الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي واجبة على كل مسلم بلغ ماله النصاب وحال عليه الحول، وتُعد الزكاة تطهيرًا للمال وزكاة للنفس، ووسيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي والعدالة الاقتصادية في المجتمع. وتكمن أهميتها في كونها فريضة تعبدية مالية، فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين القادرين، ولها شروط محددة تُنظم توقيت إخراجها وقيمة المال الذي يجب أن تُخرج منه.
بلوغ النصاب يُقصد به وصول المال إلى حد معين حدده الشرع، فإذا بلغ المال هذا الحد، وكان مملوكًا لصاحبه ملكًا تامًا، وجب عليه إخراج الزكاة بعد مرور عام هجري كامل عليه. والنصاب يختلف باختلاف نوع المال، سواء كان ذهبًا، أو فضة، أو مالاً نقديًا، أو زروعًا، أو بهائم، أو عروضًا تجارية.
بلوغ النصاب لا يعني فقط امتلاك المال، بل يجب أن يكون المال:
مملوكًا ملكًا تامًا.
ناميًا، أي قابلًا للزيادة.
فائضًا عن الحاجات الأساسية.
مستقرًا لدى صاحبه دون ديون تستهلكه.
النصاب الشرعي للذهب هو 85 جرامًا من الذهب الخالص، أي ما يعادل عيار 24. أما الفضة، فنصابها هو 595 جرامًا من الفضة الخالصة. فإذا امتلك المسلم ما يعادل أحد هذين النصابين، وجب عليه إخراج الزكاة بنسبة 2.5% من المبلغ بعد مرور سنة قمرية كاملة عليه.
وفي العصر الحديث، يُقاس النصاب النقدي بقيمة 85 جرامًا من الذهب في الأسواق المحلية أو ما يعادلها بالجنيه أو الدولار.
تشترط الشريعة الإسلامية لوجوب الزكاة في المال أمرين أساسيين:
بلوغ النصاب كما تم شرحه.
مرور الحول: أي مرور سنة هجرية كاملة على امتلاك النصاب.
وهذا ينطبق على المال السائل (مثل المدخرات في البنوك) أو العيني (مثل الذهب والفضة والتجارة). أما الزروع والثمار، فتُزكّى عند الحصاد مباشرة، وليس بشرط مرور الحول.
الحول هو سنة كاملة قمرية، أي تُحسب بالأشهر الهجرية (354 يومًا تقريبًا)، وليس بالسنة الميلادية. فإذا امتلك المسلم نصابًا في 1 محرم، يجب عليه أن يحصي حوله الزكوي في 1 محرم من العام الهجري التالي، بشرط بقاء المال فوق النصاب طوال العام، أو في نهايته على الأقل.
المال المودع في البنوك سواء في حساب جاري أو حساب توفير، أو في شكل شهادات أو ودائع، يجب إخراج الزكاة عليه إذا بلغ النصاب، ومر عليه الحول. وتُخرج الزكاة عن أصل المال والأرباح معًا، بنسبة 2.5%.
ويُنصح المسلم بإخراج الزكاة عن هذه الأموال مرة واحدة في العام، في تاريخ معين يحدده لنفسه، ليتجنب النسيان أو الإهمال.
الزكاة لا تُفرض على الراتب بمجرد قبضه، إنما تُفرض على ما يتبقى من الراتب ويدخره الإنسان حتى يبلغ النصاب، ويمر عليه الحول. فإذا كان الشخص يدخر من راتبه الشهري، ووصل هذا الادخار إلى نصاب الذهب واستمر لعام، وجب عليه إخراج الزكاة.
أما المرتب الذي يُنفق بالكامل على الحاجات الأساسية، ولا يتبقى منه شيء، فلا زكاة فيه.
من كان يملك متجرًا أو شركة تجارية، فعليه إخراج الزكاة عن:
البضائع الموجودة للتجارة.
النقد الموجود في الصندوق أو الحساب البنكي.
الديون المستحقة على الغير إذا كانت مضمونة السداد.
ويُقدّر التاجر قيمة الموجودات التجارية بسعر السوق يوم الزكاة، ثم يخرج 2.5% من إجمالي القيمة.
العقارات والسيارات لا تُزكّى إذا كانت للاستخدام الشخصي (مثل بيت السكن أو سيارة خاصة). ولكن إذا كانت العقارات مملوكة للتأجير أو للبيع (تجارة)، فتجب فيها الزكاة على:
قيمة الإيجارات المتبقية.
ثمن البيع إذا كان القصد بها التجارة.
الربح المحقق منها.
هناك اختلاف بين العلماء في زكاة الذهب المُعدّ للاستعمال الشخصي (مثل الذهب الذي تلبسه المرأة للزينة):
بعض العلماء يرى وجوب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب.
آخرون لا يرون وجوب الزكاة ما دام للزينة فقط، وليس للتجارة أو الادخار.
ويُستحب إخراج الزكاة على الذهب ولو كان للزينة، احتياطًا وبركة.
إذا كنت تُدين الآخرين بمبالغ مالية:
الديون المضمونة (مثل ديون للموظفين أو الشركات): تُزكّى إذا كانت مضمونة السداد.
الديون المشكوك فيها أو المعدومة: لا تجب الزكاة عليها إلا بعد استردادها، ويتم إخراج الزكاة عنها لسنة واحدة فقط عند استلامها.
تُصرف الزكاة للفئات التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم، ومنهم:
الفقراء والمساكين
العاملون على جمع الزكاة
الغارمون (المدينون)
في سبيل الله
ابن السبيل
المؤلفة قلوبهم
الرقاب (عتق العبيد - لم يعد يُطبق الآن)
المجاهدون والدعوة إلى الله
ويُشترط أن يكون المستحق من المسلمين، وألا يكون من أهل بيت الزكاة مثل الوالدين أو الأولاد.
الزكاة: فرض محدد بمقدار معين، لا يجوز تأخيره بعد وجوبه، وهي حق للفقراء.
الصدقة: تطوع يثاب عليه المسلم، ويمكن إخراجها في أي وقت، وبأي مبلغ.
ومن المهم ألا تعتبر الزكاة من الصدقات، بل يجب إخراج الزكاة أولًا، ثم التوسع في الصدقات إن أراد الإنسان زيادة الأجر.
لا يجوز للإنسان أن يُسقط دَينه عن شخص ويعتبره من الزكاة، فالدَّين التزام خاص، والزكاة عبادة مستقلة. لذا، إن أراد أن يُسقط الدين، فهذا تبرع، لكنه لا يغني عن الزكاة.
الزكاة تُحقق عدة أهداف شرعية واجتماعية، منها:
تطهير المال والنفس من الشح.
تعزيز التكافل الاجتماعي.
تقليل الفجوة بين الطبقات.
تنشيط الاقتصاد عبر إعادة توزيع المال.
تحقيق البركة في الرزق.
لهذا فإن الالتزام بدفع الزكاة لا يُعد عبئًا، بل بابًا من أبواب الخير والتقوى، وسُنة نبوية يجب الالتزام بها بإخلاص.
وعلى المسلم أن يراجع حساباته سنويًا، ويتحرّى الدقة في حساب الزكاة، فإنها أمانة وحق معلوم لا ينبغي إهماله
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
