أثار الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، حالة من التفاعل والجدل بعد إعلانه تفاصيل تكلفة المحاولة الثانية في نظام "البكالوريا المصرية"، والتي قدّرت بـ500 جنيه، مع تأكيده على وجود إعفاءات كاملة للطلاب غير القادرين ماديًا. التصريح جاء خلال لقاء موسع جمع الوزير بعدد من أولياء الأمور والمعنيين بالشأن التعليمي، ضمن خطة الوزارة للإعلان عن تفاصيل منظومة التعليم الجديدة، وتحديدًا النظام المعدل للمرحلة الثانوية.
هذه الخطوة تعتبر تحولًا مهمًا في شكل الثانوية العامة المصرية، التي طالما وُصفت بأنها "شبح" الأسرة المصرية بسبب نظامها التقليدي. ويأتي نظام البكالوريا ليقدّم أسلوبًا جديدًا يرتكز على الفهم والمرونة ومحاولات متعددة للنجاح.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز تصريحات الوزير، تفاصيل النظام الجديد، آراء الخبراء، موقف أولياء الأمور، والأبعاد الاجتماعية لهذا القرار الجديد.
نظام البكالوريا هو نموذج تعليمي دولي يُطبق في عدة دول، ويركز على تقييم قدرات الطالب في فترات زمنية مختلفة، وليس من خلال اختبار نهائي واحد. وتقوم الفكرة الرئيسية على:
وجود أكثر من فرصة للطالب لاجتياز المواد.
التركيز على الفهم وليس الحفظ.
قياس مهارات التفكير والتحليل والاستنتاج.
تقويم تراكمي على مدار العام.
وقد قررت وزارة التعليم المصرية إدخال هذا النظام على مراحل، على أن يبدأ تطبيقه رسميًا اعتبارًا من العام الدراسي القادم في مدارس نموذجية محددة، تمهيدًا لتعميمه.
أوضح الدكتور رضا حجازي أن تكلفة دخول المحاولة الثانية في أي مادة ضمن النظام الجديد ستكون 500 جنيه فقط، وهو ما وصفه الوزير بأنه "مبلغ رمزي" مقارنة بتكلفة امتحانات الثانوية العامة في نظم أخرى.
وأكد الوزير في تصريحه أن الوزارة لا تهدف إلى الربح من هذا الإجراء، بل تسعى فقط إلى تغطية التكاليف الإدارية والفنية، مثل إعداد الامتحانات والتصحيح الإلكتروني وتأمين اللجان.
وفي نفس السياق، أعلن الوزير عن استثناءات هامة، أبرزها:
إعفاء كامل للطلاب غير القادرين بعد تقديم مستندات رسمية.
إمكانية تقسيط المبلغ في حالات خاصة.
إعفاء طلاب المدارس الحكومية في بعض المحافظات الحدودية دعمًا للعدالة الاجتماعية.
أوضحت الوزارة أن الهدف من فرض رسوم رمزية على المحاولة الثانية هو تشجيع الطلاب على الاجتهاد من البداية، والحد من التهاون أو الاعتماد على "الفرص الإضافية" كحل بديل للجدية.
كما تسعى الوزارة من خلال هذا الإجراء إلى:
تنظيم آلية الامتحانات وإعادة التقييم بشكل أكثر جدية.
توفير تمويل ذاتي لتطوير المنظومة الرقمية المستخدمة في الامتحانات.
تعزيز مبدأ "الفرصة الثانية" مع حفظ التوازن بين الحقوق والواجبات.
ردود فعل أولياء الأمور تفاوتت بين من يرى القرار تطورًا مهمًا، ومن يخشى أن يكون عبئًا ماليًا جديدًا.
الفئة المرحبة اعتبرت أن إعطاء الطالب فرصة ثانية برسوم رمزية هو خطوة عادلة، خاصة مع وجود نظام إعفاء للطلاب غير القادرين.
فئة أخرى عبّرت عن قلقها من أن تتحول الرسوم الرمزية إلى أعباء مستمرة في المستقبل، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وطالبت جمعيات أولياء الأمور بمزيد من الشفافية حول كيفية تحديد حالات الإعفاء، وآلية التقديم لها، وضمان عدم تحويل هذه الخطوة إلى باب لتحصيل الأموال من الأسر.
العديد من المعلمين والخبراء في الشأن التعليمي رأوا أن النظام الجديد بمنظومة المحاولات المتعددة سيخفف الضغوط عن الطلاب، لكنه يحتاج إلى توعية شاملة.
وأكد الدكتور كمال مغيث، الباحث التربوي، في تصريحات إعلامية أن:
فكرة "المحاولة الثانية" عادلة وتتناسب مع طبيعة الفروق الفردية بين الطلاب.
فرض رسوم بسيطة قد يكون محفزًا للطلاب لكنه يحتاج لضوابط تمنع استغلاله.
الأهم من الرسوم هو تأهيل المعلمين وتحديث المناهج لتتماشى مع فكر النظام الجديد.
أوضحت وزارة التعليم أن التجربة ستبدأ بعدد محدود من المدارس في محافظات كمرحلة أولى، على أن يتم تقييم التجربة بعد العام الأول، قبل اتخاذ قرار التوسع.
ومن المقرر أن يشمل التعميم:
مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا.
عدد من المدارس الدولية الخاصة بالتعاون مع الوزارة.
مدارس حكومية مختارة تم تأهيل بنيتها التحتية مسبقًا.
ويشترط لتطبيق التجربة على نطاق أوسع توفر وسائل إلكترونية، وتدريب المعلمين، وتفعيل منصة امتحانات موحدة على مستوى الجمهورية.
يرى مختصون في علم النفس التربوي أن النظام الجديد، وما يصاحبه من محاولات متكررة، سيسهم في:
تقليل توتر الطلاب وأسرهم بشأن مستقبلهم الجامعي.
تعزيز ثقافة "التعلم من الخطأ" بدلاً من ثقافة الرعب من الفشل.
فتح المجال أمام الطالب لتطوير ذاته دون ضغط يوم واحد حاسم.
لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن فرض رسوم، حتى وإن كانت رمزية، قد يُفهم خطأ على أنه "تجارة بالتعليم"، ما يستوجب توعية إعلامية واضحة.
أعلنت الوزارة عن خطوات تقديم طلبات الإعفاء للطلاب غير القادرين، وهي كالتالي:
تقديم مستندات إثبات دخل الأسرة.
ملء استمارة طلب إعفاء في المدرسة التابع لها الطالب.
اعتماد الاستمارة من الإدارة التعليمية.
انتظار الرد خلال 10 أيام من تاريخ التقديم.
وقد شددت الوزارة على أن بيانات الأسر المتقدمة بالإعفاء ستُعامل بسرية تامة ولن تؤثر على الطالب بأي شكل داخل المؤسسة التعليمية.
إقرار مبلغ 500 جنيه للمحاولة الثانية في نظام البكالوريا يمثل خطوة جديدة في إصلاح التعليم المصري، حيث تسعى الوزارة لتحقيق التوازن بين الجودة والإتاحة. ورغم التحديات التي قد تبرز في التطبيق، فإن وجود نظام إعفاء عادل يمثل ضمانة اجتماعية هامة.
ويبقى نجاح النظام مرهونًا بالتنفيذ السليم، والتواصل الشفاف مع الأسر، والتدريب الكافي للكوادر التعليمية. فهل ينجح هذا النموذج في إنهاء كابوس الثانوية العامة؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
