الحادثة كشفت من جديد عن هشاشة الوضع الأمني في بعض الأحياء، خاصة للفنانين الذين يتحركون دون حراسة، وأثارت تساؤلات عن مدى تأمين هؤلاء من التهديدات المحتملة، سواء بدافع السرقة أو الابتزاز أو حتى الحقد الفني.
الملحن الضحية من أبرز الأسماء في عالم المهرجانات، تعاون مع العديد من مطربي الصف الأول في هذا النوع من الغناء، وحقق شهرة واسعة خلال السنوات الماضية، خاصة مع تصاعد شعبية أغانيه على منصات التواصل الاجتماعي.
ورغم شهرته، يُعرف عنه التواضع، والتنقل بسيارته الخاصة بدون أي حراسة أو مرافق، مما يجعله عرضة للاستهداف من عناصر إجرامية، خصوصًا في أماكن غير مؤمنة جيدًا.
بحسب أقوال الشهود، كان الملحن يسير في طريقه إلى أحد "الاستوديوهات" الصغيرة التي يتعامل معها بشكل متكرر، وفوجئ بمجموعة مكونة من 3 أشخاص يعترضون طريقه في منطقة جانبية خافتة الإضاءة.
تحول الأمر سريعًا من حوار غامض إلى هجوم مباشر، حيث قام أحدهم بضربه بآلة حادة في ذراعه، بينما قام الآخران بسحبه إلى جانب الطريق، وإجباره على تسليم هاتفه المحمول، ومحفظته، وسلسلة ذهبية كان يرتديها.
رغم محاولة الملحن الاستغاثة، لم يتمكن من النجاة، واستمرت عملية الاعتداء لمدة 4 دقائق تقريبًا، قبل أن يفر الجناة مستقلين دراجة نارية دون لوحات مرورية.
وأكد في تصريحاته أن الهاتف الذي تمت سرقته يحتوي على مشاريع فنية وألحان لم تصدر بعد، ما يُعرض عمله للضياع، بجانب خصوصيات شخصية تتعلق بعائلته.
التساؤل الأكبر في هذه الواقعة هو: هل الحادث تم عشوائيًا؟ أم أن الجناة كانوا يترصدون الضحية منذ فترة، وربما يعرفون هويته؟
البعض رجّح الاحتمال الثاني، خاصة أن المجرمين لم يكتفوا بسرقة عابرة، بل قاموا باستخدام العنف المفرط، وسحب الضحية بعيدًا عن الأنظار، ما يشير إلى رغبة في الانتقام أو الإذلال، وليس مجرد هدف مادي.
وقد أبدى عدد من الموسيقيين تخوفهم من أن يكون الفنانين العاملين في مجال المهرجانات تحديدًا مستهدفين بدوافع غير تقليدية، سواء من منافسين أو أشخاص لديهم مواقف شخصية.
بعد تحرير محضر رسمي في قسم شرطة الهرم، تحركت فرق البحث الجنائي لمتابعة الحادث، وتم تفريغ الكاميرات في محيط الواقعة، لرصد تحركات الجناة قبل وبعد الاعتداء.
وأكدت مصادر مطلعة أن هناك معلومات أولية تم التوصل إليها بشأن هوية أحد المشتبه فيهم، وجارٍ تتبع تحركاته، مع استدعاء بعض السكان لسماع شهاداتهم.
وتعهدت الأجهزة الأمنية بالقبض على الجناة في أسرع وقت، وإعادتهم للمساءلة القانونية، وتكثيف الدوريات في تلك المنطقة التي شهدت الحادث.
نقابة المهن الموسيقية تواصلت مع الملحن فور علمها بالحادثة، وأكد نقيب الموسيقيين أن النقابة تتابع تطورات الوضع، وستدعم الضحية بكل الوسائل القانونية والنفسية.
كما تم الإعلان عن التنسيق مع الجهات الأمنية لضمان حق الملحن، وتوفير بيئة آمنة للفنانين العاملين في المجال الغنائي، خاصة أولئك الذين يتحركون بمفردهم في أوقات متأخرة.
عدد كبير من مطربي وملحني المهرجانات أبدوا تضامنهم الكامل مع زميلهم، ونشروا منشورات على صفحاتهم الشخصية تطالب بضرورة تأمين الفنانين، وتوفير غطاء قانوني لمنع تكرار هذه النوعية من الجرائم.
وتم تدشين حملة إلكترونية بعنوان “أمان الفنان مش رفاهية”، تطالب بتشديد العقوبات على المعتدين على الفنانين، واعتبار أن الاعتداء على مبدع هو اعتداء على صورة الفن والمجتمع.
واقعة الاعتداء تفتح ملفًا مهمًا حول مدى أمان الفنانين المستقلين الذين لا يتحركون في مواكب رسمية أو مع حراسة، خاصة أولئك المنتمين لفن المهرجانات، الذين قد لا يملكون علاقات أو حماية مثل باقي النجوم الكبار.
وهنا تُطرح إشكالية: هل ينبغي أن يعيش الفنان في عزلة خوفًا من الاعتداء؟ أم يجب أن يكون هناك نظام واضح لتأمين الشخصيات العامة، خاصة في الأحياء ذات السمعة الأمنية السيئة؟
الملحن صرّح لأصدقائه المقربين أنه يفكر جديًا في التوقف المؤقت عن العمل، والابتعاد عن الأضواء، حتى يستعيد ثقته في الشعور بالأمان، مما يُنذر بخسارة صوت فني بارز في ساحة المهرجانات.
وأكد أنه أصبح يشعر بقلق عند كل تحرك، وأنه بات يخشى تكرار التجربة، خاصة في ظل انتشار مقاطع فيديو الحادثة على الإنترنت، ما زاد من حالته النفسية سوءًا.
الجمهور ينتظر، والنقابة تراقب، والوسط الفني في حالة توتر، وكل ما يُطلب الآن هو عدالة حاسمة، وسرعة في التحقيق، حتى يشعر كل فنان أن الدولة ترد له اعتباره إذا تعرّض لأي اعتداء.
الاعتداء على ملحن مهرجانات شهير في الهرم بالضرب والسرقة بالإكراه، ليس مجرد حادث فردي، بل جرس إنذار قوي للوسط الفني بأكمله. الحادث أعاد فتح ملفات الأمان، وضرورة الحماية القانونية، وطرح تساؤلات كثيرة حول حرية الفنان وسلامته في نفس الوقت.
المطلوب الآن ليس فقط ضبط الجناة، بل تأسيس منظومة تضمن الأمان الشخصي لكل من يساهم في صناعة الفن في مصر. لأن الأمن لا يجب أن يكون رفاهية.. بل هو حق أساسي للجميع.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt