انتشرت خلال الساعات الماضية أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الإعلام غير الرسمية حول صدور قرار برلماني يقضي بزيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم بنسبة 15%، بدءًا من أبريل 2025، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين المستأجرين والملاك على حد سواء.
وبين حالة من القلق لدى الأسر المستأجرة منذ عقود في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، والتساؤلات المتكررة حول مستقبل العلاقة الإيجارية، خرجت لجنة الإسكان بمجلس النواب لتوضح الحقيقة الكاملة حول تلك التصريحات المنسوبة لها، وحسم الجدل المتداول.
بدأت القصة عندما تم تداول منشورات على صفحات فيسبوك تشير إلى أن البرلمان وافق على زيادة الإيجارات القديمة السكنية بنسبة 15%، اعتبارًا من أبريل الجاري، مع الإشارة إلى أن تلك الزيادة تأتي ضمن تعديلات قانونية مرتقبة لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، ما أحدث بلبلة في الشارع، خاصة بين الأسر التي تستفيد من عقود الإيجار القديمة بمبالغ رمزية.
لكن سرعان ما خرجت لجنة الإسكان بمجلس النواب بعد ساعات قليلة، لنفي تلك الأخبار، مؤكدة أن ما تم تداوله غير دقيق، وأن البرلمان لم يصدر أي قرار جديد أو تعديل يخص الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم للأفراد.
قال النائب محمد عطية الفيومي، عضو لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، إن الأخبار المتداولة بشأن زيادة القيمة الإيجارية للسكن القديم بنسبة 15% غير صحيحة، وإن ما تم الحديث عنه يتعلق بزيادة مقررة بالفعل منذ عامين، لكن في الوحدات المؤجرة للأشخاص الاعتبارية وليس للأفراد.
وأوضح أن القانون رقم 10 لسنة 2022 هو من أقر تلك الزيادة، وينص على زيادة سنوية بقيمة 15% للأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكنى، مثل المقرات الإدارية والتجارية التابعة للشركات، الجمعيات، الهيئات، والأندية.
وأشار إلى أن هذا القانون بدأ تطبيقه في مارس 2022، ويستمر لمدة 5 سنوات، ما يعني أن تلك الزيادة تطبق تلقائيًا سنويًا دون الحاجة إلى قرارات جديدة من البرلمان.
ينص القانون بشكل صريح على أن المقصود بـ"الأشخاص الاعتباريين" هم الكيانات غير الطبيعية مثل:
الجهات الإدارية
الجمعيات الأهلية
الأندية الاجتماعية والرياضية
الشركات بأنواعها
الهيئات الحكومية
المؤسسات الخدمية
النقابات المهنية
وينطبق القانون على العقارات المؤجرة لتلك الكيانات فقط، ولا يشمل بأي شكل من الأشكال الوحدات السكنية المؤجرة للأفراد، سواء العائلات أو الأفراد المستأجرين بموجب عقود إيجار قديمة.
حتى الآن، لم يصدر أي تعديل رسمي على عقود الإيجار السكني الخاضعة للقانون القديم، وما تزال العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر قائمة بالشروط القديمة.
وتنص القوانين الحالية على ثبات القيمة الإيجارية، دون أي زيادات، وذلك منذ عقود، وهو ما أدى إلى حالة من التفاوت الكبير بين القيمة الإيجارية الحقيقية وقيمة السوق الحالية.
وقد صدرت مؤخرًا بعض الأحكام القضائية الدستورية بشأن عدم دستورية استمرار بعض العقود دون مراجعة، وهو ما دفع البرلمان لدراسة الملف بهدوء.
أعلنت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير في مجلس النواب أن ملف الإيجارات القديمة السكنية ما يزال قيد الدراسة، وأنه لن يتم اتخاذ أي قرار إلا بعد:
دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأي تعديل مقترح
فتح حوار مجتمعي شامل مع جميع الأطراف
التشاور مع الجهات المعنية في الدولة وعلى رأسها وزارة الإسكان
الاطلاع على نتائج دراسة حكومية تُعد حاليًا حول حجم المستفيدين وحالة الوحدات المؤجرة
وأكدت اللجنة أنها حريصة على تحقيق التوازن بين حقوق الملاك الذين يعانون من تدني العائد الإيجاري، وحقوق المستأجرين الذين يمثلون شريحة واسعة من محدودي الدخل.
يرجع الجدل المتكرر حول ملف الإيجار القديم إلى عدة أسباب، أبرزها:
استمرار عدد كبير من عقود الإيجار القديمة منذ ما قبل عام 1996، دون أي زيادات
القيمة الإيجارية الحالية لا تتناسب مع الأسعار الفعلية للوحدات
حالات توريث الوحدة الإيجارية لأجيال متعددة مما يمدد العلاقة التعاقدية لأجل غير محدد
مطالب بعض الملاك بتحرير العلاقة الإيجارية بما يحقق عائدًا عادلًا لهم
تخوف المستأجرين من فقدان المأوى حال صدور قانون غير متوازن
هذه الأسباب تجعل الملف حساسًا، ويستدعي تدخلًا مدروسًا من الدولة وليس قرارات مفاجئة.
عبر عدد من المستأجرين في مناطق وسط القاهرة، الجيزة، وشبرا، عن استيائهم من تداول أخبار غير دقيقة تثير الذعر بينهم دون مبرر.
ويطالب المستأجرون البرلمان والحكومة بحمايتهم من الشائعات، وعدم اتخاذ قرارات مفاجئة تمس استقرار الأسر محدودة الدخل.
على الجانب الآخر، عبّر بعض الملاك عن غضبهم من استمرار العقود الإيجارية القديمة دون تعديل، مؤكدين أن العائد الحالي من تلك الوحدات لا يغطي حتى رسوم الصيانة أو المرافق.
قال أحدهم: "أنا عندي شقة بتتأجر بـ10 جنيه في الشهر، ده مش مبلغ ينفع في أي حاجة، والمبنى عايز صيانة وأنا مش قادر".
ويرى الملاك أن تعديل القانون أصبح ضرورة اقتصادية، لكنهم يؤيدون التدرج في التطبيق، مع توفير بدائل سكنية مناسبة للمستأجرين المتضررين.
لم يحدد البرلمان موعدًا رسميًا لإصدار تعديلات على قانون الإيجار القديم السكني، لكن المؤشرات تشير إلى أن:
هناك مسودة مقترحة يتم إعدادها داخل لجنة الإسكان
سيتم عرضها للحوار المجتمعي فور الانتهاء من الدراسة الحكومية المرتقبة
صدور القانون قد يتم في الدورة البرلمانية الحالية أو التي تليها
التطبيق سيكون تدريجيًا وعلى مراحل، مع إعطاء مهلة انتقالية مناسبة
ويتوقع مراقبون أن يكون هناك تدرج زمني يصل إلى 3 أو 5 سنوات لتطبيق أي زيادات في الإيجار أو تحرير العقود.
ما تم تداوله عن زيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بنظام الإيجار القديم بنسبة 15% بدءًا من أبريل 2025 غير صحيح، ولا يستند إلى أي قرار أو تشريع صادر عن البرلمان.
الزيادة المشار إليها تتعلق فقط بالعقارات المؤجرة للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكن، وذلك ضمن قانون صدر عام 2022، ولا يمس الأفراد المستأجرين للوحدات السكنية بأي شكل.
ويظل ملف الإيجار القديم السكني في عهدة البرلمان، قيد الدراسة والتشاور، مع التزام واضح بتحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، دون المساس باستقرار الأسر أو تحميلهم أعباء غير محسوبة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt