تدور في أذهان كثيرين أسئلة متكررة حول مصير أموال التبرعات التي يتم تقديمها للجمعيات الخيرية، خاصة في حال رغبة المتبرع لاحقًا في استردادها لأي سبب كان. هذا السؤال أصبح محل جدل واسع خلال السنوات الأخيرة مع تنوع طرق التبرع ما بين مباشرة أو إلكترونية، ومع ظهور حالات فردية يسأل فيها المتبرعون عن حقهم في استرجاع ما دفعوه.
مؤخرًا، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية حاسمة حول هذا الموضوع، لتضع حدًا للجدل القائم وتوضح الحكم الشرعي والقانوني الخاص بالتبرعات والجمعيات الخيرية.
التبرع في الشريعة الإسلامية يُعد نوعًا من الهبة التي يقدمها الشخص طواعية بقصد نفع الغير وطلب الأجر والثواب من الله، دون إلزام قانوني على الطرف الآخر.
وعندما يوجه المتبرع ماله إلى جهة معينة مثل جمعية خيرية أو مسجد أو مستشفى، يتم اعتبار هذا المال مخصصًا لما يسمى "وقفًا مؤقتًا" أو "هبة مشروطة" بحسب نية المتبرع.
لكن في الغالب، بمجرد تسليم المال وتسجيله ضمن حسابات الجمعية، يصبح المال في حكم ملكيتها الشرعية.
وفق ما أوضحته دار الإفتاء المصرية، القاعدة العامة هي:
إذا تم تسليم التبرع وقُبِلَ بالفعل من الجمعية الخيرية، فلا يجوز شرعًا الرجوع فيه أو المطالبة باسترداده.
التبرع بعد تسلمه يدخل ضمن أموال الجمعية المخصصة لأوجه الخير التي تعمل عليها مثل: كفالة الأيتام، بناء المستشفيات، توزيع المساعدات.
المال يُعتبر "مال صدقة"، ومن الناحية الشرعية لا يجوز استرجاع الصدقة بعد إخراجها إلا إذا ثبت أنها لم تُستخدم في الغرض المعلن عنه.
نعم، دار الإفتاء أشارت إلى أنه في حالات معينة يمكن للمتبرع استرداد ما دفعه، بشرطين:
أن تكون الجمعية قد حصلت على المال ولم تبدأ في صرفه على الأنشطة الخيرية بعد.
أو أن يُثبت المتبرع أن الجمعية استخدمت المال في غير الوجه المعلن عنه، كأن يتم تحويله إلى مشروعات خاصة غير مرتبطة بالنشاط الخيري.
في هذه الحالة يصبح الاسترجاع جائزة شرعًا، ويخضع أيضًا للأحكام القانونية المعمول بها.
من الناحية القانونية:
الجمعيات الخيرية تسجل كل التبرعات ضمن ميزانيتها السنوية.
بمجرد إدخال التبرع في حساباتها وصدور إيصال به، يصبح جزءًا من ذمتها المالية ولا يمكن استرجاعه.
استرداد التبرع يعتبر مسألة مدنية يتم النظر فيها أمام القضاء فقط إذا ثبت وجود احتيال أو عدم شفافية في استخدام الأموال.
التبرع لجهة خيرية يتم بقصد وجه الله والخدمة العامة ولا يرتبط غالبًا بمصلحة خاصة.
الهبة قد تكون لشخص محدد أو جهة خاصة، ويمكن في بعض الأحوال الرجوع عنها إذا لم يتم تسليمها أو قبضها.
دار الإفتاء أكدت على مجموعة من الإرشادات المهمة:
التأكد من جهة التبرع، سواء كانت مرخصة ومعتمدة رسميًا.
مراجعة الأنشطة المعلنة للجمعية وأوجه الإنفاق.
الاحتفاظ بإيصال التبرع لتوثيق العملية ماليًا وقانونيًا.
تحديد النية بوضوح، سواء كان التبرع مطلقًا أو مشروطًا بمشروع معين.
التبرع للجمعيات الخيرية لا يجوز استرداده بعد تمامه وقبوله إلا في حالات محددة مثل سوء الاستخدام.
يُنصح بالتدقيق قبل التبرع والاختيار الواعي للجهات الخيرية.
لا يوجد حق قانوني ثابت لاسترجاع التبرعات بمجرد تسجيلها رسميًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
