال بالشروط، أبرزها:
عدم استغلال الأرض في المدة المقررة، حيث بقيت خالية لسنوات طويلة دون تنفيذ فعلي للمشروع.
التأخر في سداد المستحقات المالية المرتبطة بحق الانتفاع.
عدم تقديم خطط واضحة أو جداول زمنية تضمن الانتهاء من المشروع.
وجود محاولات لاستخدام الأرض في أنشطة غير متفق عليها عند التخصيص.
هذه النقاط، من وجهة نظر الوزارة، كافية لاتخاذ قرار السحب حفاظاً على المال العام ومنع تعطيل التنمية في منطقة حيوية.
القرار لم يمر بهدوء داخل البيت الأبيض:
هناك من اعتبره قراراً ظالماً يأتي في وقت صعب يمر به النادي، خاصة مع تراجع النتائج الرياضية وتعدد القضايا المالية.
بينما رأى فريق آخر أن الإدارة المتعاقبة تتحمل المسؤولية بسبب عدم الجدية في استغلال الفرصة الذهبية.
بعض الأصوات الجماهيرية طالبت بتدخل رئاسة الوزراء لإيجاد حل وسط يعيد الأرض للنادي بشروط جديدة.
من الناحية القانونية، تمتلك وزارة الإسكان الحق في سحب الأراضي غير المستغلة أو المخالفة لشروط التخصيص.
القانون المصري ينص بوضوح على أن الأرض الممنوحة لأي جهة يجب أن تستغل في الغرض المخصص لها.
في حال الإخلال، تعود الأرض للوزارة لتعيد طرحها للاستثمار أو توجيهها لمشروعات أخرى.
هذا الإطار القانوني يجعل من الصعب الطعن على القرار إلا إذا أثبت الزمالك وجود تنفيذ فعلي للمشروع.
قرار السحب يمثل ضربة قوية لخطط النادي المستقبلية:
ضياع فرصة امتلاك فرع جديد في مدينة أكتوبر.
تراجع القدرة على استيعاب الأعضاء الجدد، خاصة أن مقر ميت عقبة أصبح مكتظاً.
فقدان مورد استثماري كان يمكن أن يدر دخلاً كبيراً للنادي.
ما حدث مع الزمالك يفتح باب المقارنة مع أندية أخرى مثل الأهلي وبيراميدز:
الأهلي استطاع استغلال أراضيه بإنشاء فروع ضخمة في الشيخ زايد والعاصمة الإدارية.
بيراميدز يركز على الاستثمار الرياضي الحديث دون مشاكل كبيرة.
هذا يجعل جماهير الزمالك تشعر بأن ناديها تأخر كثيراً عن ركب المنافسين.
رغم حسم الوزارة للقرار، إلا أن بعض المؤشرات تلمح إلى إمكانية التوصل لتسوية:
إذا قدم الزمالك خطة تنفيذية واضحة ومضمونة.
أو إذا تدخلت أطراف عليا لإعادة النظر في الموقف.
لكن يبقى الشرط الأساسي هو إثبات الجدية في التنفيذ وتوفير الموارد المالية.
لا يمكن النظر إلى قرار سحب الأرض بمعزل عن الأزمة الشاملة التي يعيشها الزمالك:
مشاكل في الإدارة والانتخابات.
ديون متراكمة وقضايا تحكيم دولي.
تذبذب في نتائج الفرق الرياضية.
كل هذه العوامل جعلت النادي أقل قدرة على استغلال الفرص الاستثمارية، ومن هنا جاء القرار كتحصيل حاصل لمجموعة من الإخفاقات.
الجماهير البيضاء لم تصمت:
بعضهم عبر عن غضبه عبر مواقع التواصل، معتبرين أن الدولة لا تساند الزمالك مثل الأهلي.
آخرون حمّلوا الإدارات المتعاقبة مسؤولية ضياع الأرض.
وهناك من دعا إلى حملة لدعم النادي مادياً حتى يتمكن من إعادة التفاوض.
القضية تكشف عن مشكلة أوسع في إدارة الأندية:
الاعتماد على الدعم الحكومي دون خطط استثمارية جادة.
غياب الشفافية في استغلال الموارد.
الحاجة لإعادة النظر في قوانين تخصيص الأراضي للأندية لضمان التنفيذ الفعلي.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt