في تصعيد جديد للعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة، أصدرت الحكومة الصينية اليوم الخميس 10 أبريل 2025 بيانًا عاجلًا تحذر فيه مواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة، مؤكدة أن هناك مخاطر أمنية متزايدة وبيئة غير مستقرة قد يتعرض لها الصينيون أثناء تواجدهم داخل الأراضي الأمريكية.
يأتي هذا التحذير في وقت حساس يشهد توترًا دبلوماسيًا وتجارياً كبيرًا بين البلدين، وسط تزايد القلق من تأثير هذه التوترات على العلاقات الإنسانية، وخصوصًا ما يتعلق بالسفر والتعليم والتبادل الثقافي. وفي هذا التقرير نوضح خلفيات القرار، تأثيراته المحتملة، وردود الفعل المتوقعة، وتحليل للوضع العام بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وزارة الخارجية الصينية أصدرت تنبيهًا رسميًا لمواطنيها على منصاتها المعتمدة، دعت فيه إلى "الحيطة والحذر الشديد عند التفكير في السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الفترة"، ونصحت بتأجيل الرحلات غير الضرورية، خاصة مع التقارير المتزايدة حول ما وصفته بـ "المضايقات التي يتعرض لها بعض المواطنين الصينيين في المطارات والمؤسسات الأمريكية".
البيان أكد أن التحذير لا يشمل فقط المسافرين بغرض السياحة، وإنما يشمل أيضًا الطلبة الدارسين، ورجال الأعمال، والزوار الرسميين وغير الرسميين.
التحذير الصيني لم يأتِ من فراغ، بل يعبّر عن تصاعد ملحوظ في التوترات بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة. فخلال الربع الأول من 2025:
ازدادت الخلافات بشأن ملف التكنولوجيا والبيانات.
فرضت واشنطن قيودًا جديدة على صادرات المعدات الدقيقة إلى الصين.
ردت بكين بإجراءات مماثلة شملت بعض الشركات الأمريكية.
تداولت وسائل الإعلام الصينية أخبارًا عن "تمييز ممنهج" ضد المسافرين الصينيين في بعض المطارات الأمريكية.
هذه الأجواء المشحونة جعلت من التحذير أمرًا متوقعًا في نظر بعض المراقبين، بينما رآه آخرون خطوة دبلوماسية تصعيدية جديدة.
الصينيون يُعدّون من أكثر الشعوب سفرًا في العالم، وكانوا يشكلون قبل الجائحة نسبة كبيرة من السياحة الدولية الوافدة إلى أمريكا. أي تراجع في أعداد السياح الصينيين سيمثل ضربة للقطاع السياحي الأمريكي، خاصة في ولايات مثل كاليفورنيا وهاواي ونيويورك.
الولايات المتحدة تستضيف أكثر من 300 ألف طالب صيني، وهو الرقم الأكبر من بين الجنسيات الأجنبية في الجامعات الأمريكية. قرار مثل هذا قد:
يدفع بعض الطلاب إلى إعادة النظر في خططهم.
يقلص أعداد المقبولين في العام الدراسي الجديد.
يؤثر ماليًا على الجامعات التي تعتمد على الرسوم الدولية.
وزارة التعليم الصينية لم تصدر بيانًا منفصلًا، لكنها أعادت نشر تحذير وزارة الخارجية وأوصت أولياء الأمور والطلاب بالتفكير مرتين قبل السفر، خاصة إذا كان الغرض لا يتعلق ببعثة رسمية.
وذلك يعكس وجود تنسيق بين الوزارات الصينية المختلفة للتعامل مع الملف كجزء من سياسة شاملة وليست مجرد تنبيه سياحي عابر.
حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من الإدارة الأمريكية، لكن بعض وسائل الإعلام الأمريكية وصفت التحذير بأنه "مبالغ فيه" ويعكس توترًا سياسيًا وليس خطرًا فعليًا على المواطنين.
في المقابل، بعض الأصوات داخل الكونجرس ترى أن هذه الخطوة قد تكون تمهيدًا لمزيد من القيود المتبادلة بين الجانبين، ما يُصعّب من فرص عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي.
نعم، ففي عام 2019، أصدرت الصين تحذيرًا مشابهًا، لكنه كان أقل حدّة، وجاء في إطار احتجاجها على العقوبات الأمريكية المفروضة وقتها. أما الآن، فإن التحذير أكثر صراحة ويتضمن إشارات مباشرة لـ "سوء المعاملة" و"الاضطرابات الأمنية".
الصين والولايات المتحدة أكبر شريكين تجاريين على مستوى العالم، ومع ذلك فإن العلاقات بينهما تتسم بالتوتر الشديد في ملفات متعددة، أبرزها:
الرسوم الجمركية.
الحظر التكنولوجي.
المنافسة على الأسواق الآسيوية.
ملف تايوان.
أي تصعيد إضافي سيؤثر على الشركات العالمية، وسلاسل التوريد، والاستثمارات المتبادلة، وقد يُسرّع من توجه الصين لتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.
بعض المحللين يرون أن القرار:
محاولة من الصين لإرسال رسالة سياسية قوية بدون تصعيد عسكري أو اقتصادي مباشر.
اختبار لرد الفعل الأمريكي ومدى استعداده للتفاوض.
وسيلة لحشد الرأي العام المحلي في الصين ضد السياسات الغربية.
في حين يرى آخرون أنه قد يكون بداية لمرحلة جديدة من الحرب الباردة.
البيان الصيني أوصى بالآتي:
تأجيل السفر غير الضروري.
توخي الحذر أثناء التنقلات داخل المدن الأمريكية.
حفظ بيانات التواصل مع السفارات الصينية في واشنطن ونيويورك.
الإبلاغ عن أي تصرفات "تمييزية" للسلطات الصينية فورًا.
وما بين مخاوف حقيقية من تصعيد محتمل، وتكهنات بأنه مجرد ضغط دبلوماسي، يبقى المواطن العادي — السائح أو الطالب أو رجل الأعمال — هو أول من يشعر بتبعات هذه التوترات.
"سياسة الكبار دايمًا يدفع ثمنها الناس العادية."
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt