في إطار متابعته الدقيقة لقضايا المواطنين اليومية، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا عن ملف الإيجارات القديمة، وهو من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا على الساحة العقارية والاجتماعية في مصر، مشيرًا إلى أن الدولة تتعامل مع هذا الملف بحذر كبير، ووفق رؤية متزنة تراعي أبعاد العدالة الاجتماعية، وحقوق الطرفين: المالك والمستأجر.
وأكد الرئيس السيسي خلال لقاءاته الأخيرة أنه "لا مكان للقلق" بين المواطنين فيما يخص هذا الملف، مشيرًا إلى أن أي تحرك في التشريعات الخاصة بالإيجار القديم سيكون قائمًا على الحوار المجتمعي والعدالة.
الرئيس السيسي شدد على أن الدولة لا يمكن أن تتعامل مع هذا الملف بشكل يؤدي إلى تهديد استقرار المواطنين أو طردهم من منازلهم، وقال بوضوح إن الدولة لن تقوم بإخراج أحد من منزله بالقوة أو بدون وجود بدائل مدروسة.
وأشار إلى أن هناك ملايين المواطنين يعيشون في وحدات تخضع لعقود إيجار قديمة، والدولة تعي تمامًا حساسية الموقف، لذلك فإن أي خطوة تتعلق بالإصلاح التشريعي ستكون قائمة على التدرج والحوار وتقديم حلول واقعية ترضي جميع الأطراف.
واحدة من الإشكاليات الرئيسية في قانون الإيجار القديم تتمثل في غياب التوازن بين حقوق الطرفين. فالكثير من الملاك يحصلون على إيجارات رمزية لا تتناسب مع القيمة الفعلية للعقار أو تكاليف الصيانة، في حين يتمسك المستأجرون بحقوقهم المكتسبة بعقود تمتد لعقود طويلة.
الرئيس السيسي أوضح أن الدولة حريصة على تحقيق هذا التوازن دون الإضرار بأي طرف، مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وعدم تفجير أزمات بين المواطنين، مؤكدًا أن الإصلاح لا يعني الإلغاء المفاجئ وإنما المعالجة المتدرجة.
أكدت الجهات التشريعية أن قانون الإيجار القديم لا يزال محل دراسة ومراجعة، وأنه لم يتم اتخاذ قرارات تنفيذية نهائية بعد، بل هناك مقترحات وتوصيات يتم مناقشتها داخل لجان متخصصة في البرلمان بالتعاون مع الحكومة.
وتهدف هذه المناقشات إلى صياغة قانون يضمن العدالة ويُراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسر المقيمة بهذه العقارات، كما يهدف إلى تمكين المالك من استعادة حقوقه في إطار منظم.
المواطنون بدورهم يتابعون الملف عن كثب، فبينما يرى المستأجرون أن القانون الحالي وفر لهم استقرارًا اجتماعيًا واقتصاديًا لا غنى عنه، يرى الملاك أن الأوضاع لم تعد مقبولة وأن استمرار القانون بصيغته القديمة يُعد ظلمًا واضحًا لهم.
الدولة من جانبها تحرص على عدم الإضرار بأي طرف، وتسعى إلى الوصول لحلول وسط ترضي الجميع، وتفتح الباب أمام تنظيم جديد لعلاقة الإيجار يضمن التوازن والاستقرار في السوق العقاري.
رسائل الرئيس السيسي المتكررة حول هذا الملف تؤكد حرص القيادة السياسية على التعامل الإنساني والعادل مع المواطنين، وعدم المساس بحقوقهم بدون توفير بدائل منطقية، ما يعكس رؤية شاملة للدولة نحو حماية الفئات الأكثر احتياجًا، وفي نفس الوقت الحفاظ على هيبة القانون وحقوق الملاك.
وقد أكد الرئيس في أكثر من مناسبة أن "لا قلق على من يسكن بموجب عقد إيجار قديم"، مشيرًا إلى أن أية تعديلات مستقبلية سيتم التدرج في تطبيقها بعد مناقشات مستفيضة.
من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مناقشات موسعة بين الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني حول الصيغة المثلى لتعديل قانون الإيجار القديم. كما يُتوقع أن تكون هناك حالات مختلفة يتم التعامل معها بنظام تصنيفي يشمل:
العقارات السكنية مقابل الإدارية والتجارية.
حالات الأسر محدودة الدخل.
العقارات المملوكة للدولة أو الأوقاف.
الوحدات المغلقة أو غير المستغلة.
ومن المرجح أن تعتمد الدولة أي قانون جديد على فلسفة التدرج الزمني في التطبيق، بحيث لا يتم إنهاء العقود القديمة فجأة، بل منح المستأجرين فترات انتقالية كافية، مع تقديم برامج دعم أو بدائل لمن يحتاجها.
ملف الإيجار القديم يُعد من أكثر الملفات تعقيدًا في البنية السكنية المصرية، حيث يُقدر عدد الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم بالملايين، منها وحدات سكنية وتجارية وإدارية. وقد ظل القانون في صورته الحالية ساريًا منذ عقود، ما أدى إلى تشوهات كبيرة في السوق العقاري، من أبرزها:
تجميد القيمة الإيجارية لعقارات كثيرة رغم التضخم.
صعوبة تطوير العقارات القديمة نظرًا لانخفاض العائد.
احتفاظ بعض الأسر بوحدات غير مستخدمة أو مغلقة.
الدولة تدرك أهمية المعالجة القانونية لهذا الملف، لكن بما يضمن استقرار المجتمع وحماية الفئات الفقيرة. ومن هنا جاءت تأكيدات الرئيس السيسي بأن المواطنين لا يجب أن يقلقوا، وأن التغيير إذا حدث فسيكون بالتدريج، وبما يراعي أوضاع الجميع دون تمييز أو ظلم.
وينتظر الشارع المصري خلال الدورة البرلمانية المقبلة رؤية ملامح التعديل المقترح من الحكومة والبرلمان، وسط تأكيدات مستمرة من القيادة السياسية بأن مصلحة المواطن هي البوصلة الوحيدة التي تحرك الدولة في هذا الملف.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt