في واحدة من القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي والرأي العام المصري، ظهرت اعترافات صادمة من المتهمة الشهيرة بـ"موكا موكا"، التي عُرفت بنشر مقاطع فيديو مثيرة للجدل عبر منصات التيك توك. حيث كشفت التحقيقات الأولية عن تورطها في نشر محتوى غير أخلاقي بهدف الربح، إلى جانب اعترافها الصريح بممارسات تتعلق بـ تجارة المخدرات.
قضية "موكا موكا" لم تكن الأولى في هذا السياق، لكنها سلطت الضوء مجددًا على مخاطر سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتربح من ورائها بطرق غير قانونية، وهو ما دفع جهات التحقيق إلى التوسع في التحقيقات وكشف تفاصيل أدق عن الشبكات التي تقف وراء دعم مثل هذه المحتويات.
أثناء جلسة الاستجواب، أقرت "موكا موكا" أنها كانت على دراية كاملة بأن ما تقدمه من محتوى يتجاوز الحدود الأخلاقية والقانونية، لكنها كانت تسعى وراء المكاسب المالية السريعة، مستغلة ما يدرّه التطبيق من أرباح عن طريق المشاهدات والإعلانات.
كما اعترفت بأنها شاركت في تداول مواد مخدرة بغرض التمويل الذاتي لأنشطتها، بعد تعرضها لأزمة مالية، وأكدت أنها كانت تعتمد على دوائر مغلقة من المتابعين لترويج هذه المواد.
وتأتي تلك الاعترافات ضمن سلسلة من الاعترافات المتكررة التي تظهر بوضوح كيف يمكن أن يؤدي الاستخدام السيئ للمنصات الرقمية إلى مسارات إجرامية خطيرة.
بدأت الجهات الأمنية في رصد عدد من مقاطع الفيديو المثيرة للجدل على منصة تيك توك، وكانت كلها مرتبطة بحساب يحمل اسم "موكا موكا". بعد متابعة دقيقة وتحليل محتوى الفيديوهات، تبيّن وجود مخالفات واضحة لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، إلى جانب دلالات على التربح من محتوى غير أخلاقي.
التحريات أسفرت عن التوصل لهوية الفتاة، ومكان إقامتها، وتم تجهيز مأمورية لضبطها، حيث تم العثور على أدلة رقمية تدينها، إضافة إلى كمية من المواد المخدرة وأموال نقدية يُشتبه في أنها متحصلة من هذه الأنشطة.
خلال التحقيقات، أشارت "موكا موكا" إلى أن دوافعها بدأت بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها، ما دفعها للبحث عن وسيلة "سريعة" لتحقيق الربح، حتى لو كان ذلك عبر طرق غير شرعية.
وذكرت أنها بدأت بنشر محتويات ترفيهية، ثم لاحظت أن المحتوى الجريء أو المثير للجدل يجذب مشاهدات أكبر وأرباحًا أعلى، ما دفعها لتكثيف هذا النمط من الفيديوهات. كما أنها انخرطت في دوائر مشبوهة على المنصات الرقمية تروج لتجارة المخدرات، ما شجعها على المشاركة في هذا النشاط أيضًا.
بحسب خبراء القانون، فإن العقوبات التي قد تواجهها "موكا موكا" تتنوع بين:
نشر محتوى مخل بالآداب العامة: تصل العقوبة إلى الحبس لمدة عامين أو غرامة مالية كبيرة.
التحريض على الفسق والفجور: وهي من الجرائم التي يعاقب عليها القانون المصري بشدة، وتصل العقوبة إلى الحبس من 3 إلى 5 سنوات.
الاتجار في المواد المخدرة: جريمة جنائية قد تصل العقوبة فيها إلى السجن المشدد لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 سنة، بحسب كمية المضبوطات وطبيعة النشاط.
وقد تواجه المتهمة أيضًا تهمًا متعلقة بغسل الأموال في حال ثبوت استخدام الأموال المتحصلة من تلك الأنشطة في شراء ممتلكات أو تحويلات مالية مشبوهة.
أفادت مصادر قانونية أن التحقيقات لم تتوقف عند المتهمة فقط، بل امتدت لتشمل:
شركاء محتملين في نشر وإنتاج المحتوى المخالف.
المتورطين في عمليات تمويل أو ترويج المخدرات عبر المنصات.
بعض المتابعين أو المشتركين في القنوات المشبوهة الذين قاموا بالدفع مقابل محتوى مخل.
الهدف من ذلك هو تفكيك الشبكات الإلكترونية التي تعمل على استغلال المنصات الاجتماعية لتحقيق أرباح من أنشطة غير قانونية.
تكشف هذه القضية عن حجم الفراغ الرقابي والتوعوي الذي تعاني منه بعض الفئات، خاصة المراهقين والشباب، الذين قد يقعون فريسة لمحتوى موجه يحرض على سلوكيات غير أخلاقية.
كما توضح القضية خطورة:
المكافآت المالية الكبيرة التي تدفعها بعض المنصات بناءً على عدد المشاهدات دون النظر لطبيعة المحتوى.
سهولة الوصول للجمهور دون فلترة أو مراقبة.
استغلال القُصّر في إنتاج أو مشاهدة محتويات ضارة.
يرى عدد من المتخصصين في علم الاجتماع والإعلام أن هناك تقصيرًا واضحًا في التوعية بمخاطر الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، سواء من:
الأسرة: التي تتغافل عن مراقبة سلوك أبنائها الرقمي.
المدرسة: التي لا تقدم توعية كافية بمبادئ الاستخدام الآمن للإنترنت.
وسائل الإعلام: التي تتعامل مع القضايا بعد وقوع الكارثة، دون تقديم محتوى وقائي أو تنبيهي مسبق.
ويشير البعض إلى ضرورة إدخال مادة التربية الرقمية في المناهج التعليمية، لمواكبة ما يحدث على أرض الواقع.
تكشف قضية "موكا موكا" عن مجموعة من الحقائق المهمة:
المكاسب الرقمية السريعة قد تؤدي إلى السقوط السريع.
الشهرة الزائفة على السوشيال ميديا لا تحمي من القانون.
كل ما يُنشر على الإنترنت قد يكون دليلًا قانونيًا ضدك.
المال السهل يأتي غالبًا من طرق خاطئة، ويؤدي لعواقب خطيرة.
لم تعد قضايا مثل قضية "موكا موكا" مجرد حوادث فردية، بل أصبحت ظاهرة تستدعي المواجهة الشاملة، من خلال:
تشديد الرقابة على المحتوى الرقمي.
إصدار تشريعات أسرع وأكثر صرامة.
تكثيف حملات التوعية والتربية الإعلامية.
إشراك الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية والثقافية في المواجهة.
وفي ظل التطور التكنولوجي السريع، تبقى المسؤولية المجتمعية والوعي القانوني والأخلاقي هي السبيل الوحيد لضمان ألا تتحول المنصات الرقمية إلى بيئة خصبة للجريمة والتنمر والانحراف.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt