القرار القضائي الذي صدر اليوم يحمل أبعادًا قانونية وسياسية وإدارية مهمة، ويرصد مراقبون أنه قد يؤثر بشكل غير مباشر على تعامل الوزارة مع الملفات الشائكة داخل المنظومة التعليمية.
بدأت القصة عندما أقام أحد المحامين دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، يطالب فيها بـ عزل وزير التربية والتعليم من منصبه، مستندًا إلى عدد من النقاط التي وصفها بأنها تمثل "إهمالًا إداريًا" و"إضرارًا بمصالح الطلاب".
وجاء في عريضة الدعوى أن الوزير الحالي لم ينجح، بحسب رأي المدعي، في إدارة بعض الملفات الحساسة المتعلقة بالثانوية العامة، وتسبب في خلق حالة من القلق بين الطلاب وأولياء الأمور نتيجة القرارات الأخيرة المتعلقة بنظام الأسئلة وطريقة التصحيح الإلكتروني.
كما استندت الدعوى أيضًا إلى شكاوى متكررة من المعلمين حول نقص الحوافز، وتأخر صرف مستحقات مالية، إضافة إلى ما وُصف بعدم وضوح الرؤية المستقبلية للوزارة.
قررت محكمة القضاء الإداري اليوم رفض الدعوى شكلًا، مؤكدة أن طلب العزل لا يندرج تحت اختصاصها المباشر وفقًا للدستور والقانون، بل هو من السلطات الحصرية للجهات التنفيذية والتشريعية بالدولة.
وأوضحت المحكمة في أسباب حكمها أن الوزير لا يمكن عزله بموجب دعوى قضائية مباشرة، لأن تعيينه وإقالته من اختصاص رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه وفقًا للدستور المصري، ما لم تثبت عليه تهم جنائية أو تقصير جسيم يترتب عليه تدخل الجهات الرقابية أو النيابة العامة.
كما أكدت المحكمة أن الدعوى تفتقر إلى السند القانوني المباشر الذي يُمكن الاستناد إليه لاتخاذ قرار قضائي بعزله.
في أول تعليق غير رسمي من داخل وزارة التربية والتعليم، أكدت مصادر مطلعة أن الوزارة تحترم قرارات القضاء المصري، وترحب بحكم المحكمة الذي وصفته بـ "العادل والمنصف".
وأضافت المصادر أن الوزير مستمر في أداء مهامه بشكل طبيعي، ويعمل حاليًا على متابعة ملف امتحانات الثانوية العامة بكل دقة، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي نية لإجراء تغييرات في القيادة خلال الفترة الحالية.
رغم الزخم الإعلامي الذي أحدثته الدعوى، إلا أن الوضع الإداري للوزير لم يتأثر بأي شكل، واستمر في عقد الاجتماعات الدورية مع قيادات المديريات التعليمية، وكذلك متابعة استعدادات الامتحانات.
كما واصل الوزير إطلاق عدد من المبادرات، كان آخرها متابعة تفعيل استخدام التكنولوجيا الحديثة في تصحيح أوراق الثانوية العامة، ومراقبة اللجان بالكاميرات، وتوفير بيئة امتحانية أكثر أمانًا.
أصدرت نقابة المعلمين بيانًا مقتضبًا أكدت فيه رفضها الكامل لأسلوب "المزايدات القضائية" ضد الوزير أو أي مسؤول تنفيذي، مشددة على ضرورة دعم وزارة التربية والتعليم في خططها الإصلاحية بدلًا من اللجوء للمحاكم.
كما طالبت النقابة المعلمين وأولياء الأمور بضبط النفس، وإفساح المجال أمام الوزارة لتنفيذ خطتها دون ضغوط غير مبررة، مع إبداء أي اعتراضات عبر القنوات الرسمية بدلًا من التوجه للقضاء.
انقسمت آراء المواطنين والمعلمين وأولياء الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الدعوى، حيث رأى البعض أن الوزير يتحمل فعليًا مسؤولية بعض الأزمات التي شهدها قطاع التعليم مؤخرًا، في حين رأى آخرون أن المطالبة بعزله ليست هي الحل، بل يجب دعمه ومعالجة الأخطاء إداريًا وليس عبر القضاء.
ويرى محللون أن استمرار الوزير في منصبه يعتمد على مدى نجاحه في إدارة امتحانات الثانوية العامة هذا العام بدون أزمات أو تسريبات، وكذلك مدى قدرته على تنفيذ خطة تطوير التعليم.
قرار محكمة القضاء الإداري اليوم بشأن رفض دعوى عزل وزير التربية والتعليم يمثل انتصارًا قانونيًا للمؤسسات التنفيذية، ويؤكد على ضرورة احترام مبدأ فصل السلطات.
ومع ذلك، تبقى مسؤولية الوزير جسيمة، والتحديات كبيرة، ولن يكون الحكم القضائي نهاية للجدل، بل بداية لمرحلة جديدة من التقييم والمحاسبة المجتمعية المستمرة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt