«إزاى ربنا هيحاسب غير المسلمين؟».. علي جمعة يجيب
يعد موضوع موقف غير المسلمين في الآخرة من أكثر الموضوعات التي تثير الجدل بين الناس، حيث يتساءل الكثيرون عن كيفية حساب غير المسلمين يوم القيامة. في هذا السياق، ورد سؤال إلى فضيلة الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، خلال إحدى اللقاءات التلفزيونية، حيث تم طرح السؤال التالي:
"إزاى ربنا هيحاسب غير المسلمين؟"
أجاب الدكتور علي جمعة على هذا السؤال بطريقة علمية مبنية على الكتاب والسنة، مع توضيح المفاهيم الإسلامية حول العدل الإلهي والرحمة الربانية.
في هذا المقال، سنتناول رأي الشيخ علي جمعة في هذه المسألة، مع استعراض بعض الآراء الفقهية والدينية المرتبطة بها.
موقف الإسلام من غير المسلمين
1. أساس الحساب: العدل الإلهي
أكد الدكتور علي جمعة في حديثه أن الله سبحانه وتعالى هو العدل المطلق، ولا يمكن أن يظلم أحدًا.
وأشار إلى أن حساب غير المسلمين يوم القيامة سيكون بناءً على عدة معايير، منها:
-
مدى وصول الرسالة إليهم بشكل صحيح.
-
القدرة على التمييز بين الحق والباطل.
-
مدى استيعابهم وتعقلهم للحقيقة.
2. مفهوم الحساب عند غير المسلمين
أوضح الشيخ علي جمعة أن هناك فئة من غير المسلمين لم تصل إليهم الرسالة بشكل واضح أو لم تكن لديهم القدرة على الفهم الصحيح للدين.
في هذه الحالة، يكونون ضمن من يُسمون بـ "أهل الفطرة"، وهؤلاء يتم حسابهم وفق العدل الإلهي، حيث يُنظر إلى ظروفهم وقدراتهم العقلية.
الحساب بناءً على الفطرة
يقول الشيخ علي جمعة إن "أهل الفطرة" هم الذين لم يصل إليهم الدين بشكل صحيح أو عاشوا في بيئة لم تُمكنهم من التعرف على الإسلام.
في هذه الحالة، فإن الله سبحانه وتعالى يحاسبهم بناءً على مدى صدقهم في البحث عن الحق ومحاولة التعرف على الله.
آية قرآنية تدعم الفكرة
قال تعالى:
"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"
(سورة الإسراء: 15)
هذه الآية تؤكد أن الله سبحانه وتعالى لا يُعاقب أحدًا إلا بعد أن يكون قد بلغه الدين بشكل واضح لا لبس فيه.
آراء العلماء في القضية
1. الإمام ابن تيمية:
أشار الإمام ابن تيمية إلى أن غير المسلمين الذين لم تصلهم الرسالة بشكل صحيح لن يُحاسبوا كالمسلمين، بل سيتم تقييمهم بناءً على عدالة الله ورحمته.
2. الإمام النووي:
أكد الإمام النووي على أن الله أعدل من أن يظلم أحدًا، وبالتالي فإن من لم تصله الرسالة بطريقة واضحة وصحيحة سيكون حسابه مختلفًا عن الآخرين.
موقف الشريعة من غير المسلمين الذين أسلموا قبل الموت
أشار الشيخ علي جمعة في حديثه إلى أن الإسلام يجب ما قبله، أي أن من أسلم قبل موته فإنه يُحسب كمسلم ويُمحى عنه ما سبق من الذنوب.
وأكد على أهمية أن يتوب الشخص إلى الله ويعلن إيمانه بشكل صادق وواضح، ليبدأ صفحة جديدة في حياته الدينية.
مواقف غير المسلمين في الآخرة
1. من لم تصله الرسالة إطلاقًا:
2. من وصلته الرسالة بشكل مشوه:
3. من جحد بالإسلام رغم وضوح الحقيقة:
هل الحساب موحد أم يختلف بين الناس؟
أكد الشيخ علي جمعة أن الحساب ليس موحدًا بين الجميع، بل يعتمد على عدة عوامل منها:
-
العلم والمعرفة: مدى إلمام الشخص بالحقيقة.
-
النية والإخلاص: هل كان صادقًا في بحثه عن الحق؟
-
الظروف البيئية والثقافية: مدى تأثير المجتمع والعوامل المحيطة.
حديث نبوي يؤكد الفكرة
قال النبي ﷺ:
"رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق."
هذا الحديث يشير إلى أن الله لا يحاسب الإنسان على ما لا يستطيع التحكم فيه، مما يفسر عدم حساب من لم تصله الرسالة بشكل واضح.
معلومات إضافية
العلاقة بين الحساب والرحمة
أوضح الشيخ علي جمعة أن رحمة الله واسعة وتشمل من كان في موقف لا يمكنه من معرفة الحق.
الله سبحانه وتعالى ينظر إلى القلوب والنيات قبل أن يُصدر حكمه، مؤكدًا أن العدل الإلهي لا يمكن أن يظلم أحدًا.
مسؤولية المسلمين
كما أكد الشيخ أن من واجب المسلمين نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لأن عدم وصول الإسلام بشكل صحيح إلى غير المسلمين يعتبر من تقاعس المسلمين أنفسهم.
ردود فعل المجتمع
أثار حديث الدكتور علي جمعة حول هذا الموضوع حالة من التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبر كثير من الناس عن ارتياحهم لتوضيح هذه المسألة.
"الحمد لله على عدل الله ورحمته، كلام يريح القلب."
"كلام الشيخ علي جمعة جاء ليزيل اللبس ويوضح الأمور."
خاتمة
يعد موضوع حساب غير المسلمين من القضايا الشائكة التي تثير تساؤلات عديدة، لكن حديث الشيخ علي جمعة ألقى الضوء على جانب مهم يتعلق بـالعدل الإلهي ورحابة الإسلام في الحكم على الناس.
يبقى الأهم هو نشر الرسالة الإسلامية بطريقة صحيحة دون تعصب أو إجبار، مع الاعتماد على الحكمة والموعظة الحسنة في التعامل مع غير المسلمين.
في النهاية، تظل عدالة الله ورحمته هي الحكم الفاصل بين البشر يوم القيامة، وعلينا أن نستفيد من هذه الدروس لتعزيز التعايش السلمي وفهم روح الإسلام السمحة.
